الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السادس : في الكتاب : إذا باعها ، فقطع ولا مال ، فلربها أخذ قيمتها من المبتاع ; لأنها عين ماله ، ويتبع المبتاع السارق بالثمن ، وإن توالدت الغنم عند المبتاع ، ( أخذها مع أولادها ، فإن هلكت عند المبتاع ) بسببه ، أو باعها ، غرم قيمتها ، أو بأمر سماوي ، فلا شيء عليه ; لعدم العمد . وإن سرقه ; فصبغه ثم قطع معدما ، أعطيته قيمة الصبغ ، [ ص: 192 ] وأخذت ثوبك ، وإن امتنعت ، بيع وأخذت عن الثوب قيمته يوم السرقة ، والفاضل له وإن عجز عن الثمن لم يتبع لعدمه ، فإن عمله بظهارة تحته فلك أخذه مقطوعا ، كما لو سرق خشبة وبنى عليها ; لأنه عرض البناء للفساد ، فإن أبيت من أخذه مقطوعا ، وهو عديم ، فعلى ما تقدم في الصبغ . وإن طحن الحنطة سويقا ولته ، ثم قطع ولا مال له غيرها ، وامتنعت من أخذ السويق فكما تقدم في الصبغ : يباع ويشترى لك من ثمنه مثل حنطتك ; لأنها من ذوات الأمثال ، بخلاف الثوب . وإن عمل الفضة حليا ، أو دراهم ، وقطع ، ولا مال له غيرها ، فليس لك إلا وزن فضتك ; لأنك إن أخذتها بغير شيء ، ظلمته ، فإن أخذها ودفع أجر الصياغة ، فهو فضة بفضة وزيادة . وإن عمل النحاس قمقما ، فعليه مثل وزنه ، ولأنه مثلي . قال ابن يونس : قال محمد : إن أهلكها المبتاع ، فعليه قيمتها ، ويرجع على السارق بالأقل مما يدفع لصاحبها أو الثمن ، وإن كان المشتري عديما اتبعه في الذمة ، فإن أيسر السارق قبله ، رجعت عليه بالأقل من القيمة يوم أهلكها المشتري ، أو الثمن ، أو قيمتها يوم سرقها ، فإن كانت قيمته يوم الأكل أكثر ، رجع على السارق ; لأنه غريم الغريم للمشتري ، وانظر إن أكلها وقيمتها يوم الأكل مثل الثمن ، وقيمتها يوم السرقة أقل ، لم يأخذ من السارق الثمن ; لأنه غريم غريمه ، وهو لو أخذ قيمتها من المشتري ، فإن له على السارق الثمن . وفي الموازية : إن كان للسارق غرماء في مسألة الصبغ ، فهم أحق بالثمن من صاحب الثوب ، إلا أن يفضل منه شيء ; لأنه أسلمه وفات بالبيع ، وليس لربه نقض بيعه ولا أخذ ثمنه ; لأنه بعد إسلامه بيع ، وليس له هو ثمن سرقته بعينها ، فإن قام فوجده مصبوغا ، فله [ ص: 193 ] أخذه ودفعه له قيمة الصبغ ، ( قاله ابن القاسم ) . وعنه : لا يأخذه بحال ; لأن ذلك فوت ، وخيره أشهب بين القيمة يوم السرقة يأخذها ، أو يدفع قيمة الصبغ ، ويأخذ ثوبه ، أو يكون شريكا بقيمته أبيض . وعنه : يأخذه مصبوغا ولا شيء عليه في الصبغ . وإن غصب دارا فبيضها والسويق الملتوث ، والخشبة تعمل بابا ، الفرق بينهما وبين الثوب يصبغ : أن الثوب قائم بعينه . وعن أشهب في النحاس يعمل قمقما ، يخير ربه في أخذ القمقم ، وإعطاء قيمة الصنعة ، أو يغرمه مثل وزنه نحاسا . قال سحنون : كل ما غير حتى صار له اسم غير اسمه ، ليس لربه أخذه ، بل قيمته أو مثله في المثليات . وقال عبد الملك في الفضة تعمل حليا ، أو النحاس آنية ، أو الثوب يصبغ أو يجعل ظهارة لجبة ، أو الخشبة بابا ، أو الحنطة تطحن وكل ما أثر فيه ، ولا يقدر على أخذ صنعته ، إلا بالشركة ، فلربه أخذه بالصنعة بغير غرم ، نقصه ذلك أو زاده ; لقوله - عليه السلام - : ( ليس لعرق ظالم حق ) ، أو يضمنه القيمة ، وكذلك الغصب . وإن سرق عصفرا لرجل ، وثوبا لآخر وصبغه بذلك ، لم يقطع وله مال يوم السرقة لزمه قيمة الثوب ، ومثل العصفر ، وإن لم يكن له مال تحاصصا في ثمنها ، هذا بقيمة ثوبه ، والآخر بقيمة العصفر . والفرق عند ابن القاسم بين صبغ الثوب وبين النحاس قمقما : أن الثوب ليس مثليا ، ومثل النحاس يقوم مقامه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية