الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الرابع ) قال السعد : اعلم بأن القائلين بعدم صحة إيمان المقلد أو ليس بنافع اختلفوا ، فمنهم من قال : لا يشترط ابتناء الاعتقاد ( على استدلال عقلي ) في كل مسألة بل يكفي ابتناؤه على قول من عرفت رسالته بالمعجزة مشاهدة أو تواترا ، أو على الإجماع ، ومنهم من قال : لا بد من ابتناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي ، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه ولا على مجادلة الخصوم ، وتقدم الصحيح المعتمد من هذا قريبا .

ومنهم من قال : لا بد مع ابتناء الاعتقاد على الدليل العقلي من الاقتدار على مجادلة الخصوم ، وحل ما يورد عليه من الإشكالات - قال : وإليه ذهب المعتزلة فلم يحكموا بإيمان من عجز عن شيء من ذلك بل يحكم أبو هاشم بكفره .

وقد تقدم عن العنبري وغيره من شيوخ المعتزلة جواز التقليد في أصول الدين ، وأنه لا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم . فعليه المعول . واتضح أن المرجح صحة إيمان المقلد عند محققي كل طائفة بشرط الجزم وعدم التزلزل والشك ، على أنا نقول : المختار أن الراجع إلى أخبار الرسول ، والكتاب المنزل ، والإجماع ليس بمقلد ، فمن شهد لله بالوحدانية ولمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة ، ونهج سبيل المسلمين من فعل المأمور ، وترك المحظور ، ولم يأت بمكفر ، فهو المؤمن ، وبالله التوفيق .

ويؤيد هذا ما أخرجه الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتابه ( تبيين كذب المفتري ، فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري ) بسنده المتصل إلى أبي حازم عمر بن [ ص: 276 ] أحمد العبدوي الحافظ أنه قال : سمعت أبا علي طاهر بن أحمد السرخسي يقول : لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - في داري ببغداد ، دعاني فأتيته ، فقال : اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة ، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد ، وإنما هذا كله اختلاف عبارات .

انتهى بلفظه . فنسأل الله التوفيق ، وحسن الخاتمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية