nindex.php?page=treesubj&link=28804الأول من شعب الإيمان ، وهو باب في الإيمان بالله عز وجل .
[ 88 ] قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14629أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا
أبو مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17014محمد بن كثير ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12044أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657059nindex.php?page=treesubj&link=28656_19527_28804 " الإيمان بضع وستون ، أو بضع وسبعون أفضلها لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي رحمه الله تعالى : " وهذه الشهادة فرض يجمع الاعتقاد بالقلب ، والاعتراف باللسان ، فالاعتقاد والإقرار ، وإن كانا عملين يعملان بجارحتين مختلفتين ، فإن نوع العمل واحد والمنسوب منه إلى القلب هو المنسوب إلى اللسان ، والمنسوب إلى اللسان هو المنسوب إلى القلب كما أن المكتوب - مما جمع بين كتبه وقوله - هو المقول والمقول هو المكتوب " .
قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28648والعمل الصالح بالاعتقاد ، والإقرار مجموع عدة أشياء :
1 - أحدها : إثبات البارئ جل جلاله ليقع به مفارقة التعطيل
[ ص: 191 ]
2 - والثاني : إثبات وحدانيته لتقع به البراءة من الشرك .
3 - والثالث : إثبات أنه ليس بجوهر ولا عرض ليقع به البراءة من التشبيه .
4 - والرابع : إثبات أن وجود كل ما سواه كان معدوما من قبل إبداعه له واختراعه إياه ليقع به البراءة من قول من يقول بالعلة والمعلول .
5 - والخامس : إثبات أنه مدبر ما أبدع ، ومصرفه على ما يشاء ليقع به البراءة من قول القائلين بالطبائع ، أو تدبير الكواكب أو تدبير الملائكة .
فأما البراءة بإثبات الباري جل ثناؤه والاعتراف له بالوجود من معاني التعطيل فلأن قوما ضلوا عن معرفة الله جل ثناؤه فكفروا ، وألحدوا ، وزعموا أنه لا فاعل لهذا العالم ، وأنه لم يزل على ما هو عليه ، ولا موجود إلا المحسوسات ، وليس وراءها شيء ، وأن الكوائن والحوادث إنما تكون وتحدث من قبل الطبائع التي في العناصر وهي : الماء ، والنار ، والهواء ، والأرض ، ولا مدبر للعالم يكون ما يكون باختياره وصنيعه .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فإذ أثبت المثبت للعالم إلها ، ونسب الفعل والصنع إليه فقد فارق الإلحاد والتعطيل ، وهذا أحسن مذاهب الملحدين ، والقائلون به يسميهم غيرهم من أهل الإلحاد الفرقة المتجاهلة ويدعونهم غير الفلاسفة .
أما البراءة من الشرك بإثبات الوحدانية فلأن قوما ادعوا فاعلين وزعموا أن أحدهما يفعل الخير ، والآخر يفعل الشر .
وزعم قوم أن بدء الخلق كان من النفس إلا أنه كان يقع منها لا على سبيل السداد ، والحكمة فأخذ الباري على يدها ، وعمد إلى مادة قديمة كانت موجودة معه لا تزال فركب منها هذا العالم على ما هو عليه من السداد والحكمة .
[ ص: 192 ] nindex.php?page=treesubj&link=28648فإذا أثبت المثبت أن لا إله إلا الله وحده ولا خالق سواه ولا قديم غيره فقد انتفى عن قوله التشريك الذي هو في البطلان ووجوب اسم الكفر لقائله كالإلحاد والتعطيل .
وأما البراءة من التشبيه بإثبات أنه ليس بجوهر ولا عرض ، فلأن قوما زاغوا عن الحق فوصفوا الباري - جل وعز - ببعض صفات المحدثين ، فمنهم من قال : إنه جوهر .
ومنهم من قال : إنه جسم ، ومنهم من أجاز أن يكون على العرش قاعدا كما يكون الملك على سريره ، وكل ذلك في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل والتشريك ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648فإذا أثبت المثبت أنه ليس كمثله شيء ، وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض فقد انتفى عن التشبيه ؛ لأنه لو كان جوهرا أو عرضا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر ، والأعراض ، وإذا لم يكن جوهرا ، ولا عرضا لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حيث إنها جواهر كالتأليف والتجسيم وشغل الأمكنة والحركة والسكون ، ولا ما يجوز على الأعراض من حيث إنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء .
وأما البراءة من التعطيل بإثبات أنه مبدع كل شيء سواه ؛ فلأن قوما من الأوائل خالفوا المعطلة ، ثم خذلوا عن بلوغ الحق فقالوا : إن الباري موجود غير أنه علة لسائر الموجودات ، وسبب لها بمعنى أن وجوده اقتضى وجودها شيئا فشيئا على ترتيب لهم يذكرونه ، وأن المعلول إذا كان لا يفارق العلة فواجب إذا كان الباري لم يزل أن يكون مادة هذا العالم لم تزل معه .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فمن أثبت أنه المبدع الموجد المحدث لكل ما سواه من جوهر ، وعرض [ ص: 193 ] باختياره وإرادته المخترع لها لا من أصل فقد انتفى عن قوله التعليل الذي هو في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل .
وأما البراءة من الشريك في التدبير بإثبات أنه لا مدبر لشيء من الموجودات إلا الله ؛ فلأن قوما زعموا أن الملائكة تدبر العالم وسموها آلهة ، وقد قال الله عز وجل للملائكة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فالمدبرات أمرا ) ومعنى المدبرات : المنفذات لما دبر الله على أيديها كما يقال لمن ينفذ حكم الله بين الخصوم حاكم .
وزعم قوم أن الكواكب تدبر ما تحتها وأن كل كائنة ، وحادثة في الأرض ، فإنما هي من آثار حركات الكواكب وافتراقها ، واقترانها ، واتصالها ، وانفصالها وغير ذلك من أحوالها .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فمن أثبت أن الله - عز وجل - هو المدبر لما أبدع ، ولا مدبر سواه ، فقد انتفى عن قوله التشريك في التدبير الذي هو في وجوب اسم الكفر لقائله كالتشريك في القدم ، أو في الخلق .
ثم إن الله عز وجل ثناؤه ضمن هذه المعاني كلها كلمة واحدة ، وهي لا إله إلا الله ، وأمر المأمورين بالإيمان أن يعتقدوها ويقولوها ، فقال جل وعز : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فاعلم أنه لا إله إلا الله ) .
وقال : " فيما ذم مشركي العرب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36ويقولون أإنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون ) .
والمعنى أنهم كانوا إذا قيل لهم قولوا : لا إله إلا الله استكبروا ، ولم يقولوا : بل قالوا : مكانها أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون "
[ ص: 194 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28804الْأَوَّلُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ ، وَهُوَ بَابٌ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
[ 88 ] قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14070أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14629أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17014مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16068سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16430عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12044أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657059nindex.php?page=treesubj&link=28656_19527_28804 " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14164الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : " وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ فَرْضٌ يَجْمَعُ الِاعْتِقَادَ بِالْقَلْبِ ، وَالِاعْتِرَافَ بِاللِّسَانِ ، فَالِاعْتِقَادُ وَالْإِقْرَارُ ، وَإِنْ كَانَا عَمَلَيْنِ يُعْمَلَانِ بِجَارِحَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ، فَإِنَّ نَوْعَ الْعَمَلِ وَاحِدٌ وَالْمَنْسُوبُ مِنْهُ إِلَى الْقَلْبِ هُوَ الْمَنْسُوبُ إِلَى اللِّسَانِ ، وَالْمَنْسُوبُ إِلَى اللِّسَانِ هُوَ الْمَنْسُوبُ إِلَى الْقَلْبِ كَمَا أَنَّ الْمَكْتُوبَ - مِمَّا جَمَعَ بَيْنَ كَتْبِهِ وَقَوْلِهِ - هُوَ الْمَقُولُ وَالْمَقُولُ هُوَ الْمَكْتُوبُ " .
قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28648وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ بِالِاعْتِقَادِ ، وَالْإِقْرَارِ مَجْمُوعُ عِدَّةِ أَشْيَاءَ :
1 - أَحَدُهَا : إِثْبَاتُ الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ لِيَقَعَ بِهِ مُفَارَقَةُ التَّعْطِيلِ
[ ص: 191 ]
2 - وَالثَّانِي : إِثْبَاتُ وَحْدَانِيَّتِهِ لِتَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ .
3 - وَالثَّالِثُ : إِثْبَاتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ لِيَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنَ التَّشْبِيهِ .
4 - وَالرَّابِعُ : إِثْبَاتُ أَنَّ وُجُودَ كُلِّ مَا سِوَاهُ كَانَ مَعْدُومًا مِنْ قَبْلِ إِبْدَاعِهِ لَهُ وَاخْتِرَاعِهِ إِيَّاهُ لِيَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِالْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ .
5 - وَالْخَامِسُ : إِثْبَاتُ أَنَّهُ مُدَبِّرٌ مَا أَبْدَعَ ، وَمُصَرِّفُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ لِيَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِالطَّبَائِعِ ، أَوْ تَدْبِيرِ الْكَوَاكِبِ أَوْ تَدْبِيرِ الْمَلَائِكَةِ .
فَأَمَّا الْبَرَاءَةُ بِإِثْبَاتِ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِالْوُجُودِ مِنْ مَعَانِي التَّعْطِيلِ فَلِأَنَّ قَوْمًا ضَلُّوا عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَكَفَرُوا ، وَأَلْحَدُوا ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا فَاعِلَ لِهَذَا الْعَالَمِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ ، وَلَا مَوْجُودَ إِلَّا الْمَحْسُوسَاتُ ، وَلَيْسَ وَرَاءَهَا شَيْءٌ ، وَأَنَّ الْكَوَائِنَ وَالْحَوَادِثَ إِنَّمَا تَكُونُ وَتَحْدُثُ مِنْ قِبَلِ الطَّبَائِعِ الَّتِي فِي الْعَنَاصِرِ وَهِيَ : الْمَاءُ ، وَالنَّارُ ، وَالْهَوَاءُ ، وَالْأَرْضُ ، وَلَا مُدَبِّرَ لِلْعَالَمِ يَكُونُ مَا يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ وَصَنِيعِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فَإِذْ أَثْبَتَ الْمُثْبِتُ لِلْعَالَمِ إِلَهًا ، وَنَسَبَ الْفِعْلَ وَالصُّنْعَ إِلَيْهِ فَقَدْ فَارَقَ الْإِلْحَادَ وَالتَّعْطِيلَ ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَذَاهِبَ الْمُلْحِدِينَ ، وَالْقَائِلُونُ بِهِ يُسَمِّيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِلْحَادِ الْفِرْقَةَ الْمُتَجَاهِلَةِ وَيَدْعُونَهُمْ غَيْرَ الْفَلَاسِفَةِ .
أَمَا الْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ بِإِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ فَلِأَنَّ قَوْمًا ادَّعَوْا فَاعِلَيْنِ وَزَعَمُوا أَنَّ أَحَدَهُمَا يَفْعَلُ الْخَيْرَ ، وَالْآخَرَ يَفْعَلُ الشَّرَّ .
وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ بَدْءَ الْخَلْقِ كَانَ مِنَ النَّفْسِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقَعُ مِنْهَا لَا عَلَى سَبِيلِ السَّدَادِ ، وَالْحِكْمَةِ فَأَخَذَ الْبَارِي عَلَى يَدِهَا ، وَعَمَدَ إِلَى مَادَّةٍ قَدِيمَةٍ كَانَتْ مَوْجُودَةً مَعَهُ لَا تَزَالُ فَرَكَّبَ مِنْهَا هَذَا الْعَالَمَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ السَّدَادِ وَالْحِكْمَةِ .
[ ص: 192 ] nindex.php?page=treesubj&link=28648فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُثْبِتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ وَلَا قَدِيمَ غَيْرُهُ فَقَدِ انْتَفَى عَنْ قَوْلِهِ التَّشْرِيكِ الَّذِي هُوَ فِي الْبُطْلَانِ وَوُجُوبِ اسْمِ الْكُفْرِ لِقَائِلِهِ كَالْإِلْحَادِ وَالتَّعْطِيلِ .
وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ مِنَ التَّشْبِيهِ بِإِثْبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ ، فَلِأَنَّ قَوْمًا زَاغُوا عَنِ الْحَقِّ فَوَصَفُوا الْبَارِي - جَلَّ وَعَزَّ - بِبَعْضِ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ جَوْهَرٌ .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ جِسْمٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ قَاعِدًا كَمَا يَكُونُ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ اسْمِ الْكُفْرِ لِقَائِلِهِ كَالتَّعْطِيلِ وَالتَّشْرِيكِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُثْبِتُ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَجِمَاعُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ فَقَدِ انْتَفَى عَنِ التَّشْبِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَوْهَرًا أَوْ عَرَضًا لَجَازَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى سَائِرِ الْجَوَاهِرِ ، وَالْأَعْرَاضِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ جَوْهَرًا ، وَلَا عَرَضًا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْجَوَاهِرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا جَوَاهِرُ كَالتَّأْلِيفِ وَالتَّجْسِيمِ وَشَغْلِ الْأَمْكِنَةِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ ، وَلَا مَا يَجُوزُ عَلَى الْأَعْرَاضِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا أَعْرَاضٌ كَالْحُدُوثِ وَعَدَمِ الْبَقَاءِ .
وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ مِنَ التَّعْطِيلِ بِإِثْبَاتِ أَنَّهُ مُبْدِعٌ كُلَّ شَيْءٍ سِوَاهُ ؛ فَلِأَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَوَائِلِ خَالَفُوا الْمُعَطِّلَةَ ، ثُمَّ خُذِلُوا عَنْ بُلُوغِ الْحَقِّ فَقَالُوا : إِنَّ الْبَارِي مَوْجُودٌ غَيْرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ ، وَسَبَبٌ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّ وُجُودَهُ اقْتَضَى وُجُودَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى تَرْتِيبٍ لَهُمْ يَذْكُرُونَهُ ، وَأَنَّ الْمَعْلُولُ إِذَا كَانَ لَا يُفَارِقُ الْعِلَّةَ فَوَاجِبٌ إِذَا كَانَ الْبَارِي لَمْ يَزَلْ أَنْ يَكُونَ مَادَّةَ هَذَا الْعَالَمِ لَمْ تَزَلْ مَعَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فَمَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ الْمُبْدِعُ الْمُوجِدُ الْمُحْدِثُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ مِنْ جَوْهَرٍ ، وَعَرَضٍ [ ص: 193 ] بِاخْتِيَارِهِ وَإِرَادَتِهِ الْمُخْتَرِعُ لَهَا لَا مِنْ أَصْلٍ فَقَدِ انْتَفَى عَنْ قَوْلِهِ التَّعْلِيلُ الَّذِي هُوَ فِي وُجُوبِ اسْمِ الْكُفْرِ لِقَائِلِهِ كَالتَّعْطِيلِ .
وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ مِنَ الشَّرِيكِ فِي التَّدْبِيرِ بِإِثْبَاتِ أَنَّهُ لَا مُدَبِّرَ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودِاتِ إِلَّا اللَّهُ ؛ فَلِأَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُدَبِّرُ الْعَالَمَ وَسَمَّوْهَا آلِهَةً ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَائِكَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) وَمَعْنَى الْمُدَبِّرَاتِ : الْمُنَفِّذَاتِ لِمَا دَبَّرَ اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهَا كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يُنَفِّذُ حُكْمَ اللَّهِ بَيْنَ الْخُصُومِ حَاكِمٌ .
وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْكَوَاكِبَ تُدَبِّرُ مَا تَحْتَهَا وَأَنَّ كُلَّ كَائِنَةٍ ، وَحَادِثَةٍ فِي الْأَرْضِ ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ آثَارِ حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ وَافْتِرِاقِهَا ، وَاقْتِرَانِهَا ، وَاتِّصَالِهَا ، وَانْفِصَالِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28648فَمَنْ أَثْبَتَ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - هُوَ الْمُدَبِّرُ لِمَا أَبْدَعَ ، وَلَا مُدَبِّرَ سِوَاهُ ، فَقَدِ انْتَفَى عَنْ قَوْلِهِ التَّشْرِيكُ فِي التَّدْبِيرِ الَّذِي هُوَ فِي وُجُوبِ اسْمِ الْكُفْرِ لِقَائِلِهِ كَالتَّشْرِيكِ فِي الْقِدَمِ ، أَوْ فِي الْخَلْقِ .
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ ضَمَّنَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً ، وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَمَرَ الْمَأْمُورِينَ بِالْإِيمَانِ أَنْ يَعْتَقِدُوهَا وَيَقُولُوهَا ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) .
وَقَالَ : " فِيمَا ذَمَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ) .
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اسْتَكْبَرُوا ، وَلَمْ يَقُولُوا : بَلْ قَالُوا : مَكَانَهَا أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ "
[ ص: 194 ]