الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5933 6291 - حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله قال: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله. قلت: أما والله لآتين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته وهو في ملأ فساررته، فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: "رحمة الله على موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 11 \ 83]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجل أن يحزنه".

                                                                                                                                                                                                                              وحديث شقيق، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله. قلت: أما والله لآتين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته وهو في ملأ فساررته، فغضب.. الحديث، وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("أجل أن يحزنه") أي: (من أجل) هو إخبار منه - عليه السلام - عن السبب في ذلك، وهو أن الواحد إذا بقي فردا وتناجوا دونه حزن لذلك إذ لم يسارروه فيها; ولأنه قد يقع في نفسه أن سرهم في مضرته.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 150 ] وفي "جامع المختصر": نهى أن يتركوا واحدا اجتناب سوء الظن والحسد والكذب.

                                                                                                                                                                                                                              قال الخطابي: ابن حرب يقول: إنما يكره ذلك في السفر; لأنه مظنة التهمة، فيخاف الثالث أن يكونا قد ساقا إليه غائلة أو مكروها، بخلاف أن يخص جماعة وأما مناجاة جماعة دون جماعة، فالجماعة على جوازه; لأن الناس معه يشركونه فيما أسر عنهم فيزول الحزن، وفي بعض نسخ ابن (الجلاب)، وكذلك يكره أن يتناجى جماعة دون جماعة، وفي بعضها: لا بأس به.

                                                                                                                                                                                                                              وعن مالك: لا ينبغي ذلك، وحديث فاطمة السالف دال على جوازه، وقيل: إذا (ساررا) دون واحد بإذنه فلا بأس، وقد سلف في الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وروى مالك عن عبد الله بن دينار قال: كان ابن عمر إذا أراد أن يسارر رجلا -وكانوا ثلاثة- دعا رابعا ثم قال لاثنين: استأخرا شيئا، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يتناجى اثنان دون واحد". وناجى صاحبه. فإذا كانوا أكثر من ثلاثة بواحد جازت، وكلما كثرت الجماعة كان أحسن وأبعد من التهمة والظنة، ألا ترى ابن مسعود سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو في ملأ من الناس وأخبره بقول القائل.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 151 ] وروى أشهب عن مالك أنه قال: لا يتناجى ثلاثة دون واحد; لأنه قد نهي أن يترك واحد، قال: ولا أرى ذلك، ولو كانوا عشرة (لم) يتركوا واحدا.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا القول يستنبط من هذا الحديث; لأن المعنى في ترك الجماعة للواحد كترك الاثنين له. وهو ما جاء في الحديث: "حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه". وهذا كله من حسن الأدب وكرم الأخلاق; لئلا يتباغض المؤمنون ويتدابروا، كما سلف




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية