[ ص: 19 ] 42
ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين
في هذه السنة غزا المسلمون
اللان وغزوا
الروم أيضا فهزموهم هزيمة منكرة وقتلوا جماعتهم من بطارقتهم .
وفيها ولد
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف في قول .
وفيها ولى
معاوية nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم المدينة ، وولى
خالد بن العاص بن هشام مكة ، فاستقضى
مروان عبد الله بن الحارث بن نوفل .
وكان على
الكوفة :
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة وعلى قضائها
شريح ، ( وعلى
خراسان قيس بن الهيثم استعمله
ابن عامر ، وقيل : استعمله
معاوية لما استقامت له الأمور ، فلما ولي
ابن عامر البصرة أقره عليها ) .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=34037الخبر عن تحرك الخوارج
وفي هذه السنة تحركت
الخوارج الذين كانوا انحازوا عمن قتل في النهر ومن كان ارتث من جراحته في النهر فبرءوا وعفا علي عنهم ، وكان سبب خروجهم أن
حيان بن ظبيان السلمي كان خارجيا وكان قد ارتث يوم النهر ، فلما برأ لحق
بالري في رجال معه :
[ ص: 20 ] فأقاموا بها حتى بلغهم مقتل
علي ، فدعا أصحابه وكانوا بضعة عشر ، أحدهم
سالم بن ربيعة العبسي ، فأعلمهم بقتل
علي ، فقال
سالم :
لا شلت يمين علت قذاله بالسيف ! وحمدوا الله على قتله ، رضي الله عنه ولا رضي عنهم . ثم إن
سالما رجع عن رأي
الخوارج بعد ذلك وصلح ، ودعاهم
حيان إلى الخروج ومقاتلة أهل القبلة ، فأقبلوا إلى
الكوفة فأقاموا بها حتى قدمها
معاوية ، واستعمل على
الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، فأحب العافية وأحسن السيرة ، وكان يؤتى فيقال له :
إن فلانا يرى رأي
الشيعة وفلانا يرى رأي
الخوارج ، فيقول : قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده . فأمنه الناس .
وكانت
الخوارج يلقى بعضهم بعضا ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهر ، فاجتمعوا على ثلاثة نفر : على
المستورد بن علفة التيمي من
تيم الرباب ، وعلى
معاذ بن جوين الطائي وهو ابن عم
زيد بن حصين الذي قتل يوم النهر ، وعلى
حيان بن ظبيان السلمي ، واجتمعوا في أربعمائة فتشاوروا فيمن يولون عليهم ، فكلهم دفع الإمارة عن نفسه ، ثم اتفقوا فولوا
المستورد وبايعوه ، وذلك في جمادى الآخرة ، واتعدوا للخروج واستعدوا ، وكان خروجهم غرة شعبان سنة ثلاث وأربعين .
( علفة بضم العين المهملة ، وتشديد اللام المكسورة ، وفتح الفاء ) .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=34037قدوم زياد على معاوية وفي هذه السنة قدم
زياد على
معاوية [ من
فارس ] .
وكان سبب ذلك أن
زيادا كان قد استودع ماله
nindex.php?page=showalam&ids=16329عبد الرحمن بن أبي بكرة ، وكان
عبد الرحمن يلي ماله
بالبصرة ، وبلغ
معاوية ذلك فبعث
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة لينظر في أموال
زياد ، فأخذ
عبد الرحمن فقال له : إن كان أبوك قد أساء إلي لقد أحسن عمك ، يعني
زيادا . وكتب إلى
معاوية : أن عذب
عبد الرحمن ، فأراد أن يعذر ، وبلغ ذلك
معاوية فقال
لعبد الرحمن : احتفظ بما في يديك .
وألقى على وجهه حريرة ونضحها بالماء ، فغشي عليه ، ففعل ذلك ثلاث مرات ثم خلاه وكتب إلى
معاوية : إني عذبته فلم أصب عنده شيئا . وحفظ
لزياد يده عنده . ثم دخل
المغيرة على
معاوية ، فقال
معاوية حين رآه :
إنما موضع سر المرء إن باح بالسر أخوه المنتصح
[ ص: 21 ] فإذا بحت بسر فإلى ناصح يستره أو لا تبح
فقال
المغيرة : يا أمير المؤمنين إن تستودعني تستودع ناصحا مشفقا ، وما ذلك ؟ قال له
معاوية : ذكرت
زيادا واعتصامه
بفارس فلم أنم ليلتي . فقال
المغيرة : ما
زياد هناك ؟ فقال
معاوية : داهية العرب معه أموال
فارس يدبر الحيل ، ما يؤمنني أن يبايع لرجل من أهل هذا البيت ، فإذا هو قد أعاد [
علي ] الحرب جذعة ، فقال
المغيرة : أتأذن لي يا أمير المؤمنين في إتيانه ؟ قال : نعم ، فأته وتلطف له .
فأتاه
المغيرة وقال له : إن
معاوية استخفه الوجل حتى بعثني إليك ولم يكن أحد يمد يده إلى هذا الأمر غير
الحسن ، وقد بايع ، فخذ لنفسك قبل التوطين فيستغني
معاوية عنك . قال : أشر
علي ( وارم الغرض الأقصى ) ، فإن المستشار مؤتمن :
فقال له
المغيرة : ( أرى أن تصل حبلك بحبله وتشخص إليه ، ويقضي الله . وكتب إليه
معاوية بأمانه بعد عود
المغيرة عنه ) ، فخرج
زياد من
فارس نحو
معاوية ومعه
المنجاب بن راشد الضبي وحارثة بن بدر الغداني .
وسرح
عبد الله بن عامر عبد الله بن خازم في جماعة إلى
فارس وقال : لعلك تلقى
زيادا في طريقك فتأخذه . فسار
ابن خازم ، فلقي
زيادا بأرجان ، فأخذه بعنانه وقال : انزل يا
زياد . فقال له
المنجاب : تنح يا ابن السوداء وإلا علقت يدك بالعنان . وكانت بينهم منازعة . فقال له
زياد : قد أتاني كتاب
معاوية وأمانه . فتركه
ابن خازم ، وقدم
زياد على
معاوية ، وسأله عن أموال
فارس ، فأخبره بما حمل منها إلى
علي وبما أنفق منها في الوجوه التي تحتاج إلى النفقة وما بقي عنده وأنه مودع للمسلمين ، فصدقه
معاوية فيما أنفق وفيما بقي عنده وقبضه منه .
[ ص: 22 ] وقيل : إن
زيادا لما قال
لمعاوية قد بقيت بقية من المال وقد أودعتها ، مكث
معاوية يردده ، فكتب
زياد كتبا إلى قوم ( أودعهم المال وقال لهم ) : قد علمتم ما لي عندكم من الأمانة فتدبروا كتاب الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال الآية ، فاحتفظوا بما قبلكم . وسمى في الكتب المال الذي أقر به
لمعاوية ، وأمر رسوله أن يتعرض لبعض من يبلغ ذلك
معاوية . ففعل رسوله ، وانتشر ذلك ، فقال
معاوية لزياد حين وقف على الكتب : أخاف أن تكون مكرت بي فصالحني على ما شئت . فصالحه على شيء وحمله إليه ، ومبلغه : ألف ألف درهم ، واستأذنه في نزول
الكوفة ، فأذن له ، فكان
المغيرة يكرمه ويعظمه . فكتب
معاوية إلى
المغيرة ليلزم
زيادا nindex.php?page=showalam&ids=1972وحجر بن عدي nindex.php?page=showalam&ids=123وسليمان بن صرد nindex.php?page=showalam&ids=16088وشبث بن ربعي وابن الكوا بن الحمق بالصلاة في الجماعة ، فكانوا يحضرون معه الصلاة . ( وإنما ألزمهم بذلك لأنهم كانوا من شيعة
علي ) .
ذكر عدة حوادث
nindex.php?page=treesubj&link=34037وحج هذه السنة بالناس عنبسة بن أبي سفيان .
[ الوفيات ] :
وفيها مات
nindex.php?page=showalam&ids=200حبيب بن مسلمة الفهري بأرمينية ، وكان أميرا
لمعاوية عليها ، وكان قد
[ ص: 23 ] شهد معه حروبه كلها . وفيها مات
nindex.php?page=showalam&ids=5546عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري ، له صحبة . وفيها مات
ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب :
وهو الذي صارع النبي ، صلى الله عليه وسلم ،
[ ص: 24 ] nindex.php?page=showalam&ids=90وصفوان بن أمية بن خلف الجمحي ، وله صحبة . وفيها مات
هانئ بن نيار بن عمرو الأنصاري :
[ ص: 25 ] وهو خال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، وقيل : سنة خمس وأربعين ، وكان بدريا عقبيا .
( نيار بكسر النون ، وفتح الياء تحتها نقطتان ، وآخره راء ) .
[ ص: 19 ] 42
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا الْمُسْلِمُونَ
اللَّانَ وَغَزَوُا
الرُّومَ أَيْضًا فَهَزَمُوهُمْ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً وَقَتَلُوا جَمَاعَتَهُمْ مِنْ بَطَارِقَتِهِمْ .
وَفِيهَا وُلِدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14078الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فِي قَوْلٍ .
وَفِيهَا وَلَّى
مُعَاوِيَةُ nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ ، وَوَلَّى
خَالِدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ مَكَّةَ ، فَاسْتَقْضَى
مَرْوَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ .
وَكَانَ عَلَى
الْكُوفَةِ :
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَعَلَى قَضَائِهَا
شُرَيْحٌ ، ( وَعَلَى
خُرَاسَانَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ اسْتَعْمَلَهُ
ابْنُ عَامِرٍ ، وَقِيلَ : اسْتَعْمَلَهُ
مُعَاوِيَةُ لَمَّا اسْتَقَامَتْ لَهُ الْأُمُورُ ، فَلَمَّا وَلِيَ
ابْنُ عَامِرٍ الْبَصْرَةَ أَقَرَّهُ عَلَيْهَا ) .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34037الْخَبَرِ عَنْ تَحَرُّكِ الْخَوَارِجِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَحَرَّكَتِ
الْخَوَارِجُ الَّذِينَ كَانُوا انْحَازُوا عَمَّنْ قُتِلَ فِي النَّهْرِ وَمَنْ كَانَ ارْتَثَّ مِنْ جِرَاحَتِهِ فِي النَّهْرِ فَبَرَءُوا وَعَفَا عَلِيٌّ عَنْهُمْ ، وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِمْ أَنَّ
حَيَّانَ بْنَ ظَبْيَانَ السُّلَمِيَّ كَانَ خَارِجِيًّا وَكَانَ قَدِ ارْتَثَّ يَوْمَ النَّهْرِ ، فَلَمَّا بَرَأَ لَحِقَ
بِالرَّيِّ فِي رِجَالٍ مَعَهُ :
[ ص: 20 ] فَأَقَامُوا بِهَا حَتَّى بَلَغَهُمْ مَقْتَلُ
عَلِيٍّ ، فَدَعَا أَصْحَابَهُ وَكَانُوا بِضْعَةَ عَشَرَ ، أَحَدُهُمْ
سَالِمُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَبْسِيُّ ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَتْلِ
عَلِيٍّ ، فَقَالَ
سَالِمٌ :
لَا شُلَّتْ يَمِينٌ عَلَتْ قَذَالَهُ بِالسَّيْفِ ! وَحَمِدُوا اللَّهَ عَلَى قَتْلِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا رَضِيَ عَنْهُمْ . ثُمَّ إِنَّ
سَالِمًا رَجَعَ عَنْ رَأْيِ
الْخَوَارِجِ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَلُحَ ، وَدَعَاهُمْ
حَيَّانُ إِلَى الْخُرُوجِ وَمُقَاتَلَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، فَأَقْبَلُوا إِلَى
الْكُوفَةِ فَأَقَامُوا بِهَا حَتَّى قَدِمَهَا
مُعَاوِيَةُ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى
الْكُوفَةِ nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، فَأَحَبَّ الْعَافِيَةَ وَأَحْسَنَ السِّيرَةَ ، وَكَانَ يُؤْتَى فَيُقَالُ لَهُ :
إِنَّ فُلَانًا يَرَى رَأْيَ
الشِّيعَةِ وَفُلَانًا يَرَى رَأْيَ
الْخَوَارِجِ ، فَيَقُولُ : قَضَى اللَّهُ أَنْ لَا يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ وَسَيَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ . فَأَمِنَهُ النَّاسُ .
وَكَانَتِ
الْخَوَارِجُ يَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَذَاكَرُونَ مَكَانَ إِخْوَانِهِمْ بِالنَّهْرِ ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ : عَلَى
الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ عُلِّفَةَ التَّيْمِيِّ مِنْ
تَيْمِ الرِّبَابِ ، وَعَلَى
مُعَاذِ بْنِ جُوَيْنٍ الطَّائِيِّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ
زِيدِ بْنِ حُصَيْنٍ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ النَّهْرِ ، وَعَلَى
حَيَّانَ بْنِ ظَبْيَانَ السُّلَمِيِّ ، وَاجْتَمَعُوا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ فَتَشَاوَرُوا فِيمَنْ يُوَلُّونَ عَلَيْهِمْ ، فَكُلُّهُمْ دَفَعَ الْإِمَارَةَ عَنْ نَفْسِهِ ، ثُمَّ اتَّفَقُوا فَوَلَّوُا
الْمُسْتَوْرِدَ وَبَايَعُوهُ ، وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ ، وَاتَّعَدُوا لِلْخُرُوجِ وَاسْتَعَدُّوا ، وَكَانَ خُرُوجُهُمْ غُرَّةَ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ .
( عُلِّفَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ ، وَفَتْحِ الْفَاءِ ) .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34037قُدُومِ زِيَادٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ
زِيَادٌ عَلَى
مُعَاوِيَةَ [ مِنْ
فَارِسَ ] .
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ
زِيَادًا كَانَ قَدِ اسْتَوْدَعَ مَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16329عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ ، وَكَانَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَلِي مَالَهُ
بِالْبَصْرَةِ ، وَبَلَغَ
مُعَاوِيَةَ ذَلِكَ فَبَعَثَ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ لِيَنْظُرَ فِي أَمْوَالِ
زِيَادٍ ، فَأَخَذَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ : إِنْ كَانَ أَبُوكَ قَدْ أَسَاءَ إِلَيَّ لَقَدْ أَحْسَنَ عَمُّكَ ، يَعْنِي
زِيَادًا . وَكَتَبَ إِلَى
مُعَاوِيَةَ : أَنْ عَذِّبْ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَأَرَادَ أَنْ يُعْذَرَ ، وَبَلَغَ ذَلِكَ
مُعَاوِيَةَ فَقَالَ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : احْتَفِظْ بِمَا فِي يَدَيْكَ .
وَأَلْقَى عَلَى وَجْهِهِ حَرِيرَةً وَنَضَحَهَا بِالْمَاءِ ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ خَلَّاهُ وَكَتَبَ إِلَى
مُعَاوِيَةَ : إِنِّي عَذَّبْتُهُ فَلَمْ أُصِبْ عِنْدَهُ شَيْئًا . وَحَفِظَ
لِزِيَادٍ يَدَهُ عِنْدَهُ . ثُمَّ دَخَلَ
الْمُغِيرَةُ عَلَى
مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ حِينَ رَآهُ :
إِنَّمَا مَوْضِعُ سِرِّ الْمَرْءِ إِنْ بَاحَ بِالسِّرِّ أَخُوهُ الْمُنْتَصِحْ
[ ص: 21 ] فَإِذَا بُحْتَ بِسِرٍّ فَإِلَى نَاصِحٍ يَسْتُرُهُ أَوْ لَا تَبُحْ
فَقَالَ
الْمُغِيرَةُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ تَسْتَوْدِعْنِي تَسْتَوْدِعْ نَاصِحًا مُشْفِقًا ، وَمَا ذَلِكَ ؟ قَالَ لَهُ
مُعَاوِيَةُ : ذَكَرْتُ
زِيَادًا وَاعْتِصَامَهُ
بِفَارِسَ فَلَمْ أَنَمْ لَيْلَتِي . فَقَالَ
الْمُغِيرَةُ : مَا
زِيَادٌ هُنَاكَ ؟ فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ : دَاهِيَةُ الْعَرَبِ مَعَهُ أَمْوَالُ
فَارِسَ يُدَبِّرُ الْحِيَلَ ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يُبَايِعَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَعَادَ [
عَلَيَّ ] الْحَرْبَ جَذَعَةً ، فَقَالَ
الْمُغِيرَةُ : أَتَأْذَنُ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِتْيَانِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأْتِهِ وَتَلَطَّفْ لَهُ .
فَأَتَاهُ
الْمُغِيرَةُ وَقَالَ لَهُ : إِنَّ
مُعَاوِيَةَ اسْتَخَفَّهُ الْوَجَلُ حَتَّى بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ غَيْرُ
الْحَسَنِ ، وَقَدْ بَايَعَ ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ التَّوْطِينِ فَيَسْتَغْنِي
مُعَاوِيَةُ عَنْكَ . قَالَ : أَشِرْ
عَلَيَّ ( وَارْمِ الْغَرَضَ الْأَقْصَى ) ، فَإِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ :
فَقَالَ لَهُ
الْمُغِيرَةُ : ( أَرَى أَنْ تَصِلَ حَبْلَكَ بِحَبْلِهِ وَتَشْخَصَ إِلَيْهِ ، وَيَقْضِي اللَّهُ . وَكَتَبَ إِلَيْهِ
مُعَاوِيَةُ بِأَمَانِهِ بَعْدَ عَوْدِ
الْمُغِيرَةِ عَنْهُ ) ، فَخَرَجَ
زِيَادٌ مِنْ
فَارِسَ نَحْوَ
مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ
الْمِنْجَابُ بْنُ رَاشِدٍ الضَّبِّيُّ وَحَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ الْغُدَانِيُّ .
وَسَرَّحَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَازِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى
فَارِسَ وَقَالَ : لَعَلَّكَ تَلْقَى
زِيَادًا فِي طَرِيقِكَ فَتَأْخُذُهُ . فَسَارَ
ابْنُ خَازِمٍ ، فَلَقِيَ
زِيَادًا بِأَرَّجَانَ ، فَأَخَذَهُ بِعِنَانِهِ وَقَالَ : انْزِلْ يَا
زِيَادُ . فَقَالَ لَهُ
الْمِنْجَابُ : تَنَحَّ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ وَإِلَّا عَلَّقْتُ يَدَكَ بِالْعِنَانِ . وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مُنَازَعَةٌ . فَقَالَ لَهُ
زِيَادٌ : قَدْ أَتَانِي كِتَابُ
مُعَاوِيَةَ وَأَمَانُهُ . فَتَرَكَهُ
ابْنُ خَازِمٍ ، وَقَدِمَ
زِيَادٌ عَلَى
مُعَاوِيَةَ ، وَسَأَلَهُ عَنْ أَمْوَالِ
فَارِسَ ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا حَمَلَ مِنْهَا إِلَى
عَلِيٍّ وَبِمَا أَنْفَقَ مِنْهَا فِي الْوُجُوهِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ وَمَا بَقِيَ عِنْدَهُ وَأَنَّهُ مُودَعٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَصَدَّقَهُ
مُعَاوِيَةُ فِيمَا أَنْفَقَ وَفِيمَا بَقِيَ عِنْدَهُ وَقَبَضَهُ مِنْهُ .
[ ص: 22 ] وَقِيلَ : إِنَّ
زِيَادًا لَمَّا قَالَ
لِمُعَاوِيَةَ قَدْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَالِ وَقَدْ أَوْدَعْتُهَا ، مَكَثَ
مُعَاوِيَةُ يُرَدِّدُهُ ، فَكَتَبَ
زِيَادٌ كُتُبَا إِلَى قَوْمٍ ( أَوْدَعَهُمُ الْمَالَ وَقَالَ لَهُمْ ) : قَدْ عَلِمْتُمْ مَا لِي عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَمَانَةِ فَتَدَبَّرُوا كِتَابَ اللَّهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ الْآيَةَ ، فَاحْتَفِظُوا بِمَا قِبَلَكُمْ . وَسَمَّى فِي الْكُتُبِ الْمَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ
لِمُعَاوِيَةَ ، وَأَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِبَعْضِ مَنْ يُبَلِّغُ ذَلِكَ
مُعَاوِيَةَ . فَفَعَلَ رَسُولُهُ ، وَانْتَشَرَ ذَلِكَ ، فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ لِزِيَادٍ حِينَ وَقَفَ عَلَى الْكُتُبِ : أَخَافَ أَنْ تَكُونَ مَكَرْتَ بِي فَصَالِحْنِي عَلَى مَا شِئْتَ . فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ وَحَمَلَهُ إِلَيْهِ ، وَمَبْلَغُهُ : أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي نُزُولِ
الْكُوفَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَكَانَ
الْمُغِيرَةُ يُكْرِمُهُ وَيُعَظِّمُهُ . فَكَتَبَ
مُعَاوِيَةُ إِلَى
الْمُغِيرَةِ لِيُلْزِمَ
زِيَادًا nindex.php?page=showalam&ids=1972وَحُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=123وَسُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16088وَشَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ وَابْنَ الْكَوَّا بْنِ الْحَمِقِ بِالصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ ، فَكَانُوا يَحْضُرُونَ مَعَهُ الصَّلَاةَ . ( وَإِنَّمَا أَلْزَمَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ شِيعَةِ
عَلِيٍّ ) .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
nindex.php?page=treesubj&link=34037وَحَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ بِالنَّاسِ عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ .
[ الْوَفَيَاتُ ] :
وَفِيهَا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=200حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيُّ بِأَرْمِينِيَّةَ ، وَكَانَ أَمِيرًا
لِمُعَاوِيَةَ عَلَيْهَا ، وَكَانَ قَدْ
[ ص: 23 ] شَهِدَ مَعَهُ حُرُوبَهُ كُلَّهَا . وَفِيهَا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=5546عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ ، لَهُ صُحْبَةٌ . وَفِيهَا مَاتَ
رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ :
وَهُوَ الَّذِي صَارَعَ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
[ ص: 24 ] nindex.php?page=showalam&ids=90وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ ، وَلَهُ صُحْبَةٌ . وَفِيهَا مَاتَ
هَانِئُ بْنُ نِيَارِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ :
[ ص: 25 ] وَهُوَ خَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَقِيلَ : سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَكَانَ بَدْرِيًّا عَقَبِيًّا .
( نِيَارٌ بِكَسْرِ النُّونِ ، وَفَتْحِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ ، وَآخِرُهُ رَاءٌ ) .