الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نعا

                                                          نعا : النعو : الدائرة تحت الأنف . والنعو الشق في مشفر البعير الأعلى ، ثم صار كل فصل نعوا ، قال الطرماح :


                                                          تمر على الوراك إذا المطايا تقايست النجاد من الوجين     خريع النعو مضطرب النواحي
                                                          كأخلاق الغريفة ذي غضون



                                                          خريع النعو : لينه أي تمر مشفرا خريع النعو على الوراك ، والغريفة النعل . وقال اللحياني : النعو مشق المشفر البعير فلم يخص الأعلى ولا الأسفل ، والجمع من كل ذلك نعي لا غير . قال الجوهري : النعو مشق المشفر ، وهو للبعير بمنزلة التفرة للإنسان . ونعو الحافر : فرج مؤخره ، عن ابن الأعرابي : والنعو : الفتق الذي في ألية حافر الفرس . والنعو : الرطب . والنعوة : موضع ، زعموا . والنعاء : صوت السنور ، قال ابن سيده : وإنما قضينا على همزتها أنها بدل من واو ; لأنهم يقولون في معناه المعاء وقد معا يمعو ، قال : وأظن نون النعاء بدلا من ميم المعاء . والنعي : خبر الموت وكذلك النعي . قال ابن سيده : والنعي والنعي بوزن فعيل نداء الداعي ، وقيل : هو الدعاء بموت الميت والإشعار به ، نعاه ينعاه نعيا ونعيانا ، بالضم . وجاء نعي فلان : وهو خبر موته . وفي الصحاح : والنعي والنعي ، وقال أبو زيد : النعي : الرجل الميت ، والنعي الفعل ، وأوقع ابن مجكان النعي على الناقة العقير فقال :


                                                          زيافة بنت زياف مذكرة لما     نعوها لراعي سرحنا انتحبا

                                                          والنعي : المنعي . والناعي : الذي يأتي بخبر الموت ، قال :


                                                          قام النعي فأسمعا     ونعى الكريم الأروعا

                                                          ونعاء : بمعنى انع . وروي عن شداد بن أوس أنه قال : يا نعايا العرب . وروي عن الأصمعي وغيره : إنما هو في الإعراب يا نعاء العرب تأويله يا هذا انع العرب يأمر بنعيهم كأنه يقول قد ذهبت العرب . قال ابن الأثير في حديث شداد بن أوس : يا نعايا العرب إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية . وفي رواية : يا نعيان العرب . يقال : نعى الميت ينعاه نعيا ونعيا إذا أذاع موته وأخبر به وإذا ندبه . قال الزمخشري : في نعايا ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون جمع نعي وهو المصدر كصفي وصفايا ، والثاني أن يكون اسم جمع كما جاء في أخية أخايا ، والثالث أن يكون جمع نعاء التي هي اسم الفعل والمعنى يا نعايا العرب جئن فهذا وقتكن وزمانكن ، يريد أن العرب قد هلكت . والنعيان مصدر بمعنى النعي . وقال أبو عبيد : خفض نعاء مثل قطام ودراك ، ونزال بمعنى أدرك وانزل ، وأنشد للكميت :


                                                          نعاء جذاما غير موت ولا قتل     ولكن فراقا للدعائم والأصل

                                                          وكانت العرب إذا قتل منهم شريف أو مات بعثوا راكبا إلى قبائلهم ينعاه إليهم فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك . قال الجوهري : كانت العرب إذا مات منهم ميت له قدر ركب راكب فرسا وجعل يسير في الناس ويقول : نعاء فلانا أي انعه وأظهر خبر وفاته ، مبنية على الكسر كما ذكرناه ، قال ابن الأثير : أي هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان فقوله يا نعاء العرب مع حرف النداء تقديره يا هذا انع العرب أو يا هؤلاء انعوا العرب بموت فلان ، كقوله : ألا يا اسجدوا ، أي يا هؤلاء اسجدوا ، فيمن قرأ بتخفيف ألا ، وبعض العلماء يرويه يا نعيان العرب ، فمن قال هذا أراد المصدر ، قال الأزهري : ويكون النعيان جمع الناعي كما يقال لجمع الراعي رعيان ، ولجمع الباغي بغيان ، قال وسمعت بعض العرب يقول لخدمه إذا جن عليكم الليل فثقبوا النيران فوق الإكام يضوي إليها رعياننا وبغياننا . قال الأزهري : وقد يجمع النعي نعايا كما يجمع المري من النوق مرايا والصفي صفايا . الأحمر : ذهبت تميم فلا تنعى ولا تسهى أي لا تذكر . والمنعى والمنعاة : خبر الموت ، يقال : ما كان منعى فلان منعاة واحدة ، ولكنه كان مناعي . وتناعى القوم واستنعوا في الحرب : نعوا قتلاهم ليحرضوهم على القتل وطلب الثأر ، وفلان ينعى فلانا إذا طلب بثأره . والناعي : المشنع . ونعى عليه الشيء ينعاه : قبحه وعابه عليه ووبخه . ونعى عليه ذنوبه : ذكرها له وشهره بها . وفي حديث عمر رضي الله عنه : إن الله تعالى نعى على قوم شهواتهم أي عاب عليهم . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : تنعى علي امرأ أكرمه الله على يدي أي تعيبني بقتلي رجلا أكرمه الله بالشهادة على يدي يعني أنه كان قتل رجلا من المسلمين قبل أن يسلم . قال ابن سيده : وأرى يعقوب حكى في المقلوب نعى عليه ذنوبه ذكرها له . أبو عمرو : يقال : أنعى عليه ونعى عليه شيئا قبيحا إذا قاله تشنيعا عليه ، وقول الأجدع الهمداني :


                                                          خيلان من قومي ومن أعدائهم     خفضوا أسنتهم فكل ناعي

                                                          هو من نعيت . وفلان ينعى على نفسه بالفواحش إذا شهر نفسه بتعاطيه الفواحش ، وكان امرؤ القيس من الشعراء الذين نعوا على أنفسهم بالفواحش وأظهروا التعهر ، وكان الفرزدق فعولا لذلك . ونعى فلان على فلان أمرا إذا أشاد به وأذاعه . واستنعى ذكر فلان : شاع . واستنعت الناقة : تقدمت ، واستنعت تراجعت نافرة أو عدت بصاحبها . واستنعى القوم : تفرقوا نافرين . والاستنعاء : شبه النفار . يقال : استنعى الإبل والقوم إذا تفرقوا من شيء وانتشروا . ويقال : استنعيت الغنم إذا تقدمتها ودعوتها لتتبعك . واستنعى بفلان الشر إذا تتابع به الشر واستنعى به حب الخمر أي تمادى به ، ولو أن قوما مجتمعين قيل لهم شيء ففزعوا منه وتفرقوا نافرين ، لقلت : استنعوا . وقال أبو عبيد في باب المقلوب : استناع واستنعى ، إذا تقدم ويقال : عطف ، وأنشد :


                                                          ظللنا نعوج العيس في عرصاتها     وقوفا ونستنعي بها فنصورها



                                                          وأنشد أبو عبيد [ ص: 309 ] وكانت ضربة من شدقمي إذا ما استنت الإبل استناعا وقال شمر : استنعى إذا تقدم ليتبعوه ، ويقال : تمادى وتتابع . وقال : ورب ناقة يستنعي بها الذئب أي يعدو بين يديها وتتبعه حتى إذا اماز بها عن الحوار عفق على حوارها محضرا فافترسه . قال ابن سيده : والإنعاء أن تستعير فرسا تراهن عليه ، وذكره لصاحبه ، حكاه ابن دريد وقال : لا أحقه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية