الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وانفراد الإمام على الدكان ) للنهي ، وقدر الارتفاع بذراع ، ولا بأس بما دونه ، وقيل ما يقع به الامتياز وهو الأوجه ذكره الكمال وغيره ( وكره عكسه ) في الأصح وهذا كله ( عند عدم العذر ) كجمعة وعيد ، فلو قاموا على الرفوف والإمام على الأرض [ ص: 647 ] أو في المحراب لضيق المكان لم يكره لو كان معه بعض القوم في الأصح ، وبه جرت العادة في جوامع المسلمين ومن العذر إرادة التعليم أو التبليغ كما بسط في البحر وقدمنا كراهة القيام في صف خلف صف فيه فرجة للنهي ، وكذا القيام منفردا وإن لم يجد فرجة بل يجذب أحدا من الصف ذكره ابن الكمال ، لكن قالوا في زماننا تركه أولى ، فلذا قال في البحر : يكره وحده إلا إذا لم يجد فرجة

التالي السابق


( قوله للنهي ) وهو ما أخرجه الحاكم { أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه } ، وعللوه بأنه تشبه بأهل الكتاب ، فإنهم يتخذون لإمامهم دكانا بحر ، وهذا التعليل يقتضي أنها تنزيهية ، والحديث يقتضي أنها تحريمية ، إلا أن يوجد صارف تأمل رملي .

قلت : لعل الصارف تعليل النهي بما ذكر تأمل ( قوله وقيل إلخ ) هو ظاهر الرواية كما في البدائع . قال في البحر والحاصل أن التصحيح قد اختلف والأولى العمل بظاهر الرواية وإطلاق الحديث ا هـ وكذا رجحه في الحلية ( قوله في الأصح ) وهو ظاهر الرواية لأنه وإن لم يكن فيه تشبه بأهل الكتاب لكن فيه ازدراء بالإمام حيث ارتفع كل الجماعة فوقه ، أفاده في شرح المنية ، وكأن الشارح أخذ التصحيح تبعا للدرر من قول البدائع : جواب ظاهر الرواية أقرب إلى الصواب ، ومقابله قول الطحاوي بعدم الكراهة لعدم التشبه ، ومشى عليه في الخانية قائلا : وعليه عامة المشايخ قال ط : ولعل الكراهة تنزيهية لأن النهي ورد في الأول فقط ( قوله وهذا كله ) أي الكراهة في المسائل الثلاث لا كما يتوهم من ظاهر كلام المصنف من قوله عند عدم العذر قيد لقوله وكره عكسه فقط فافهم ( قوله كجمعة وعيد ) مثال للعذر ، وهو على تقدير مضاف : أي كزحمة جمعة وعيد ( قوله فلو قاموا إلخ ) تفريع على عدم الكراهة عند العذر في جمعة وعيد . قال في المعراج : وذكر شيخ الإسلام إنما يكره هذا إذا لم يكن من عذر ، أما إذا كان فلا يكره كما في الجمعة إذا كان القوم على الرف ، وبعضهم على الأرض لضيق المكان . وحكى [ ص: 647 ] الحلواني عن أبي الليث : لا يكره وقيام الإمام في الطاق عند الضرورة بأن ضاق المسجد على القوم . ا هـ . وبه علم أن قوله والإمام على الأرض أي ومعه بعض القوم ( قوله كما لو كان إلخ ) محترز قوله وانفراد الإمام على الدكان قال في البحر : قيد بالانفراد لأنه لو كان بعض القوم مع الإمام ، قيل يكره والأصح لا وبه جرت العادة في جوامع المسلمين في أغلب الأمصار ، كذا في المحيط ا هـ وظاهره أنه لا يكره ولو بلا عذر وإلا كان داخلا فيما قبله تأمل . ( قوله ومن العذر إلخ ) أي في الانفراد في مكان مرتفع ، وهذا حكاه في البحر تبعا للحلية مذهبا للشافعي وأنه قيل إنه رواية عن أبي حنيفة .

قلت : لكن في المعراج ما نصه : وبقولنا قال الشافعي رحمه الله تعالى إلا إذا أراد الإمام تعليم القوم أفعال الصلاة أو أراد المأموم تبليغ القوم فحينئذ لا يكره عندنا ا هـ وبه علم أنه كما يكره انفراد الإمام في مكان عال بلا عذر يكره انفراد المأموم وإن وجدت طائفة مع الإمام فافهم ( قوله وقدمنا إلخ ) أي في باب الإمامة عند قوله ويصف الرجال حيث قال : ولو صلى على رفوف المسجد إن وجد في صحنه مكانا كره كقيامه في صف خلف صف فيه فرجة ا هـ ولعله يشير بذلك إلى أنه لولا العذر المذكور كان انفراد المأموم مكروها ( قوله لكن قالوا إلخ ) القائل صاحب القنية فإنه عزا إلى بعض الكتب أتى جماعة ولم يجد في الصف فرجة قيل يقوم وحده ويعذر ، وقيل يجذب واحدا من الصف إلى نفسه فيقف بجنبه . والأصح ما روى هشام عن محمد أنه ينتظر إلى الركوع ، فإن جاء رجل وإلا جذب إليه رجلا أو دخل في الصف ، ثم قال في القنية : والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل على العوام فإذا جره تفسد صلاته ا هـ قال في الخزائن قلت : وينبغي التفويض إلى رأي المبتلى ، فإن رأى من لا يتأذى لدين أو صداقة زاحمه أو عالما جذبه وإلا انفرد . ا هـ . قلت : وهو توفيق حسن اختاره ابن وهبان في شرح منظومته ( قوله فلذا قال إلخ ) أي فلم يذكر الجذب لما مر




الخدمات العلمية