الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 498 ] ذكر صلح المهلب أهل كش

وفي هذه السنة صالح المهلب أهل كش .

وكان سبب ذلك أنه اتهم قوما من مضر فحبسهم ، وصالح وقفل ، وخلف حريث بن قطبة مولى خزاعة وقال : إذا استوفيت الفدية فرد عليهم الرهن .

وسار المهلب ، فلما صار ببلخ كتب إلى حريث : إني لست آمن إن رددت عليهم الرهن أن يغيروا عليك ، فإذا قبضت الفدية فلا تخل الرهن حتى تقدم أرض بلخ . فقال حريث لملك كش : إن المهلب كتب إلي كذا وكذا ، فإن عجلت الفدية سلمت إليك الرهن وسرت وأخبرته أن كتابه ورد وقد استوفيتها منكم ، ورددت عليكم الرهن .

فعجل ملك كش الفدية وأخذ الرهن ، ورجع حريث ، فعرض لهم الترك فقالوا له : افد نفسك ومن معك ، فقد لقينا يزيد بن المهلب ففدى نفسه . فقال حريث : ولدتني إذا أم يزيد . وقاتلهم فقتلهم وأسر منهم أسرى ، ففدوهم ، فأطلقهم ورد عليهم الفداء .

وبلغ المهلب قوله فقال : يأنف العبد أن تلده أم يزيد . فغضب ، فلما قدم عليه ببلخ قال : أين الرهن ؟ قال : خليتهم قبل وصول كتابك ، وقد كفيت ما خفت . قال : كذبت ، ولكنك تقربت إليهم . وأمر بتجريده ، فجزع من ذلك حتى ظن المهلب أن به مرضا ، فجرده وضربه ثلاثين سوطا . فقال حريث : وددت أنه ضربني ثلاثمائة ولم يجردني ، أنفة وحياء . وحلف ليقتلن المهلب .

فركب يوما مع المهلب فأمر غلامين له أن يضربا المهلب ، فلم يفعلا وقالا : نخاف عليك أن تقتل . وترك حريث إتيان المهلب ، فأرسل إليه أخاه ثابت بن قطبة ليأتيه به وقال له : إنك كبعض ولدي أدبه كبعضهم . فأتى ثابت أخاه وسأله أن يركب إلى المهلب ، فلم يفعل ، وحلف ليقتلنه ، فقال ثابت : إن كان هذا رأيك فاخرج بنا إلى موسى بن عبد الله بن خازم . وخاف ثابت أن يقتل حريث المهلب فيقتلون جميعا ، فخرجا في ثلاثمائة من أصحابهما المنقطعين إليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية