الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 284 ] 5383 - حدثنا الحسين بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان الزبير يضرب له في الغنم بأربعة أسهم ، سهمين لفرسه ، وسهما لذي القربى .

                                                        فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطى الزبير بن العوام لقرابته منه ، من سهم ذوي القربى ، والزبير ليس من بني هاشم ، ولا بني المطلب ، وقد جعله فيما أعطاه من ذلك كبني هاشم ، وبني المطلب ، دل ذلك أن ذوي القربى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، ومن سواهم من ذوي قرابته .

                                                        فإن قال قائل : إن الزبير ، وإن لم يكن من بني هاشم ، فإن أمه منهم ، وهي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم ، فبهذا أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ، فقام عنده بموضعه منه بأمه مقام غيره من بني هاشم .

                                                        قيل له : لو كان ما وصفت كما ذكرت ، إذا لأعطى من سواه من غير بني هاشم ، ممن أمه من بني هاشم ، وقد كان بحضرته من غير بني هاشم ، ممن أمهاتهم هاشميات ، ممن هو أمس برسول الله صلى الله عليه وسلم بنسب أمه رحما ، من الزبير ، منهم أمامة ابنة أبي العاص بن الربيع ، وقد حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعطها شيئا من سهم ذوي القربى إذ حرم بني أمية ، وهي من بني أمية ، ولم يعطها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمها الهاشمية ، وهي زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها .

                                                        وحرم أيضا جعدة بن هبيرة المخزومي ، فلم يعطه شيئا ، وأمه أم هانئ ابنة أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم فلم يعطه بأمه شيئا ، إذ كانت من بني هاشم .

                                                        فدل ذلك أن المعنى الذي أعطى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام ما أعطاه من سهم ذوي القربى ، ليس لقرابته لأمه ، ولكنه لمعنى غير ذلك .

                                                        فثبت بما ذكرنا أن ذوي القربى لرسول الله صلى الله عليه وسلم هم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، ومن سواهم ، ممن هو له قرابة من غير بني هاشم ، ومن غير بني المطلب .

                                                        وقد أمر الله عز وجل رسوله في غير هذه الآية : وأنذر عشيرتك الأقربين فلم يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنذارة بني هاشم ، وبني المطلب خاصة ، بل قد أنذر من قومه ، ممن هو أبعد منه رحما من بني أمية ، ومن بني نوفل .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية