الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الثاني ) قد قدمنا أن التقليد الصحيح محصل للعلم ، بمعنى أن المقلد تقليدا صحيحا لا يصدق بما ألقي إليه من العقائد إلا بعد انكشاف صدقها عنده من غير أن يكون له دليل عليها ، وقد جاء في محكم الذكر ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) ، وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعبد الرزاق ، والفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن [ ص: 273 ] المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أبي جعفر المدائني - رجل من بني هاشم ، وليس هو محمد بن علي - قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية ، قال : كيف يشرح صدره للإسلام يا رسول الله ؟ قال " نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح " ، قالوا فهل لذلك من أمارات يعرف بها ؟ قال " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت "

قال الحافظ السيوطي في هذا الحديث : مرسل له شواهد كثيرة متصلة ومرسلة يرتقي بها إلى درجة الصحة أو الحسن .

وكما كان قذف النور في القلب موجبا لانشراح الصدر وانفساح القلب ، كان قذفه مستلزما لجعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه ، سواء كان ثم استدلال أو لا ، وكلما تصفت من كدوراتها ، واتصفت بالصفات المذكورة ، كان قبولها للعقائد الخفية أشد ، وإذعانها لها أحرى لكون ذلك النور المقذوف في القلب كاشفا لعين البصيرة عن صدق ما أخبر به من العقائد كشفا يحمله على الإذعان والانقياد والتصديق به وحسن الاعتقاد ، بحيث يصير ضروريا حتى لو رام الانفكاك عنه ، لم يجد له إليه سبيلا ، وإن لم يكن ثم نظر ولا استدلال .

التالي السابق


الخدمات العلمية