( كتاب الجنايات )
الجناية في الأصل نوعان : جناية على البهائم والجمادات ، وجناية على الآدمي .
( أما ) الجناية على البهائم والجمادات فنوعان أيضا : غصب وإتلاف ، وقد ذكرنا كل واحد منهما في كتاب الغصب ، وهذا الكتاب وضع لبيان حكم الجناية على الآدمي خاصة ، فنقول وبالله تعالى التوفيق : الجناية على الآدمي في الأصل أنواع ثلاثة : جناية على النفس مطلقا ، وجناية على ما دون النفس مطلقا ، وجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه .
( أما ) الجناية على النفس مطلقا فهي قتل المولود ، والكلام في القتل في مواضع : في بيان أنواع القتل ، وفي بيان صفة كل نوع ، وفي بيان حكم كل نوع منه .
( أما ) الأول : فالقتل أربعة أنواع : قتل هو عمد محض ليس فيه شبهة العمد ، وقتل عمد فيه شبهة العمد ، وهو المسمى بشبه العمد ، وقتل هو خطأ محض ليس فيه شبهة العمد ، وقتل هو في معنى القتل الخطأ .
( أما ) فهو أن يقصد القتل بحديد له حد أو طعن كالسيف ، والسكين ، والرمح ، والإشفى ، والإبرة ، وما أشبه ذلك ، أو ما يعمل عمل هذه الأشياء في الجرح ، والطعن كالنار ، والزجاج ، وليطة القصب ، والمروة ، والرمح الذي لا سنان له ، ونحو ذلك ، وكذلك الآلة المتخذة من النحاس ، وكذلك القتل بحديد لا حد له كالعمود ، وصنجة الميزان ، وظهر الفأس ، والمرو ، ونحو ذلك عمد في ظاهر الرواية ، ( وروى ) الذي هو عمد محض عن الطحاوي رضي الله عنهم أنه ليس بعمد ، فعلى ظاهر الرواية العبرة للحديد نفسه سواء جرح أو لا ، وعلى رواية أبي حنيفة العبرة للجرح نفسه حديدا كان أو غيره ، وكذلك إذا كان في معنى الحديد كالصفر ، والنحاس ، والآنك ، والرصاص ، والذهب ، والفضة فحكمه حكم الحديد . الطحاوي