ذكر هرمز بن سابور بن أردشير بن بابك ملك ابنه
وكان يشبه في خلقه بأردشير غير لاحق به في تدبيره ، وكان من البطش والجرأة على أمر عظيم ، وكانت أمه من بنات مهرك الملك الذي قتله أردشير وتتبع نسله فقتلهم ، لأن المنجمين أخبروه أنه يكون من نسله من يملك ، فهربت أمه إلى البادية وأقامت عند بعض الرعاء ، وخرج سابور متصيدا ، فاشتد به العطش وارتفعت له الأخبية التي فيها أم هرمز ، فقصدها وطلب الماء ، فناولته المرأة ، فرأى منها جمالا فائقا ، فلم يلبث أن حضر الرعاء فسألهم سابور عنها ، فقال بعضهم : إنها ابنته ، فتزوجها وسار بها إلى منزله ، وكسيت ونظفت ، فأرادها فامتنعت عليه مدة ، فلما طال عليه سألها عن سبب ذلك فأخبرته أنها ابنة مهرك ، وأنها تفعل ذلك إبقاء عليه من أردشير ، فعاهدها على ستر أمرها ، ووطئها فولدت له هرمز ، فستر أمره حتى صار له سنون .
فركب أردشير يوما إلى منزل ابنه سابور لشيء أراد ذكره له ، فدخل منزله مفاجأة ، فلما استقر خرج هرمز وبيده صولجان وهو يصيح في أثر الكرة ، فلما رآه أردشير أنكره ووقف على المشابه التي فيه من حسن الوجه وعبالة الخلق وأمور غيرها ، فاستدناه أردشير وسأل عنه سابور ، فخرج مفكرا على سبيل الإقرار بالخطإ ، وأخبر أباه أردشير الخبر ، فسر ، وأخبره أنه قد تحقق الذي ذكره المنجمون في ولد مهرك ، وأن ذلك [ ص: 356 ] قد سلى ما كان في نفسه وأذهبه .
فلما ملك سابور ولى هرمز خراسان وسيره إليها ، فقهر الأعداء واستقل بالأمر ، فوشى به الوشاة إلى سابور أنه على عزم أن يأخذ الملك منه ، وسمع هرمز بذلك فقيل إنه قطع يده وأرسلها إلى أبيه ، فكتب إليه بما بلغه وأنه فعل ذلك إزالة للتهمة لأن رسمهم أنهم كانوا لا يملكون ذا عاهة ، فلما وصلت يده إلى سابور تقطع أسفا ، وأرسل إلى هرمز يعلمه ما ناله لذلك ، وعقد له على الملك وملكه ، ولما ملك عدل في رعيته ، وكان صادقا ، وسلك سبيل آبائه وكور كورة رامهرمز . وكان ملكه سنة وعشرة أيام .