الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن استقرار الفرض بإمكان الأداء فمتى أتي بالصلاة ما بين أول الوقت وآخره كان أداء مجزيا إذا كان الإحرام بها بعد دخول الوقت والسلام منها قبل خروج الوقت ، ولو كان الإحرام بها قبل دخول الوقت لم يجزه لا أداء ، ولا قضاء ، وكان عليه إعادتها : ولو أحرم بها بعد دخول الوقت فسلم منها بعد خروج الوقت ، فإن كان لعذر في التأخير أجزأته أداء ، فإن كان لغير عذر أجزأته ، وهل يكون ما فعله منها بعد الوقت أداء ، أو قضاء ؟ على وجهين ذكرناهما في آخر وقت العصر : فعلى هذا لو صلى ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس والركعة الثانية بعد طلوع الشمس كانت الصلاة مجزئة أما إذا كان معذورا وعلى وجهين إن لم يكن معذورا ولا تبطل بطلوع الشمس في أثنائها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : قد بطلت ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس . وقال : إنها تطلع ومعها قرن الشيطان فكانت الصلاة في هذا الوقت منهيا عنها فلم يجز أن تقع موقع صلاة المأمور بها ، ولأن المفعول منها قبل طلوع الشمس [ أداء والمفعول منها بعد [ ص: 33 ] طلوع الشمس قضاء ] والصلاة الواحدة لا يجوز أن تتبعض حكما في الأداء والقضاء فبطلت

                                                                                                                                            ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح فجعله مدركا ومصليا

                                                                                                                                            وروي أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، أطال صلاة الصبح يوما فقيل له : إنك أطلت الصلاة حتى كادت الشمس تطلع فقال : " لو طلعت ما وجدنا الله غافلين " . وكان ذلك بحضرة الصحابة فلم ينكروا عليه فصار كالإجماع ، ولأن خروج وقت الصلاة لا يوجب فساد الصلاة كسائر الصلوات ، ولأن ما لم يبطل غير الصبح لم يبطل الصبح كالعمل القليل طردا ، والحديث عكسا ، ولأن النهي عن الصلاة عند غروب الشمس كالنهي عن الصلاة عند طلوعها ، فلما كان المدرك لركعة من العصر قبل غروب الشمس لا تبطل صلاته وإن صار خارجا إلى وقت صلاة ، فالمدرك لركعة قبل طلوع الشمس أولى ، أن لا تبطل صلاته ، لأنه لا يصير خارجا إلى وقت صلاة ، وفي هذا دليل وانفصال عن حيزه واستدلاله ، ولأن طلوع الشمس لما لم يمنع من ابتداء الصلاة مع النهي فأولى أن لا يمنع من البناء على الصلاة مع ورود النهي ، لأن ابتداء العبادة أغلظ شروطا من استدامتها - والله أعلم -

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية