الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  608 (ويذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ذكر هذا التعليق بصيغة التمريض وقد ذكرنا الآن عن ابن ماجه حديثه وفيه: وجعل - يعني: بلال - إصبعيه في أذنيه [ ص: 148 ] وكذا في رواية الطبراني المذكورة الآن، وفي كتاب أبي الشيخ من حديث عبد الرحمن بن سعد بن عمار، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه " ومن حديث ابن كاسب : حدثنا عبد الرحمن بن سعد، عن عبد الرحمن بن محمد وعمير وعمار ابني حفص، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن بلال " أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك، فإنه أرفع لصوتك " وذكر ابن المنذر في كتاب (الأشراف) أن أبا محذورة " جعل إصبعيه في أذنيه " زاد في (شرح الهداية) ضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه، وفي (المصنف) لابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه كان إذا أذن استقبل القبلة وأرسل يديه، فإذا بلغ الصلاة والفلاح أدخل إصبعيه في أذنيه، وفي الصلاة لأبي نعيم عن سهل بن سعد قال: " من السنة أن تدخل إصبعيك في أذنيك " وكان سويد بن غفلة يفعله، وكذا ابن جبير، وأمر به الشعبي وشريك، قال ابن المنذر : وبه قال الحسن وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة ومحمد بن سيرين، وقال مالك : ذلك واسع، وقال الترمذي : عليه العمل عند أهل العلم في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضا وهو قول الأوزاعي، وقال ابن بطال : وهو مباح عند العلماء، وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أن جعل إحدى يديه على أذنيه فحسن، وبه قال أحمد .

                                                                                                                                                                                  قوله: " جعل إصبعيه في أذنيه " مجاز عن الأنملة من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، والحكمة فيه أنه يعينه على رفع صوته، ولهذا قال في حديث ابن كاسب المذكور: " فإنه أرفع لصوتك " ويقال: إنه ربما لا يسمع صوته من به صمم فيستدل بوضع إصبعيه على أذنيه على ذلك، ولم يبين في الحديث ما هي الإصبع، ونص النووي على أنها المسبحة، ولو كان في إحدى يديه علة جعل الإصبع الأخرى في صماخه، وصرح الروياني أن ذلك لا يستحب في الإقامة لفقد المعنى الذي علل به، وعن بعضهم أنه يستحب في الإقامة أيضا كما ذكرناه عن قريب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية