الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وقبض المستأجر على المؤاجر ، حتى لو استأجر دابة ليركبها في حوائجه في المصر وقتا معلوما فمضى الوقت فليس عليه تسليمها إلى صاحبها بأن يمضي بها إليه ، وعلى الذي أجرها أن يقبض من منزل المستأجر ; لأن المستأجر وإن انتفع بالمستأجر لكن هذه المنفعة إنما حصلت له بعوض حصل للمؤجر فبقيت العين أمانة في يده كالوديعة ، ولهذا لا يلزمه نفقتها فلم يكن عليه ردها كالوديعة ، حتى لو أمسكها أياما فهلكت في يده لم يضمن شيئا سواء طلب منه المؤاجر أم لم يطلب ; لأنه لم يلزمه الرد إلى بيته بعد الطلب ، فلم يكن متعديا في الإمساك فلا يضمن .

                                                                                                                                كالمودع إذا امتنع عن رد الوديعة إلى بيت المودع حتى هلكت ، وهذا بخلاف المستعار أن رده على المستعير ; لأن نفعه له على الخلوص فكان رده عليه لقوله صلى الله عليه وسلم { الخراج بالضمان } ; ولهذا كانت نفقته عليه ، فكذا مؤنة الرد .

                                                                                                                                فإن كان استأجرها من موضع مسمى في المصر ذاهبا وجائيا فإن على المستأجر أن يأتي بها إلى ذلك الموضع الذي قبضها فيه ، لا لأن الرد واجب عليه بل لأجل المسافة التي تناولها العقد ; لأن عقد الإجارة لا ينتهي إلا برده إلى ذلك الموضع ، فإن حملها إلى منزله فأمسكها حتى عطبت ضمن قيمتها ; لأنه تعدى في حملها إلى غير موضع العقد ، فإن قال المستأجر : " اركبها من هذا الموضع إلى موضع كذا وارجع إلى منزلي " فليس على المستأجر ردها إلى منزل المؤاجر ; لأنه لما عاد إلى منزله فقد انقضت مدة الإجارة ، فبقيت أمانة في يده ، ولم يتبرع المالك بالانتفاع بها فلا يلزم ردها كالوديعة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية