الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نشد

                                                          نشد : نشدت الضالة إذا ناديت وسألت عنها . ابن سيده : نشد الضالة ينشدها نشدة ونشدانا طلبها وعرفها . وأنشدها : عرفها ، ويقال أيضا : نشدتها إذا عرفتها ، قال أبو دواد :


                                                          ويصيخ أحيانا كما اس تمع المضل لصوت ناشد



                                                          أضل أي ضل له شيء فهو ينشده . قال : ويقال في الناشد : إنه المعرف . قال شمر : وروي عن المفضل الضبي أنه قال : زعموا أن امرأة قالت لابنتها : احفظي بنتك ممن لا تنشدين أي لا تعرفين . قال الأصمعي : كان أبو عمرو بن العلاء يعجب من قول أبي دواد :

                                                          كما استمع المضل لصوت ناشد

                                                          ، قال : أحسبه قال هذا وغيره أراد بالناشد أيضا رجلا قد ضلت دابته ، فهو ينشدها أي يطلبها ليتعزى بذلك ، وأما ابن المظفر فإنه جعل الناشد المعرف في هذا البيت ، قال : وهذا من عجيب كلامهم أن يكون الناشد الطالب والمعرف جميعا ، وقيل : أنشد الضالة استرشد عنها وأنشد بيت أبي داود أيضا . قال ابن سيده : الناشد هنا المعرف ، قال : وقيل الطالب لأن المضل يشتهي أن يجد مضلا مثله ليتعزى به ، وهذا كقولهم الثكلى تحب الثكلى . والناشدون : الذين ينشدون الإبل ويطلبون الضوال فيأخذونها ويحبسونها على أربابها ، قال ابن عرس :


                                                          عشرون ألفا هلكوا ضيعة     وأنت منهم دعوة الناشد



                                                          يعني قوله : أين ذهب أهل الدار أين انتووا ، كما يقول صاحب الضال : من أصاب من أصاب ، فالناشد الطالب يقال منه : نشدت الضالة أنشدها وأنشدها نشدا ونشدانا إذا طلبتها فأنا ناشد وأنشدتها فأنا منشد إذا عرفتها . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره حرم مكة فقال : لا يختلى خلاها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ، قال أبو عبيد : المنشد المعرف . قال : والطالب هو الناشد . قال : ومما يبين لك أن الناشد هو الطالب حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال : " يا أيها الناشد غيرك الواجد " ، معناه لا وجدت ، وقال ذلك تأديبا له حيث طلب ضالته في المسجد ، وهو من النشيد رفع الصوت . قال أبو منصور : وإنما قيل للطالب ناشد لرفع صوته بالطلب . والنشيد : رفع الصوت وكذلك المعرف يرفع صوته بالتعريف فسمي منشدا ، ومن هذا إنشاد الشعر إنما هو رفع الصوت . وقولهم : نشدتك بالله وبالرحم معناه : طلبت إليك بالله وبحق الرحم برفع نشيدي أي صوتي . وقال أبو العباس في قولهم : نشدتك الله قال : النشيد الصوت ، أي سألتك بالله برفع نشيدي أي صوتي . قال : وقولهم نشدت الضالة أي رفعت نشيدي أي صوتي بطلبها . قال : ومنه نشد الشعر وأنشده فنشده : أشاد بذكره وأنشده إذا رفعه وقيل في معنى قوله : ولا تحل لقطتها إلا لمنشد قال : إنه فرق بقوله هذا بين لقطة الحرم ولقطة سائر البلدان ; لأنه جعل الحكم في لقطة سائر البلاد أن ملتقطها إذا عرفها سنة حل له الانتفاع بها ، وجعل لقطة حرم الله محظورا على ملتقطها الانتفاع بها وإن طال تعريفه لها ، وحكم أنه لا يحل لأحد التقاطها إلا بنية تعريفها ما عاش ، فأما أن يأخذها من مكانها وهو ينوي تعريفها سنة ثم ينتفع بها كما ينتفع بلقطة سائر الأرض فلا ، قال الأزهري : وهذا معنى ما فسره عبد الرحمن بن مهدي وأبو عبيد ، وهو الأثر . غيره : ونشدت فلانا أنشده نشدا إذا قلت له نشدتك الله ، أي سألتك بالله كأنك ذكرته إياه فنشد أي تذكر ، وقول الأعشى :


                                                          ربي كريم لا يكدر نعمة     وإذا تنوشد في المهارق أنشدا



                                                          قال أبو عبيد : يعني النعمان بن المنذر إذا سئل بكتب الجوائز أعطى . وقوله تنوشد هو في موضع نشد ، أي سئل . التهذيب : الليث : يقال نشد ينشد فلان فلانا إذا قال نشدتك بالله والرحم . وتقول : ناشدتك الله . وفي المحكم : نشدتك الله نشدة ونشدة ونشدانا استحلفتك بالله وأنشدك بالله إلا فعلت : أستحلفك بالله . ونشدك الله أي أنشدك بالله ، وقد ناشده مناشدة ونشادا . وفي الحديث : " نشدتك الله والرحم " ، أي سألتك بالله والرحم . يقال : نشدتك الله وأنشدك الله وبالله وناشدتك الله وبالله ، أي سألتك وأقسمت عليك . ونشدته نشدة ونشدانا ومناشدة وتعديته إلى مفعولين إما لأنه بمنزلة دعوت حيث قالوا نشدتك الله وبالله كما قالوا دعوته زيدا وبزيد إلا أنهم ضمنوه معنى ذكرت . قال : فأما أنشدتك بالله فخطأ ، ومنه حديث قيلة : فنشدت عليه فسألته الصحبة ، أي طلبت منه . وفي حديث أبي سعيد : أن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : نشدك الله فينا ، قال ابن الأثير : النشدة مصدر ، وأما نشدك فقيل إنه حذف منها التاء وأقامها مقام الفعل ، وقيل : هو بناء مرتجل كقعدك الله وعمرك الله . قال سيبويه : قولهم عمرك الله وقعدك الله بمنزلة نشدك الله ، وإن لم يتكلم بنشدك ، ولكن زعم الخليل أن هذا تمثيل تمثل به قال : ولعل الراوي قد حرف الرواية عن ننشدك الله أو أراد سيبويه والخليل قلة مجيئه في الكلام لا عدمه أو لم يبلغهما مجيئه في الحديث فحذف الفعل الذي هو أنشدك الله ووضع المصدر موضعه مضافا إلى الكاف الذي كان مفعولا أول . وفي حديث عثمان : فأنشد له رجال أي أجابوه . يقال : نشدته فأنشدني وأنشد لي أي سألته فأجابني وهذه الألف تسمى ألف الإزالة . يقال : قسط الرجل إذا جار وأقسط إذا عدل كأنه أزال جوره وأزال نشيده ، وقد تكررت هذه اللفظة في الأحاديث على اختلاف تصرفها ، وناشده الأمر وناشده فيه . وفي الخبر : أن أم قيس بن ذريح أبغضت لبنى فناشدته في طلاقها ، وقد يجوز أن تكون عدت بفي لأن في ناشدت معنى طلبت ورغبت وتكلمت وأنشد الشعر . وتناشدوا : أنشد بعضهم بعضا . والنشيد : فعيل بمعنى مفعل . والنشيد : الشعر المتناشد بين القوم ينشد بعضهم بعضا ، قال الأقيشر الأسدي :


                                                          ومسوف نشد الصبوح صبحته     قبل الصباح وقبل كل نداء

                                                          قال : المسوف الجائع ينظر يمنة ويسرة . نشده : طلبه ، قال الجعدي : [ ص: 256 ] أنشد الناس ولا أنشدهم إنما ينشد من كان أضل

                                                          ، قال : لا أنشدهم أي لا أدل عليهم . وينشد : يطلب . والنشيد من الأشعار : ما يتناشد . وأنشد بهم : هجاهم . وفي الخبر أن السليطيين قالوا لغسان : هذا جرير ينشد بنا أي يهجونا ، واستنشدت فلانا شعره فأنشدنيه . ومنشد : اسم موضع ، قال الراعي :


                                                          إذا ما انجلت عنه غداة ضبابة     غدا وهو في بلد خرانق منشد

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية