[ 133 ] حدثنا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة ، حدثنا [ ص: 288 ] ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر عن أيوب السختياني ، عن عكرمة ، رضي الله عنهما ، " ابن عباس أن الوليد بن المغيرة ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن ، فكأن رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل ، فذكر ما جرى بينهما إلى أن قال الوليد : والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ، ولا أعلم برجزه ولا بقصيدته مني ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ، والله ، وإنه ليحطم ما تحته إن لقوله الذي يقول : حلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى " وذكر الحديث .
قال رحمه الله تعالى : " هكذا حدثناه موصولا ، ورواه البيهقي ، عن أيوب ، عن حماد بن زيد مرسلا ، وذكر الآية التي قرأها ( عكرمة إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الآية .
وروينا من وجه آخر ، عن أتم من ذلك : ابن عباس " حين اجتمع الوليد بن المغيرة ، [ ص: 289 ] ونفر من قريش ، وقد حضر الموسم ليجتمعوا على رأي واحد فيما يقولون : في محمد صلى الله عليه وسلم لوفود العرب ، فقالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقوم به ، فقال : بل أنتم فقولوا : أسمع فقالوا : نقول كاهن . فقال : ما هو بكاهن . لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسحره ، فقالوا : نقول مجنون . فقال : ما هو بمجنون ، ولقد رأينا الجنون ، وعرفناه فما هو بخنقه ، ولا تخالجه ، ولا وسوسته . فقالوا : نقول شاعر قال : ما هو بشاعر ، ولقد عرفنا الشعر برجزه وهزجه ، وقريضه ، ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر قالوا : فنقول هو ساحر قال : فما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا عقده ، فقالوا : فما تقول يا أبا عبد شمس قال : وإن أقرب القول أن تقولوا : ساحر يفرق بين المرء ، وبين أبيه وبين المرء ، وبين أخيه وبين المرء وبين زوجته ، وبين المرء وبين عشيرته فتفرقوا عنه بذلك ، فأنزل الله عز وجل في الوليد بن المغيرة : ( والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لمغدق ، وإن فرعه لجنى ، فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، ذرني ، ومن خلقت وحيدا ) إلى قوله : ( سأصليه سقر ) .