الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                7598 باب ما ورد في حقوق المال .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الوليد الفقيه ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبي ، ثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من صاحب إبل ، ولا غنم ، ولا بقر لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه ذات الظلف بظلفها ، وتنطحه ذات القرن بقرنها ليس يومئذ فيها جماء ، ولا مكسورة القرن " . قلنا : يا رسول الله وما حقها ؟ قال : " إطراق فحلها ، وإعارة دلوها ، ومنيحتها ، وحلبها على الماء ، وحمل عليها في سبيل الله ، ولا من صاحب مال لا يؤدي [ ص: 183 ] زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب ، وهو يفر منه ، ويقال : هذا مالك الذي كنت تبخل به ، فإذا رأى أنه لا بد له منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير .

                                                                                                                                                ورواه ابن جريج ، عن أبي الزبير بمعناه ، قال أبو الزبير وسمعت عبيد بن عمير يقول هذا القول ، ثم سألنا جابر بن عبد الله عن ذلك ، فقال : مثل قول عبيد وقال أبو الزبير سمعت عبيد بن عمير يقول ، قال : رجل : يا رسول الله ما حق الإبل ؟ قال : " حلبها على الماء ، وإعارة دلوها ، وإعارة فحلها ، ومنيحتها ، وحمل عليها في سبيل الله .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو صالح ابن بنت يحيى بن منصور ، أنبأ جدي ، ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا محمد بن رافع ، ثنا عبد الرزاق ، أنبأ ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله فذكره . رواه مسلم عن محمد بن رافع ، ورواية أبي الزبير ، عن عبيد بن عمير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعة وروايته ، عن جابر بن عبد الله مسندة .

                                                                                                                                                ( وأخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو محمد بن زياد ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ عبد الله بن وهب ، حدثني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فذكر الحديث ، وفيه : ولا صاحب إبل لا يعطي حقها ، ومن حقها حلبها يوم وردها إلا وهي تجمع له يوم القيامة لا يفقد منها فصيلا واحدا ، ثم يبطح لها بقاع قرقر تطؤه بأخفافها ، وتعضه بأفواهها كلما مر به آخرها رجع عليه أولها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار . وذكر الحديث . رواه مسلم في الصحيح عن يونس بن عبد الأعلى ، وكذلك رواه حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم . ورواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، فقال في الحديث : ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها ، ولم يذكر اللفظ في الحلب .

                                                                                                                                                ورواه أبو عمر الغداني ، عن أبي هريرة بمعناه ، فيمن لا يؤدي حقها ، فقيل له : وما حق الإبل يا أبا هريرة ؟ قال : تعطي الكريمة ، وتمنح الغزيرة ، وتفقر الظهر ، وتطرق الفحل ، وتسقي اللبن .

                                                                                                                                                أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس المحبوبي ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي عمر الغداني ، عن أبي هريرة فذكره . واللفظ مختلف إلا ما نقلته من لفظ أبي هريرة .

                                                                                                                                                وهذه الرواية قد توهم أن تفسير الحق في رواية أبي صالح من قول أبي هريرة كما هو في رواية أبي عمر الغداني من قول أبي هريرة . وقد ذهب أكثر العلماء : إلى أن وجوب الزكاة نسخ وجوب هذه الحقوق سوى الزكاة ما لم يضطر إليه غيره ، وقد مضت الدلالة على ذلك في أول كتاب الزكاة ، وقد وردت أخبار في التحريض على المنيحة ، وهي محمولة على الاستحباب . والله أعلم .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية