الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن رجلا ترك ابنين وامرأة فاقتسموا ماله ثم أقر الابنان جميعا بامرأة للميت ، وكذبتهما المرأة فإنها تأخذ من الابنين سهما من خمسة عشر ; لأنهما أقرا أن الميت ترك ابنين وامرأتين فتكون القسمة من ستة عشر لكل امرأة سهم ، ولكل ابن سبعة ، وما أخذته المعروفة زيادة على حقها فإنما أخذت ذلك المعروف ، ولا يغرم الابنان شيئا من ذلك ، ولكن يقسم ما في يدهما بينهما ، وبين المقر لهذا هي تضرب بسهم ، وكل واحد منهما بسبعة فلهذا أخذت منهما سهما من خمسة عشر بينهم .

ولو لم يترك إلا ابنين فاقتسما المال ثم أقر أحد الابنين بامرأة ، وأنكرها الآخر أخذت تسعى ما في يده ; لأنه يزعم أن الميت خلف امرأة وابنين ، وأن لها سهمين من ستة عشر ، ولكل ابن سبعة فهي تضرب فيما في يده بسهمين ، وهو بسبعة فلهذا أخذت تسعى ما في يده فإن وقع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى ، وصدقه فيها أخوه ، وتكاذبت المرأتان فيما بينهما فإنهما يأخذان مما في يد المقر بهما جزءا من [ ص: 199 ] أربعة عشر جزءا وثمن جزء مما في يده فيجمع ذلك إلى ما في يد الابن الآخر ، ويقاسمه على تسعة أسهم لها سهمان ، وله سبعة في قول أبي يوسف ، وقال محمد رحمه الله عليهما أخذ منه جزءا من خمسة عشر جزءا مما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الآخر ، ويقاسمه أتساعا فأما تخريج قول أبي يوسف ، وهو أن في زعم المقر أن حق الثانية في نصف ثمن ما في يديه ، وذلك سهم من ستة عشر جزءا ، وحق الأول في مثل ذلك إلا أن ما دفع إلى الأول زيادة على حقها كان بقضاء القاضي ، ولا يكون مضمونا عليه فإذا أخذت الثانية سهما من ستة عشر يبقى هناك خمسة عشر بين المقر وبين الأولى للمقر سبعة ، وللأولى سهم فظهر أن حق الأول كان في ثمن خمسة عشر سهما ، وسبعة أثمان فإن ثمن ثمانية واحد ، وثمن سبعة سبعة أثمان فإذا رفعت من خمسة عشر سهما وسبعة أثمان يبقى عشر وثمن ، هذا حق المقر فيضرب فيما بقي في يده بثلاثة عشر وثمن والثانية بسهم واحد فيصير ما بقي في يده بينهما على أربعة عشر جزءا وثمن جزء ، وقد انكسر بالأثمان فالسبيل أن يضرب أربعة عشر وثمنا في ثمانية فيكون ذلك مائة وثلاثة عشر كان حق الثانية في سهم ضربته في ثمانية فذلك ثمانية فهو لها فإذا أخذت ذلك ضمت إلى ما في يد الابن الآخر ، وتقاسمه على تسعة أسهم ; لأن الابن الآخر يزعم أن الميت خلف ابنين ، وامرأة فيكون لها سهمان من ستة عشر ، ولكل ابن سبعة فلهذا يقسم ما في يده على تسعة أسهم لها سهمان ، وله سبعة ، وأما على قول محمد رحمه الله يأخذ منه جزءا من خمسة عشر جزءا مما في يده فيضمه إلى ما في يد الآخر فيقاسمه أتساعا ; لأنه لو أقر مما في يد شريكي ، وهو يقربك فإنما تضرب فيما في يدي بنصف سهم ، وأنا بسبعة فانكسر بالإنصاف فيضعفه فيصير حقها سهما ، وحق المقر أربعة عشر فلهذا أخذت منه جزءا من خمسة عشر جزءا فضمت إلى ما في يد الابن فيقاسمه أتساعا .

ولو كان دفع إلى الأول نصيبه بغير قضاء أخذت الأخرى منه نصف ثمن نصيبه ; لأنه قد أقر أن حقها في نصف ثمن المال ، وفي يده جزء من المال ، وما دفع إلى الأخرى زيادة على حقه إنما دفع بغير قضاء فيكون محسوبا عليه ، ويجعل كالقائم في يده فيعطي الثانية كمال حقها مما في يده ، وذلك نصف الثمن فيضمه إلى الآخر ، ويقاسمه أتساعا لما بينا .

ولو تصادقت المرأتان فيما بينهما أخذت المرأة المجمع عليها من الابن الذي أقر بها وحدها ثمن ما في يده ; لأنه أقر أن حقها في ثمن المال ، وفي يده جزء من [ ص: 200 ] المال فيدفع ثمن ذلك إليها بحكم إقراره ثم يضمه إلى ما في يد المقر بهما ، ويقسم ذلك بينه وبين المرأتين على تسعة أسهم للمرأتين سهمان ، وللابن سبعة ; لأنهم اتفقوا فيما بينهم على أن الميت خلف ابنين ، وامرأتين ، والقسمة من ستة عشر للمرأتين سهمان ، ولكل ابن سبعة فيجعل ما في أيديهم مقسوما بينهم على هذا للابن سبعة ، ولكل امرأة سهم

التالي السابق


الخدمات العلمية