الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  671 92 - حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 242 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 242 ] مطابقته للترجمة ظاهرة، وهذا الإسناد بهؤلاء الرجال قد مر غير مرة، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك، وأخرجه ابن ماجه عن قتيبة عن مالك .

                                                                                                                                                                                  قوله: ( للناس ) أي إذا صلى إماما للناس أو لأجل ثواب الناس أو لخيرهم الحاصل من الجماعة. قوله: ( فإن فيهم ) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني : فإن منهم، والمراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة، وبالسقيم المريض، وزاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد : والصغير والكبير، وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص: والحامل والمرضع، وله من حديث عدي بن حاتم : والعابر السبيل، وحديث أبي مسعود الذي مضى عن قريب يشمل الأوصاف المذكورة. قوله: ( فليطول ما شاء )، وفي رواية مسلم: فليصل كيف شاء أي مخففا أو مطولا، وفي (مسند السراج): حدثنا الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.. فذكر الحديث، وفيه: إذا صلى وحده فليطول إن شاء . انتهى، وذلك لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره، وقد ذكر الرب جل جلاله الأعذار التي من أجلها أسقط فرض قيام الليل عن عباده، فقال تعالى: علم أن سيكون منكم مرضى الآية، فينبغي للإمام التخفيف مع إكمال الأركان، ألا ترى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال للذي لم يتم ركوعه ولا سجوده: ارجع فصل فإنك لم تصل، وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تجزئ صلاة من لا يقيم ظهره في الركوع والسجود، وممن كان يخفف الصلاة من السلف أنس بن مالك، قال ثابت : صليت معه العتمة فتجوز ما شاء الله، وكان سعد إذا صلى في المسجد خفف الركوع والسجود وتجوز، وإذا صلى في بيته أطال الركوع والسجود والصلاة، فقيل له، فقال: إنا أئمة يقتدى بنا، وصلى الزبير بن العوام صلاة خفيفة، فقيل له: أنتم أصحاب النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أخف الناس صلاة، فقال: إنا نبادر هذا الوسواس، وقال عمار : احذفوا هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان، وكان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يتم الركوع والسجود ويتجوز فقيل له: هكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -؟ قال: نعم وأجوز، وقال عمرو بن ميمون : لما طعن عمر رضي الله تعالى عنه تقدم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما، فقرأ بأخصر سورتين في القرآن: إنا أعطيناك الكوثر، وإذا جاء نصر الله والفتح، وكان إبراهيم يخفف الصلاة، ويتم الركوع والسجود، وقال أبو مجلز : كانوا يتمون ويتجوزون، ويبادرون الوسوسة، ذكر هذه الآثار ابن أبي شيبة في (مصنفه).




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية