الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) شرائط جواز الفسخ ، فمنها قيام الخيار ; لأن الخيار إذا بطل ، فقد لزم البيع ، فلا يحتمل الفسخ ، ومنها علم صاحبه بالفسخ عند أبي حنيفة ، ومحمد حتى لو فسخ بغير علمه كان فسخه موقوفا عندهما إن علم صاحبه بفسخه في مدة الخيار نفذ ، وإن لم يعلم حتى مضت المدة لزم العقد ، وكذا لو أجاز الفاسخ العقد ; نفذ فسخه قبل علم صاحبه وجازت إجازته ، ولزم العقد وبطل فسخه ، وهو قول أبي يوسف الأول ، ثم رجع ، وقال : علم صاحبه ليس بشرط حتى لو فسخ يصح فسخه علم صاحبه بالفسخ أو لا .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه ، فصل بين خيار البائع ، وخيار المشتري ، فلم يشترط العلم في خيار البائع ، وشرط في خيار المشتري .

                                                                                                                                ( وأما ) خيار الرؤية ، فهو على هذا الاختلاف ذكره الكرخي ، ولا خلاف بين أصحابنا في خيار العيب أن العلم بالفسخ فيه شرط سواء كان بعد القضاء أو قبله ، وأجمعوا على أن عزل الموكل وكيله بغير علمه ، وإن ، فسخ أحد الشريكين الشركة أو نهى رب المال المضارب عن التصرف بغير علمه لا يصح ( وجه ) قول أبي يوسف أنه يملك الإجازة بغير علم صاحبه ، فيملك الفسخ ، والجامع بينهما أن كل واحد منهما حصل بتسليط صاحبه عليه ورضاه ، فلا معنى للتوقف على علمه كالوكيل بالبيع إذا باع من غير علم الموكل .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما أن الفسخ لو نفذ بغير علم صاحبه لتضرر به صاحبه ، فلا ينفذ دفعا للضرر عنه كالموكل إذا عزل ، وكيله بغير علمه ، وبيان الضرر أن صاحبه إذا لم يعلم بالفسخ ، فتصرف في المبيع بعد مضي مدة الخيار على ظن أنه ملكه ، فلو جاز الفسخ من غير علمه ; لتبين أنه تصرف في ملك غيره ، وأنه سبب لوجوب الضمان فيتضرر به ; ولهذا لم يجز عزل الوكيل بغير علمه كذا هذا بخلاف الإجازة أنه يصح من غير علمه ; لأنه لا ضرر فيه ، وكذا لا ضرر في بيع الوكيل بغير علم الموكل ، ومنها أن لا يكون في الفسخ تفريق الصفقة حتى لا يملك الإجازة في البعض دون البعض ; لأنه تفريق الصفقة قبل تمامها ، وأنه باطل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية