( الثاني ) قال أهل التأويل : أن ، قالوا : والمعنى هنا أن الله تعالى يأمر ملكا بالنزول إلى السماء الدنيا فينادي بأمر . العرب تنسب الفعل إلى من أمر به ، كما تنسبه إلى من فعله وباشره بنفسه
وقال بعضهم : أن قوله وينزل راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته المقدسة فإن النزول كما يكون في الأجساد يكون في المعاني ، أو راجع إلى الملك الذي ينزل بأمره ونهيه تعالى ، فإن حمل النزول في الأحاديث على الجسم فتلك صفة الملك المبعوث بذلك ، وإن حمل على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل سمي ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة ، والحاصل أن تأويله على وجهين ، إما بأن المراد ينزل أمره أو الملك بأمره ، وإما أنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ، ونحو ذلك كما يقال نزل البائع في سلعته إذا قارب المشتري بعد ما باعده وأمكنه منها بعد منعه ، والمعنى هنا أن العبد في هذا الوقت أقرب إلى رحمة الله منه في غيره من الأوقات ، وأنه تعالى يقبل عليهم بالتحنن والعطف في هذا [ ص: 249 ] الوقت بما يلقيه في قلوبهم من التنبيه والتذكير الباعثين لهم على الطاعة ، وقد حكى أن بعض المشايخ ضبط رواية ابن فورك بضم أوله على حذف المفعول ، أي ينزل ملكا قالوا : ويقويه ما روى البخاري وغيره عن النسائي ، أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " " ، قال إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر مناديا يقول : هل من داع يستجاب له ، هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى القرطبي صححه عبد الخالق . قالوا وهذا يرفع الإشكال ، ويزيل كل احتمال ، والسنة يفسر بعضها بعضا وكذا الآيات .
قالوا ولا سبيل إلى حمله على صفات الذات المقدسة فإن الحديث فيه التصريح بتجدد النزول واختصاصه ببعض الأوقات والساعات ، وصفات الرب جل شأنه يجب اتصافها بالقدم وتنزيهها عن التجدد والحدوث . قالوا : وكل ما لم يكن فكان أو لم يثبت فثبت من أوصافه تعالى فهو من قبيل صفة الأفعال ، قالوا : فالنزول والاستواء من صفات الأفعال ، والله أعلم .