الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6043 6406 - حدثنا زهير بن حرب، حدثنا ابن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده". [6682، 7563 - مسلم: 2694 - فتح: 11 \ 206]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال: سبحان الله وبحمده. في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة أيضا: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث يأتي خاتمة "الصحيح"، ومعنى التسبيح في لغة العرب: التنزيه مما نسب إليه، مما لا ينبغي، من صاحبة وولد وشريك.

                                                                                                                                                                                                                              قال وهب بن منبه: ما من عبد يقول: سبحان الله وبحمده إلا قال الله تبارك وتعالى: "صدق عبدي سبحاني وبحمدي" فإن سأل أعطي ما يسأل، وإن سكت غفر له ما لا يحصى.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 365 ] وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الملائكة التسبيح، فأهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، وأهل السماء الثانية قيام إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي العزة والجبروت، وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت".

                                                                                                                                                                                                                              وروى الليث، عن ابن عجلان قال: جئت إلى القعقاع بن حكيم في السحر أسأله فلم يجبني، فلما فرغ قال: هذه الساعة يوكل الله الملائكة بالناس، يقولون): سبحان الملك القدوس. وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: والباقيات الصالحات [الكهف: 46] سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهو قول سعيد بن المسيب، ومجاهد.

                                                                                                                                                                                                                              فإن قلت: هل ينوب شيء عن تكرار التسبيح والتحميد؟ قيل: قد روي عن صفية - رضي الله عنها - قالت: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أسبح بأربعة آلاف نواة فقال: "لقد قلت كلمة هي أفضل من تسبيحك" قلت: وما قلت؟ قال: قلت: "سبحان الله عدد ما خلق".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 366 ] وعن كريب، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على جويرية في مصلاها باكرا تسبح وتذكر الله، فمضى لحاجته، ورجع إليها بعد ما ارتفع النهار، فقال لها: "ما زلت في مكانك هذا؟ " قالت: نعم، فقال - عليه السلام -: (لقد تكلمت بكلمات لو وزنت بما قلت لرجحت: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، والحمد لله مثل ذلك".

                                                                                                                                                                                                                              وقال بعضهم: هذه الفضائل التي جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر له" وما شاكلها، إنما هي لأهل الشرف في الدين، والكمال والطهارة من الجرائم العظام، ولا يظن أن من فعل هذا، وأصر على ما شاء من شهواته وانتهك دين الله وحرماته، أنه يلحق السابقين المطهرين، وينال منزلتهم في ذلك بحكاية أحرف ليس معها تقى ولا إخلاص ولا عمل، ما أظلمه لنفسه من تأول دين الله على هواه!




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية