[ ص: 221 ] 64
ثم دخلت سنة أربع وستين
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33723مسير مسلم لحصار ابن الزبير وموته
فلما فرغ
مسلم من قتال
أهل المدينة ونهبها ، شخص بمن معه نحو
مكة يريد
ابن الزبير ومن معه ، واستخلف على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=15902روح بن زنباع الجذامي ، وقيل : استخلف
عمرو بن مخرمة الأشجعي ، فلما انتهى إلى
المشلل نزل به الموت ، وقيل : مات بثنية هرشى ، فلما حضره الموت أحضر
الحصين بن النمير وقال : يا بن برذعة الحمار ! لو كان الأمر إلي ما وليتك هذا الجند ، ولكن أمير المؤمنين ولاك .
خذ عني أربعا : اسرع السير ، وعجل المناجزة ، وعم الأخبار ، ولا تمكن قرشيا من أذنك .
ثم قال : اللهم إني لم أعمل قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله عملا أحب إلي من قتلي أهل المدينة ولا أرجى عندي في الآخرة .
فلما مات سار
الحصين بالناس فقدم
مكة لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين وقد بايع أهلها
وأهل الحجاز عبد الله بن الزبير واجتمعوا عليه ، ولحق به المنهزمون من
أهل المدينة ، وقدم عليه
نجدة بن عامر الحنفي في الناس من الخوارج يمنعون البيت ، وخرج
ابن الزبير إلى لقاء أهل
الشام ومعه أخوه
المنذر ، فبارز
المنذر رجلا من أهل
الشام ، فضرب كل واحد منهما صاحبه ضربة مات منها ، ثم حمل أهل
الشام عليهم حملة انكشف منها أصحاب
عبد الله ، وعثرت بغلة
عبد الله فقال : تعسا ! ثم
[ ص: 222 ] نزل فصاح بأصحابه ، فأقبل إليه
nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقاتلا حتى قتلا جميعا ، وضاربهم
ابن الزبير إلى الليل ثم انصرفوا عنه .
هذا في الحصر الأول ، ثم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار وأخذوا يرتجزون ويقولون :
خطارة مثل الفنيق المزبد نرمي بها أعواد هذا المسجد
وقيل : إن الكعبة احترقت من نار كان يوقدها أصحاب
عبد الله حول
الكعبة وأقبلت شررة هبت بها الريح فاحترقت ثياب الكعبة واحترق خشب البيت ، والأول أصح ، ( لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قد ذكر في صحيحه أن
ابن الزبير ترك الكعبة ليراها الناس محترقة يحرضهم على أهل
الشام ) .
وأقام أهل
الشام يحاصرون
ابن الزبير حتى بلغهم نعي
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر .
[ ص: 221 ] 64
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33723مَسِيرِ مُسْلِمٍ لِحِصَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَوْتِهِ
فَلَمَّا فَرَغَ
مُسْلِمٌ مِنْ قِتَالِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَنَهْبِهَا ، شَخَصَ بِمَنْ مَعَهُ نَحْوَ
مَكَّةَ يُرِيدُ
ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=15902رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ ، وَقِيلَ : اسْتَخْلَفَ
عَمْرَو بْنَ مَخْرَمَةَ الْأَشْجَعِيَّ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى
الْمُشَلَّلِ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ ، وَقِيلَ : مَاتَ بِثَنِيَّةِ هَرْشَى ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَحْضَرَ
الْحُصَيْنَ بْنَ النُّمَيْرِ وَقَالَ : يَا بْنَ بَرْذَعَةِ الْحِمَارِ ! لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ مَا وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ ، وَلَكِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَّاكَ .
خُذْ عَنِّي أَرْبَعًا : اسْرِعِ السَّيْرَ ، وَعَجِّلِ الْمُنَاجَزَةَ ، وَعَمِّ الْأَخْبَارَ ، وَلَا تُمَكِّنْ قُرَشِيًّا مِنْ أُذُنِكَ .
ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ قَطُّ بَعْدَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَلَا أَرْجَى عِنْدِي فِي الْآخِرَةِ .
فَلَمَّا مَاتَ سَارَ
الْحُصَيْنُ بِالنَّاسِ فَقَدِمَ
مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا
وَأَهْلُ الْحِجَازِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ ، وَلَحِقَ بِهِ الْمُنْهَزِمُونَ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ
نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ فِي النَّاسِ مِنَ الْخَوَارِجِ يَمْنَعُونَ الْبَيْتَ ، وَخَرَجَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى لِقَاءِ أَهْلِ
الشَّامِ وَمَعَهُ أَخُوهُ
الْمُنْذِرُ ، فَبَارَزَ
الْمُنْذِرُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ ، فَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ضَرْبَةً مَاتَ مِنْهَا ، ثُمَّ حَمَلَ أَهْلُ
الشَّامِ عَلَيْهِمْ حَمْلَةً انْكَشَفَ مِنْهَا أَصْحَابُ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَثَرَتْ بَغْلَةُ
عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : تَعْسًا ! ثُمَّ
[ ص: 222 ] نَزَلَ فَصَاحَ بِأَصْحَابِهِ ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=83الْمِسْوِرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَاتَلَا حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا ، وَضَارَبَهُمُ
ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى اللَّيْلِ ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ .
هَذَا فِي الْحَصْرِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ أَقَامُوا عَلَيْهِ يُقَاتِلُونَهُ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرَ كُلَّهُ حَتَّى إِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ رَمَوُا الْبَيْتَ بِالْمَجَانِيقِ وَحَرَقُوهُ بِالنَّارِ وَأَخَذُوا يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُونَ :
خَطَّارَةٌ مِثْلُ الْفَنِيقِ الْمُزْبِدِ نَرْمِي بِهَا أَعْوَادَ هَذَا الْمَسْجِدِ
وَقِيلَ : إِنَّ الْكَعْبَةَ احْتَرَقَتْ مِنْ نَارٍ كَانَ يُوقِدُهَا أَصْحَابُ
عَبْدِ اللَّهِ حَوْلَ
الْكَعْبَةِ وَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ فَاحْتَرَقَتْ ثِيَابُ الْكَعْبَةِ وَاحْتَرَقَ خَشَبُ الْبَيْتِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، ( لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ
ابْنَ الزُّبَيْرِ تَرَكَ الْكَعْبَةَ لِيَرَاهَا النَّاسُ مُحْتَرِقَةً يُحَرِّضُهُمْ عَلَى أَهْلِ
الشَّامِ ) .
وَأَقَامَ أَهْلُ
الشَّامِ يُحَاصِرُونَ
ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى بَلَغَهُمْ نَعْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=17374يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْآخَرِ .