الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شهب

                                                          شهب : الشهب والشهبة : لون بياض ، يصدعه سواد في خلاله ; وأنشد :


                                                          وعلا المفارق ربع شيب أشهب

                                                          والعنبر الجيد لونه أشهب ; وقيل : الشهبة البياض الذي غلب على السواد . وقد شهب وشهب شهبة ، واشهب ، وجاء في شعر هذيل شاهب ، قال :


                                                          فعجلت ريحان الجنان وعجلوا     رماريم فوار من النار شاهب

                                                          وفرس أشهب ، وقد اشهب اشهبابا ، واشهاب اشهيبابا ، مثله . وأشهب الرجل إذا كان نسل خيله شهبا ; هذا قول أهل اللغة ، إلا أن ابن الأعرابي قال : ليس في الخيل شهب . وقال أبو عبيدة : الشهبة في ألوان الخيل أن تشق معظم لونه شعرة ، أو شعرات بيض ، كميتا كان ، أو أشقر ، أو أدهم . واشهاب رأسه واشتهب : غلب بياضه سواده ; قال امرؤ القيس :

                                                          قالت الخنساء لما جئتها :

                                                          شاب بعدي رأس هذا واشتهب

                                                          وكتيبة شهباء : لما فيها من بياض السلاح والحديد في حال السواد ; وقيل : هي البيضاء الصافية الحديد . وفي التهذيب : وكتيبة شهابة ; وقيل : كتيبة شهباء إذا كانت عليتها بياض الحديد . وسنة شهباء إذا كانت مجدبة ، بيضاء من الجدب لا يرى فيها خضرة ; وقيل : الشهباء التي ليس فيها مطر ، ثم البيضاء ثم الحمراء ; وأنشد الجوهري وغيره ، في فصل جحر لزهير بن أبي سلمى :


                                                          إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت     ونال كرام المال في الجحرة الأكل

                                                          قال ابن بري : الشهباء البيضاء أي هي بيضاء لكثرة الثلج ، وعدم النبات . وأجحفت : أضرت بهم وأهلكت أموالهم . وقوله : ونال كرام المال يريد كرائم الإبل يعني أنها تنحر وتؤكل ; لأنهم لا يجدون لبنا يغنيهم عن أكلها . والجحرة : السنة الشديدة التي تجحر الناس في البيوت . وفي حديث العباس ، قال يوم الفتح : يا أهل مكة أسلموا تسلموا ، فقد استبطنتم بأشهب بازل ، أي رميتم بأمر صعب لا طاقة لكم به . ويوم أشهب ، وسنة شهباء وجيش أشهب أي قوي شديد . وأكثر ما يستعمل في الشدة والكراهة جعله بازلا ; لأن بزول البعير نهايته في القوة . وفي حديث حليمة : خرجت في سنة شهباء أي ذات قحط وجدب . والشهباء : الأرض البيضاء التي لا خضرة فيها لقلة المطر ، من الشهبة ، وهي البياض ، فسميت سنة الجدب بها ; وقوله أنشده ثعلب :


                                                          أتانا وقد لفته شهباء قرة     على الرحل حتى المرء في الرحل جانح

                                                          فسره فقال : شهباء ريح شديدة البرد ; فمن شدتها هو مائل في الرحل . قال : وعندي أنها ريح سنة شهباء ، أو ريح فيها برد وثلج ; فكأن الريح بيضاء لذلك . أبو سعيد : شهب البرد الشجر إذا غير ألوانها ، وشهب الناس البرد . ونصل أشهب : برد بردا خفيفا ، فلم يذهب سواده كله ; حكاه أبو حنيفة ; وأنشد :


                                                          وفي اليد اليمنى لمستعيرها     شهباء تروي الريش من بصيرها

                                                          [ ص: 151 ] يعني أنها تغل في الرمية حتى يشرب ريش السهم الدم . وفي الصحاح : النصل الأشهب الذي برد فذهب سواده . وغرة شهباء : وهو أن يكون في غرة الفرس شعر يخالف البياض . والشهباء من المعز : نحو الملحاء من الضأن . واشهاب الزرع : قارب الهيج فابيض ، وفي خلاله خضرة قليلة . ويقال : اشهابت مشافره . والشهاب : اللبن الضياح ; وقيل اللبن الذي ثلثاه ماء ، وثلثه لبن ، وذلك لتغير لونه ; وقيل الشهاب والشهابة بالضم عن كراع : اللبن الرقيق الكثير الماء ، وذلك لتغير لونه أيضا ، كما قيل له الخضار ; قال الأزهري : وسمعت غير واحد من العرب يقول للبن الممزوج بالماء : شهاب ، كما ترى بفتح الشين . قال أبو حاتم : هو الشهابة بضم الشين ، وهو الفضيخ والخضار والشهاب والسجاج والسجار والضياح والسمار كله واحد . ويوم أشهب : ذو ريح باردة ; قال : أراه لما فيه من الثلج والصقيع والبرد . وليلة شهباء كذلك . الأزهري : ويوم أشهب : ذو حليت وأزيز ; وقوله أنشده سيبويه :


                                                          فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي     إذا كان يوم ذو كواكب أشهب

                                                          يجوز أن يكون أشهب لبياض السلاح ، وأن يكون أشهب لمكان الغبار . والشهاب : شعلة نار ساطعة ، والجمع شهب وشهبان وأشهب ; وأظنه اسما للجمع ; قال :


                                                          تركنا وخلى ذو الهوادة بيننا     بأشهب نارينا لدى القوم نرتمي

                                                          وفي التنزيل العزيز : أو آتيكم بشهاب قبس قال الفراء : نون عاصم والأعمش فيهما ; قال : وأضافه أهل المدينة بشهاب قبس قال : وهذا من إضافة الشيء إلى نفسه ، كما قالوا : حبة الخضراء ومسجد الجامع يضاف الشيء إلى نفسه ويضاف أوائلها إلى ثوانيها ، وهي هي في المعنى . ومنه قوله : إن هذا لهو حق اليقين . وروى الأزهري عن ابن السكيت ، قال : الشهاب العود الذي فيه نار ; قال وقال أبو الهيثم : الشهاب أصل خشبة أو عود فيها نار ساطعة ; ويقال للكوكب الذي ينقض على أثر الشيطان بالليل : شهاب . قال الله تعالى : فأتبعه شهاب ثاقب . والشهب : النجوم السبعة المعروفة بالدراري . وفي حديث استراق السمع : فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ; يعني الكلمة المسترقة ; وأراد بالشهاب : الذي ينقض بالليل شبه الكوكب ، وهو في الأصل الشعلة من النار ، ويقال للرجل الماضي في الحرب : شهاب حرب أي ماض فيها ، على التشبيه بالكوكب في مضيه ، والجمع شهب وشهبان ; قال ذو الرمة :


                                                          إذا عم داعيها أتته بمالك     وشهبان عمرو كل شوهاء صلدم

                                                          عم داعيها : أي دعا الأب الأكبر . وأراد بشهبان عمرو : بني عمرو بن تميم . وأما بنو المنذر ، فإنهم يسمون الأشاهب ، لجمالهم ; قال الأعشى :


                                                          وبني المنذر الأشاهب بالحي     رة يمشون غدوة كالسيوف

                                                          والشوهب : القنفذ . والشبهان والشهبان : شجر معروف يشبه الثمام ; أنشد المازني :


                                                          وما أخذ الديوان حتى تصعلكا     زمانا وحث الأشهبان غناهما

                                                          الأشهبان : عامان أبيضان ، ليس فيهما خضرة من النبات . وسنة شهباء : كثيرة الثلج جدبة ; والشهباء أمثل من البيضاء والحمراء أشد من البيضاء ، وسنة غبراء : لا مطر فيها ; وقال :


                                                          إذا السنة الشهباء حل حرامها

                                                          أي حلت الميتة فيها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية