( وأما ) فنقول وبالله التوفيق : الفساد لا يخلو إما أن يكون راجعا إلى البدل بأن باع بالخمر والخنزير وإما أن لم يكن راجعا إليه كالبيع بشرط منفعة زائدة لأحد العاقدين أو إلى أجل مجهول ، والحال لا يخلو إما أن كان قبل القبض وإما أن كان بعده ، فإن كان قبل القبض فكل واحد من العاقدين يملك الفسخ من غير رضا الآخر كيف ما كان الفساد ; لأن البيع الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض فكان الفسخ قبل القبض بمنزلة الامتناع عن القبول والإيجاب فيملكه كل واحد منهما كالفسخ بخيار شرط العاقدين ، وإن كان بعد القبض فإن كان الفساد راجعا إلى البدل فالجواب فيه وفيما قبل القبض سواء ; لأن الفساد الراجع إلى البدل فساد في صلب العقد . بيان من يملك الفسخ
ألا ترى أنه لا يمكن تصحيحه بخلاف هذا المفسد ؟ لما أنه لا قوام للعقد إلا بالبدلين فكان الفساد قويا فيؤثر في صلب العقد بسلب اللزوم عنه فيظهر عدم اللزوم في حقهما جميعا ، ولو لم يكن راجعا إلى البدل فقد ذكر الإمام الإسبيجابي في شرحه مختصر أن ولاية الفسخ لصاحب الشرط لا لصاحبه ولم يحك خلافا ; لأن الفساد الذي لا يرجع إلى البدل لا يكون قويا لكونه محتملا للحذف والإسقاط فيظهر في حق صاحب الشرط لا غير ويؤثر في سلب اللزوم في حقه لا في حق صاحبه ، وذكر الطحاوي الاختلاف في المسألة فقال في قول الكرخي أبي حنيفة رحمهما الله يملك كل واحد منهما الفسخ وعلى قول وأبي يوسف رحمه الله حق الفسخ لمن شرط له المنفعة لا غير . محمد
( وجه ) قوله على نحو ما ذكرنا أن من له شرط المنفعة قادر على تصحيح العقد بحذف المفسد وإسقاطه ، فلو فسخه الآخر لأبطل حقه عليه وهذا لا يجوز ( وجه ) قولهما أن العقد في نفسه غير لازم لما فيه من الفساد بل هو مستحق الفسخ في نفسه رفعا للفساد ، وقوله : المفسد ممكن الحذف فنعم لكنه إلى أن يحذف فهو قائم وقيامه يمنع لزوم العقد وبه تبين أن الفسخ من صاحبه ليس بإبطال لحق صاحب الشرط ; لأن إبطال الحق قبل ثبوته محال .