الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  651 74 - حدثنا زكرياء بن يحيى، قال: حدثنا ابن نمير، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم، قال عروة: فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خفة، فخرج، فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه: أن كما أنت، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس يصلون بصلاة أبي بكر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  ورجاله قد ذكروا غير مرة، وابن نمير هو عبد الله بن نمير .

                                                                                                                                                                                  وفيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والإخبار كذلك في موضع، والعنعنة في موضعين، وفيه القول في ثلاثة مواضع.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب، ومحمد بن عبد الله بن نمير به، وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة به.

                                                                                                                                                                                  قوله: ( قال عروة ) إلى آخره، قال الكرماني : من هاهنا إلى آخره موقوف عليه، وهو من مراسيل التابعين، ومن تعليقات البخاري، ويحتمل دخوله تحت الإسناد الأول، وقال بعضهم: هو بالإسناد المذكور، ووهم من جعله معلقا، قلت: أشار بهذا إلى قول الكرماني، ومع هذا إن الكرماني ما جزم بأنه مرسل، بل قال: يحتمل دخوله تحت الإسناد الأول، وأخرجه ابن ماجه بهذا الإسناد متصلا بما قبله، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه فكان يصلي بهم، فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفة فخرج، فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كما أنت، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس يصلون بصلاة أبي بكر؛ فإن قلت: إذا كان الحديث متصلا فلم قطعه عروة عن القدر الأول الذي أخذه عن عائشة؟ قلت: لاحتمال أن يكون عروة أخذه عن غير عائشة فقطع الثاني عن القدر الأول لذلك. قوله: ( استأخر ) أي تأخر. قوله: ( أن كما أنت ) كلمة ما موصولة، وأنت مبتدأ، وخبره محذوف أي كما أنت عليه أو فيه، والكاف للتشبيه أي كن مشابها لما أنت عليه أي يكون حالك في المستقبل مشابها بحالك في الماضي، ويجوز أن تكون الكاف زائدة أي التزم الذي أنت عليه، وهو الإمامة. قوله: ( حذاء أبي بكر ) أي محاذيا من جهة الجنب لا من جهة القدام والخلف، ولا منافاة بين قوله في الترجمة: قام إلى جنب الإمام، وهنا قال جلس إلى جنبه لأن القيام إلى جنب الإمام قد يكون انتهاؤه بالجلوس في جنبه، ولا شك أنه كان قائما في الابتداء ثم صار جالسا أو قاس القيام على الجلوس في جواز كونه في الجنب أو المراد قيام أبي بكر لا قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمعنى قام أبو بكر بجنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محاذيا له لا متخلفا عنه لغرض مشاهدة أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 208 ] (ذكر ما يستفاد منه) فيه جواز الإشارة المفهمة عند الحاجة، وجواز جلوس المأموم بجنب الإمام عند الضرورة أو الحاجة، وفي قوله: (استأخر) دليل واضح أنه لم يكن عنده مستنكرا أن يتقدم الرجل عن مقامه الذي قام فيه في صلاته ويتأخر، وذلك عمل في الصلاة من غيرها فكل ما كان نظير ذلك فعله فاعل في صلاته لأمر دعاه إليه؛ فذلك جائز، قيل: في الحديث إشعار بصحة صلاة المأموم، وإن لم يتقدم الإمام عليه كما هو مذهب المالكية، وأجيب بأنه قد يكون بينهما المحاذاة مع تقدم العقب على عقب المأموم أو جاز محاذاة العقبين لا سيما عند الضرورة أو الحاجة، وفيه دلالة أن الأئمة إذا كانوا بحيث لا يراهم من يأتم بهم جاز أن يركع المأموم بركوع المكبر، وفيه أن العمل القليل لا يفسد الصلاة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية