الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نوط

                                                          نوط : ناط الشيء ينوطه نوطا : علقه . والنوط : ما علق ، سمي بالمصدر ، قال سيبويه وقالوا : هو مني مناط الثريا أي في البعد ، وقيل : أي بتلك المنزلة فحذف الجار وأوصل كذهبت الشام ودخلت البيت . وانتاط به : تعلق . والنوط : ما بين العجز والمتن . وكل ما علق من شيء فهو نوط . والأنواط : المعاليق . وفي المثل : عاط بغير أنواط أي يتناول وليس هناك شيء معلق ، وهذا نحو قولهم : كالحادي وليس له بعير ، وتجشأ لقمان من غير شبع . والأنواط : ما نوط على البعير إذا أوقر . والتنواط : ما يعلق من الهودج يزين به . ويقال : نيط عليه الشيء علق عليه ، قال رقاع بن قيس الأسدي :


                                                          بلاد بها نيطت علي تمائمي وأول أرض مس جلدي ترابها



                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنه أتي بمال كثير فقال : إني لأحسبكم قد أهلكتم الناس ، فقالوا : والله ما أخذناه إلا عفوا بلا سوط ولا نوط ، أي بلا ضرب ولا تعليق ، ومنه حديث علي كرم الله وجهه : المتعلق بها كالنوط المذبذب ، أراد ما يناط برحل الراكب من قعب أو غيره فهو أبدا يتحرك . ونيط به الشيء أيضا : وصل به . وفي الحديث : أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي [ ص: 385 ] علق . يقال : نطت هذا الأمر به أنوطه ، وقد نيط به فهو منوط . وفي حديث الحجاج : قال لحفار البئر : أخسفت أم أوشلت ؟ فقال : لا واحد منهما ولكن نيطا بين الأمرين أي وسطا بين القليل والكثير ، كأنه معلق بينهما ، قال القتيبي : هكذا روي بالياء مشددة ، وهي من ناطه ينوطه نوطا ، فإن كانت الرواية بالباء الموحدة فيقال للركية إذا استخرج ماؤها واستنبط هي نبط ، بالتحريك . ونياط كل شيء : معلقه كنياط القوس والقربة . تقول : نطت القربة بنياطها نوطا . ونياط القوس : معلقها . والنياط : الفؤاد . والنياط : عرق علق به القلب من الوتين ، فإذا قطع مات صاحبه ، وهو النيط أيضا ، ومنه قولهم : رماه الله بالنيط أي بالموت . ويقال للأرنب : مقطعة النياط كما قالوا مقطعة الأسحار . ونياط القلب : عرق غليظ نيط به القلب إلى الوتين ، والجمع أنوطة ونوط ، وقيل : هما نياطان : فالأعلى نياط الفؤاد ، والأسفل الفرج ، وقال الأزهري في جمعه : أنوطة ، قال : فإذا لم ترد العدد جاز أن يقال للجمع نوط لأن الياء التي في النياط واو في الأصل . والنياط والنائط : عرق مستبطن الصلب تحت المتن ، وقيل : عرق في الصلب ممتد يعالج المصفور بقطعه ، قال العجاج :


                                                          فبج كل عاند نعور قضب     الطبيب نائط المصفور



                                                          القضب : القطع . والمصفور : الذي في بطنه الماء الأصفر . ونياط المفازة : بعد طريقها كأنها نيطت بمفازة أخرى لا تكاد تنقطع ، وإنما قيل لبعد الفلاة نياط ؛ لأنها منوطة بفلاة أخرى تتصل بها ، قال العجاج :


                                                          وبلدة بعيدة النياط     مجهولة تغتال خطو الخاطي



                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : إذا انتاطت المغازي ، أي إذا بعدت ، وهو من نياط المفازة وهو بعدها ، ويقال : انتاطت المغازي أي بعدت من النوط ، وانتطت جائز على القلب ، قال رؤبة :


                                                          وبلدة نياطها نطي



                                                          أراد نيط فقلب كما قالوا في جمع قوس قسي . وانتاط أي بعد فهو نيط . ابن الأعرابي : وانتاطت الدار بعدت ، قال : ومنه قول معاوية في حديثه لبعض خدامه : عليك بصاحبك الأقدم فإنك تجده على مودة واحدة وإن قدم العهد وانتاطت الدار ، وإياك وكل مستحدث فإنه يأكل مع كل قوم ، ويجري مع كل ريح ، وأنشد ثعلب :


                                                          ولكن ألفا قد تجهز غاديا     بحوران منتاط المحل غريب



                                                          والنيط من الآبار : التي يجري ماؤها معلقا ينحدر من أجوالها إلى مجمها . ابن الأعرابي : بئر نيط إذا حفرت فأتى الماء من جانب منها فسال إلى قعرها ولم تعن من قعرها بشيء ؛ وأنشد :


                                                          لا تستقي دلاؤها من نيط     ولا بعيد قعرها مخروط



                                                          وقال الشاعر :


                                                          لا تتقي دلاؤها بالنيط



                                                          وانتاط الشيء : اقتضبه برأيه من غير مشاورة . والنوط : الجلة الصغيرة فيها التمر ونحوه ، والجمع أنواط ونياط . قال أبو منصور : وسمعت البحرانيين يسمون الجلال الصغار التي تعلق بعراها من أقتاب الحمولة نياطا ، واحدها نوط . وفي الحديث : إن وفد عبد القيس قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهدوا له نوطا من تعضوض هجر أي أهدوا له جلة صغيرة من تمر التعضوص ، وهو من أسرى تمران هجر ، أسود جعد لحيم عذب الطعم حلو . وفي حديث وفد عبد القيس : أطعمنا من بقية القوس الذي في نوطك . الأصمعي : ومن أمثالهم في الشدة على البخيل : إن ضج فزده وقرا ، وإن أعيا فزده نوطا ، وإن جرجر فزده ثقلا ، قال أبو عبيدة : النوط العلاوة بين الفودين . ويقال للدعي ينتمي إلى قوم : منوط مذبذب ، سمي مذبذبا ؛ لأنه لا يدري إلى من ينتمي فالريح تذبذبه يمينا وشمالا . ورجل منوط بالقوم : ليس من مصاصهم ، قال حسان :


                                                          وأنت دعي نيط في آل هاشم     كما نيط خلف الراكب القدح الفرد



                                                          ونيط به الشيء : وصل به . والنوطة : الحوصلة ، قال النابغة في وصف قطاة :


                                                          حذاء مدبرة سكاء مقبلة للماء     في النحر منها نوطة عجب



                                                          قال ابن سيده : ولا أرى هذا إلا على التشبيه . حذاء : خفيفة الذنب . سكاء : لا أذن لها شبه حوصلة القطاة بنوطة البعير وهي سلعة تكون في نحره . والنوطة : ورم في الصدر ، وقيل : ورم في نحر البعير وأرفاغه ، وقد نيط له ، قال ابن أحمر :


                                                          ولا علم لي ما نوطة مستكنة     ولا أي من فارقت أسقي سقائيا



                                                          والنوطة : الحقد . ويقال للبعير إذا ورم نحره وأرفاغه : نيطت له نوطة ، وبعير منوط ، وقد نيط له وبه نوطة إذا كان في حلقه ورم . ويقال : نيط البعير إذا أصابه ذلك . وفي الحديث : بعير له قد نيط . يقال : نيط الجمل فهو منوط إذا أصابه النوط ، وهي غدة تصيبه في بطنه فتقتله . والنوطة : ما ينصب من الرحاب من البلد الظاهر الذي به الغضا . والنوطة : الأرض يكثر بها الطلح ، وليست بواحدة ، وربما كانت فيه نياط تجتمع جماعات منه ينقطع أعلاها وأسفلها . ابن شميل : والنوطة ليست بواد ضخم ولا بتلعة هي بينهما . والنوطة : المكان في وسطه شجر ، وقيل : مكان فيه طرفاء خاصة . ابن الأعرابي : النوطة المكان فيه شجر في وسطه وطرفاه لا شجر فيهما ، وهو مرتفع عن السيل . والنوطة : الموضع المرتفع عن الماء ، عن ابن الأعرابي . وقال أعرابي : أصابنا مطر جود وإنا لبنوطة فجاء بجار الضبع أي بسيل يجر الضبع من كثرته . والتنوط والتنوط : طائر نحو القارية سوادا تركب عشها بين عودين أو عود واحد فتطيل عشها فلا يصل الرجل إلى بيضها حتى يدخل يده إلى المنكب ، وقال أبو علي في البصريات : هو طائر يعلق قشورا من قشور الشجر ويعشش في أطرافها ليحفظه من الحيات والناس والذر ؛ قال :


                                                          تقطع أعناق التنوط بالضحى     وتفرس في الظلماء أفعى الأجارع



                                                          وصف هذه الإبل بطول الأعناق وأنها تصل إلى ذلك ، واحدها تنوطة [ ص: 386 ] وتنوطة . قال الأصمعي : إنما سمي تنوطا ؛ لأنه يدلي خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها . وذات أنواط : شجرة كانت تعبد في الجاهلية ، وفي الحديث : اجعل لنا ذات أنواط ، قال ابن الأثير : هي اسم سمرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم أي يعلقونه بها ويعكفون حولها ، فسألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك . وأنواط جمع نوط ، وهو مصدر سمي به المنوط . الجوهري : وذات أنواط اسم شجرة بعينها . وفي الحديث : أنه أبصر في بعض أسفاره شجرة دفواء تسمى ذات أنواط . ويقال : نوطة من طلح كما يقال : عيص من سدر وأيكة من أثل وفرش من عرفط ووهط من عشر وغال من سلم وسليل من سمر وقصيمة من غضا ومن رمث وصريمة من غضا ومن سلم وحرجة من شجر . وقال الخليل : المدات الثلاث منوطات بالهمز ، ولذلك قال بعض العرب في الوقوف : افعلئ افعلأ افعلؤ ، فهمزوا الألف والياء والواو حين وقفوا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية