الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( 5 ) الإسلام دين القلب والوجدان والضمير :

                          قال الفيومي في المصباح : ضمير الإنسان قلبه وباطنه ، وقال : والقلب من الفؤاد معروف - يعني أنه ضميره ووجدانه الباطن ( قال ) : ويطلق على العقل اهـ . وقد شرحنا معناه هذا وطريق استعماله في تفسير آية الأعراف وقد ذكر في القرآن الكريم في مائة آية وبضع عشرة آية .

                          منها قوله تعالى في سورة ق : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( 50 : 37 ) وقوله في سورة الشعراء : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( 26 : 88 ، 89 ) ومدحه لخليله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بقوله ( إذ جاء ربه بقلب ) ( 37 : 84 ) وقوله حكاية عنه ( ولكن ليطمئن قلبي ) ( 2 : 26 ) وقوله في صفة المؤمنين : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ( 13 : 28 ) [ ص: 207 ] وقوله في صفات الذين اتبعوا عيسى عليه السلام : ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ) ( 57 : 72 ) ووصف قلوب المؤمنين بالخشوع والإخبات لله وتمحيصها من الشوائب ، وقلوب الكفار والمنافقين بالرجس والمرض والقسوة والزيغ . وعبر عن فقدها للاستعداد للحق والخير بالطبع والختم والرين عليها ، أي أنها كالمختوم عليه فلا يدخله شيء جديد .

                          وإذ كان الإسلام دين العقل والبرهان ، وحرية الضمير والوجدان ، منع ما كان عليه النصارى وغيرهم من الإكراه في الدين والإجبار عليه والفتنة والاضطهاد لمخالفيهم فيه ، والآيات في ذلك كثيرة بيناها في محلها ، ومن دلائلها ذم القرآن للتقليد وتضليل أهله .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية