الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا ترك الرجل عبدين يساوي كل واحد منهما ألفي درهم ، وقد أعتقهما في مرضه ، ولا مال له غيرهما ثم قتل عمدا ، وله ثلاثة بنين فعفا أحدهم عن الجناية فعلى القاتل ثلثا الدية ، والعتيق من العبدين ثلاثة عشر ألفا وستمائة وستة وثلاثون ; لأن جملة مال الميت هذا المقدار وهو رقبتهما مع ثلثي الدية فيسلم لهما الثلث بطريق الوصية ، وذلك ثلثمائة وخمسمائة وخمسة وخمسون وخمسة أتساع فعليهما السعاية [ ص: 131 ] فيما بقي من قيمتهما ، وذلك أربعمائة وأربعة وأربعون وأربعة أتساع فإذا أديا ضم ذلك إلى ثلثي الدية ، ويقسم ذلك على اثنين وثلاثين سهما أربعة منها للعافي والباقي للآخرين ; لأنه لو يكن هاهنا وصية لكان جميع التركة بينهم على هذه السهام فإن مقدار أربعة آلاف ، وهو قيمة العبدين بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ألف وثلث ألف فإذا جعلت كل ألف على ثلاثة أسهم كان ذلك بينهم على اثني عشر سهما ، وثلثي الدية إذا جعلت كل ألف على ثلاثة يكون عشرين سهما فيكون حق العافي أربعة أسهم ، وحق كل واحد من الآخرين أربعة عشر سهما فكذلك بعد تنفيذ الوصية يضرب كل واحد منهم في الباقي بجميع حقه فتكون القسمة على اثنين وثلاثين سهما للعافي أربعة ، ولكل واحد من الآخرين أربعة عشر فإذا مات أحد العبدين قبل أن يؤدي شيئا عتق من رقبة الباقي منهما خمس ثمانية آلاف وثلثا ألف فيسعى فيما بقي ; لأن الميت منهم مستوف لوصيته ، وقد توى ما عليه من السعاية فإنما يعتبر في الحال رقبة الباقي مع ثلثي الدية ، وحق الباقي منهما في نصف الثلث وحق الورثة في الثلثين فيكون ذلك بينهم على خمسة أسهم خمسة للعافي وأربعة للورثة فقد انكسر الألف بالأثلاث والأخماس فتضرب ثلاثة في خمسة فيكون خمسة عشر ثم تضرب ثمانية وثلاثين في خمسة عشر فيكون مائة وثلاثين للباقي خمس ذلك ، وذلك ستة وعشرون .

وإذا سلم له بالوصية هذا المقدار تبين أن السالم للميت مثل ذلك ، وأن جميع المال مائة وستة وخمسون نفذنا الوصية للعبدين في اثنين وخمسين لكل واحد منهما في ستة وعشرين ، وحصل للورثة مائة وأربعة فاستقام الثلث والثلثان ثم تقسم الديون من السعاية وثلثي الدية على اثنين وخمسين سهما للعافي منهم ستة أسهم ، والباقي للآخرين فهذا طريق الاختصار ، واعتبره محمد رحمه الله فأما على طريق البسط الذي بينا فنقول لو لم يكن هاهنا وصية لكان جملة المال مائة وستة وخمسين مقسوم بينهم فأما مائة سهم من ذلك فهو بينهما ، وثلثا الدية بين الذين لم يعفوا ستة وخمسين هذا للعبد الباقي ، وما جبي من العبد الميت فيكون بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ثمانية عشر وثلثان انكسر بالأثلاث فاضرب ستة وخمسين في ثلاثة فيصير مائة وثمانية وستين وسهام ثلثي الورثة فيصير ثلثمائة فتكون جملته أربعمائة وثمانية وستين للذي عفا ستة وخمسون ، وللآخرين لكل واحد منهما مائتا سهم وستة أسهم فكذلك بعد تنفيذ الوصية تكون القسمة بينهم على هذا ، ولكنه اعتبر طريق الإيجاز فقال لما وجب قسمة ثمانية آلاف وثلثي ألفين بين الباقي والورثة على خمسة تضرب ثمانية وثلاثين في خمسة فتكون [ ص: 132 ] خمسة وأربعين ، وثلث الباقي خمس ذلك ، وهو ثمانية وثلثان ، ويسلم للميت مثل ذلك من رقبته إذا ضممته إلى هذا تكون الجملة اثنين وخمسين فلو لم يكن هاهنا وصية لكان مقدار ثلثي الدية ، وذلك ستة وثلثان ضربته في خمسة فتكون ثلاثة وثلاثين وثلثا بين الذين لم يعفوا نصفين وما بقي ، وذلك ثمانية عشر وثلثان بينهم أثلاثا لكل واحد منهما ستة وتسعون فكذلك بعد تنفيذ الوصية يقسم ما بقي بينهم على هذه السهام حق العافي في ستة أسهم ويسعى في سهم ، وحق الآخرين في خمسة وأربعين سهما وسبعة أتساع سهم بينهما نصفان فتكون القسمة على هذا ، ومعرفة ذلك من حيث الدراهم سهل إذا تأملته .

التالي السابق


الخدمات العلمية