[ 362 ] أخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أخبرنا ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق محمد بن أحمد [ ص: 567 ] بن البراء ، حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، حدثني أبي ، عن قال : وهب بن منبه وتأكلها كما تأكل النار في الدنيا القطن المندوف ، فإذا وصلت البحر المطبق على شفير جهنم وهو بحر البحور نشفته أسرع من طرفة العين نشفا فينضب كأن لم يكن مكانه ماء قط ، وهو حاجز بين جهنم ، والأرضين السبع فإذا نشفت ماء ذلك البحر اشتعلت في الأرضين السبع فتدعها جمرة واحدة " . " إذا قامت القيامة وقضى الله بين أهل الدارين أمر بالفلق فيكشف عن سقر وهو غطاؤها فتخرج منه نار فتحرق نار جهنم ،
وقد روينا عن رضي الله عنه أنه قال ليهودي : علي بن أبي طالب قال : تحت البحر ، فقال " أين جهنم ؟ علي : " صدق ، ثم قرأ ( والبحر المسجور ) .
قال رحمه الله : " ويحتمل ما حكيناه عن البيهقي معنى ما قال الله عز وجل : ( وهب بن منبه يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) .
ويكون ذلك بعد ركوب الناس الصراط " .
وروينا أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقالت : فأين الناس يومئذ ؟ قال : " على الصراط " عائشة عن .
ثم قد قال بعض العلماء : إن فإذ خلص المؤمنون وخلصوا على الصراط انفرد الكفار بمواقفهم ، وصار مواقفهم من النار قال غيرهم : إنهم يركبون الصراط ، ثم قد تكون أبواب جهنم فروجا في الجسر كأبواب السطوح فهم يقذفون منها في جهنم ليكون غمهم أشد وأفظع ، [ ص: 568 ] وإلقاؤهم من الجسر أخوف وأهول ، وفرح المؤمنين بالخلاص أكثر وأعظم ، ولعل قول الله عز وجل : ( الكفار لا يجاوزون على الصراط ؛ لأنهم في معدن النار ، وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) .
يكون في هذا الوقت وما في القرآن من قول الله عز وجل : ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ) .
وقوله : ( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ) .
كالدليل على هذا ؛ لأن الإلقاء في الشيء أكثر ما يستعمل في الطرح من علو إلى سفل ، والله أعلم بكيفية ذلك .
وأما المنافقون فالأشبه أنهم يركبون الجسر مع المؤمنين ليمشوا في نورهم فيظلم الله عز وجل على المنافقين فيقولون للمؤمنين ( انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا ) .
فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور على قدر إيمانهم ، وأعمالهم فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم ، وقد ( ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة ، وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم ) (نصلي بصلاتكم ، ونغزو مغازيكم) ( قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم ) إلى آخر الآية .
فيحتمل والله أعلم أن هذا السور إنما يضرب عند انتهاء الصراط ، ويترك له باب يخلص منه المؤمنون إلى طريق الجنة فذلك هو الرحمة التي في باطنه . وأما ظاهره فإنه يلي النار ، وإن كانت النار سافلة عنه لا محاذية إياه ، فإذا لم يجد المنافقون إلى باطن السور سبيلا فليس إلا أن يقذفوا من أعلى الصراط [ ص: 569 ] فيهوون منه إلى الدرك الأسفل من النار هذا باستهزائهم بالمؤمنين في دار الدنيا كما شرحنا في كتاب الأسماء والصفات " .