( فأما ) إذا انتقص في يده فإن كان النقصان بآفة سماوية فإنه لا يمنع الاسترداد وللبائع أن يأخذه مع أرش النقصان ; لأن المبيع بيعا فاسدا يضمن بالقبض كالمغصوب والقبض ورد عليه بجميع أجزائه فصار مضمونا بجميع أجزائه ، والأوصاف تضمن بالقبض وإن كانت لا تضمن بالعقد كما في قبض المغصوب ، وكذلك إذا كان النقصان بفعل المبيع ; لأن هذا والنقصان بآفة سماوية سواء ، وإن كان النقصان بفعل المشتري فكذلك ; لأنه لو انتقص بغير صنعه ; كان مضمونا عليه فبصنعه أولى ، وإن كان بفعل أجنبي فالبائع بالخيار إن شاء أخذ الأرش من المشتري والمشتري يرجع به على الجاني وإن شاء اتبع الجاني وهو لا يرجع على المشتري كما في الغصب ; لأنه لما أخذ قيمة النقصان من المشتري فقد تقرر ملكه في ذلك الجزء من وقت البيع فيه فتبين أن الجناية حصلت على ملك متقرر له فيرجع عليه والأجنبي لم يملك فلا يرجع .
ولو قتله أجنبي فللبائع أن يضمن المشتري قيمته حالة القبض ، ولا سبيل له على القاتل ، ويرجع المشتري على عاقلة القاتل بقيمته في ثلاث سنين ، فرق ههنا بين البيع وبين الغصب ، فإنه لو قتل المغصوب في يد الغاصب قاتل فالمالك بالخيار إن شاء ضمن الغاصب قيمته حالة الغصب ، والغاصب يرجع على عاقلة القاتل في ثلاث سنين ، وإن شاء ضمن عاقلة القاتل قيمته في ثلاث سنين وهم لا يرجعون على الغاصب .
( ووجه ) الفرق أن الأجنبي جنى على ملك المشتري ; لأنه ملك المبيع بالقبض ، وتقرر ملكه فيه بالجناية لا على ملك البائع فلا يملك البائع تضمينه بخلاف الغصب فإن الغاصب لا يملك المغصوب إلا بتضمين المغصوب منه إياه فقبله لا ملك له فيه فكان القتل جناية على ملك المالك ، والقبض جناية على ملكه أيضا فكان له خيار التضمين ، وإن كان النقصان بفعل البائع لا شيء على المشتري ; لأنه صار مستردا بفعله حتى إنه ولم يوجد منه حبس على البائع ; يهلك على البائع . لو هلك المبيع في يد المشتري
وإن وجد منه حبس ثم هلك ينظر إن هلك من سراية جناية البائع لا ضمان على المشتري أيضا ; لأنه صار مستردا بفعله ، وإن هلك لا من سراية جناية البائع فعلى المشتري ضمانه لكن يطرح منه حصة النقصان بالجناية ; لأنه استرد ذلك القدر بجنايته ، ولو قتله البائع لا ضمان على المشتري ; لأنه استرده بالقتل ، وكذلك لو حفر البائع بئرا فوقع فيه ومات ; لأن ذلك في معنى القتل فيصير مستردا والله عز وجل أعلم .