الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الركن الثاني : المجني عليه . في الجواهر : وشرط ضمانه بالقصاص : أن يكون معصوما ، والعصمة بالإسلام ، والحرية ، والأمان ، فإن الحربي والمرتد يهدر الدم ، وكذلك الزنديق والزاني المحصن ، أما المستحق في قصاص فدم قاتله لأولياء المقتول ، وعلى أولياء المقتول آخرا إرضاؤهم ، وبعد ذلك شأنهم في قاتل وليهم بالقتل أو العفو ، فإن لم يرضوهم فللأولين فقتله أو العفو ، ولهم عدم الرضا بالدية أو أكثر منها ، وعن ابن عبد الحكم : لا دية لولي الأول ولا قود كما لو مات القاتل ; فإن كان الثاني خطأ ، جرى الخلاف ، أما من فقأ عين رجل وفقأ آخر عينه ، ثم مات الفاقئ الثاني ، فلا شيء للأول لتعذر المحل ، فإن قطعت يده من منكبه ثم قطعت من الكف ، فللأول قطع كف قاطع قاطعه ، أو يقطع من المنكب ففيه يد قاطعه لأنه بقية حقه .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في النوادر : قال سحنون : إن قطع الذمي يد معاهد في دار الإسلام ولحق بأرض الحرب ناقضا للعهد ، فمات من الجرح ، فلوليه القصاص في الجراح دون القتل ; لأنه بعد العصمة ، فإن أمنه الإمام فمات فلا قود ; لأنه سقط بنقض العهد [ ص: 278 ] فلا يعود بالأمان ، وعنه : إن حلفوا : لمات من الجرح ، فديته في مال الجاني ، عند أشهب : يقتل بأيمانهم نظرا ليوم الموت ، وإن قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ومات ، فغير أشهب يرى للولي قطع اليد ، وليس لهم القسامة لمات من ذلك ، ويقتلون ، ولهم القسامة لأخذ الدية ، وفي القول الآخر ، يقسمون ويقتلون ، وإن اصطلحوا على الدية فدية مسلم ; لأنه وقت الضرب ، وإن قطع مسلم يد نصراني فأسلم فمات من جرحه : فلورثته - إن كانوا مسلمين - أن يقسموا لمات من جرحه ويأخذوا دية مسلم ، وإن جرح مسلم أو حربي معاهدا فلحق بدار الحرب وسباه المسلمون ، ومات من جرحه ، فلا قود فيه على الذمي في النفس ، واقتص منه في الجرح ، وديته نصف دية نصراني فيأ للمسلمين ، قاله عمر بن عبد الرحمن ، وقيل : دية يد لورثته ، فإن أسلم بعد حصوله في يد من صار له ثم مات عبدا ، فلا قصاص على الذمي في النفس ; لأنه مات عبدا وللوارث القصاص في اليد .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : إن قال : أحد عبدي حر ، فقتلهم أو أحدهم رجل قبل أن يسأل السيد من أراد ، وقال السيد : الآن أردت المقتول ; لا يصدق في أخذ الدية ، وإنما له قيمة عبده ، ويصدق أنه أراد الباقي مع يمينه ، قال ابن القاسم : إن قال : لم تكن لي نية في واحد بعينه ; عتق الباقي ، وله في المقتول قيمة عبد ، وإن قال ذلك في وصيته ومات فلهما حكم العبيد إن قتلا حتى ينفذا من الثلث .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم وأشهب : عقل المرتد في العمد والخطأ عقل [ . . . . ] [ ص: 279 ] في النفس والجرح ، رجع إلى السلام أم لا ; لأنهم أقل الكفار عقلا ، وأنكره سحنون ، وقال أشهب : عقل الدين الذي ارتد إليه ، وإن قتل زنديقا فلا قصاص ولا دية ، قال ابن القاسم ; لأنه قتل لا بد منه ، بخلاف المرتد ، وإن قتل المرتد مسلما خطأ : فالدية من بيت المال ; لأن المسلمين يرثونه ، أو عمدا فلا شيء في ماله ، وإن قتل المرتد نصرانيا أو جرحه ، اقتص منه ، كقتل الكافر بالمسلم ، وإن جرح مسلما لم يقتص منه ، أو قتل مسلما قتل به ، وإن جرح المرتد أو قتل ثم رجع إلى الإسلام ، فإن كان قتل نصرانيا لم يقتل به ، أو حرا مسلما اقتص منه .

                                                                                                                تنبيه : ثم المجني عليه قد تكون نفسا تامة ، أو جنينا ، أو عضوا ، أو منفعة ، أو هما معا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية