ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29261مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم [ ص: 416 ] قال
قيس بن مخرمة وقباث بن أشيم nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وابن إسحاق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025805إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد عام الفيل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابن الكلبي : ولد
عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع وعشرين مضت من سلطان
كسرى أنوشروان ، وولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة اثنتين وأربعين من سلطانه ، وأرسله الله تعالى لمضي اثنتين وعشرين من ملك
كسرى أبرويز بن كسرى هرمز بن كسرى أنوشروان ، فهاجر لثنتين وثلاثين سنة مضت من ملك أبرويز .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025806ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، وكان مولده بالدار التي تعرف بدار ابن يوسف . قيل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهبها
nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل بن أبي طالب ، فلم تزل في يده حتى توفي ، فباعها ولده من
محمد بن يوسف أخي الحجاج ، فبنى داره التي يقال لها دار
ابن يوسف ، وأدخل ذلك البيت في الدار ، حتى أخرجته الخيزران فجعلته مسجدا يصلى فيه . وقيل : ولد لعشر خلون منه ، وقيل : لليلتين خلتا منه .
[ ص: 417 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : إن
آمنة ابنة وهب أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تحدث أنها أتيت في منامها لما حملت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل لها : إنك حملت بسيد هذه الأمة ، فإذا وقع بالأرض قولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ، ثم سميه
محمدا . ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض
الشام .
فلما وضعته أرسلت إلى جده
عبد المطلب : إنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه ، فنظر إليه ، وحدثته بما رأت حين حملت به ، وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص : حدثتني أمي أنها شهدت ولادة
آمنة بنت وهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما شيء أن أنظر إليه من البيت إلا نور ، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن علي .
nindex.php?page=treesubj&link=29262وأول من أرضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابن له يقال له مسروح ، وكانت قد أرضعت قبله
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب ، وأرضعت بعده
nindex.php?page=showalam&ids=233أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، فكانت ثويبة تأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمكة قبل أن يهاجر فيكرمها وتكرمها
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ، فأرسلت إلى
أبي لهب أن يبيعها إياها لتعتقها ، فأبى ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
المدينة أعتقها
أبو لهب ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث إليها بالصلة ، إلى أن بلغه خبر وفاتها منصرفه من
خيبر ، فسأل عن ابنها
مسروح ، فقيل : توفي قبلها ، فسأل : هل لها من قرابة ؟ فقيل : لم يبق لها أحد .
ثم أرضعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد
ثويبة حليمة بنت أبي ذؤيب ، واسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة من
بني سعد بن بكر بن هوزان ، واسم زوجها الذي أرضعته بلبنه
الحارث بن عبد العزى ، واسم إخوته من الرضاعة :
عبد الله ،
وأنيسة ،
وجذامة ، وهي الشيماء ، عرفت بذلك ، وكانت
الشيماء تحضنه مع أمها
حليمة .
[ ص: 418 ] وقدمت
حليمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ، فأكرمها ووصلها ، وتوفيت قبل فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مكة ، فلما فتح
مكة ، قدمت عليه أخت لها فسألها عنها ، فأخبرته بموتها ، فذرفت عيناه ، فسألها عمن خلفت ، فأخبرته ، فسألته نحلة وحاجة فوصلها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : كانت
حليمة السعدية تحدث أنها خرجت من بلدها مع نسوة يلتمسن الرضعاء ، وذلك في سنة شهباء لم تبق شيئا . قالت : فخرجت على أتان لنا قمراء ، معنا شارف لنا ، والله ما تبض بقطرة ، وما ننام ليلتنا أجمع من صبينا الذي معي من بكائه من الجوع ، وما في ثديي ما يغنيه ، وما في شارفنا ما يغذوه ، ولكنا نرجو الغيث والفرج ، فلقد أذمت أتاني بالركب حتى شق عليهم ضعفا وعجفا ، حتى قدمنا
مكة فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم ، وذلك أنا إنما نرجو المعروف من أبي الصبي . فكنا نقول : يتيم فما عسى أن تصنع أمه وجده ! فما بقيت امرأة معي إلا أخذت رضيعا غيري ، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي ، وكان معي : إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه ! قال : افعلي فعسى أن الله يجعل لنا فيه بركة . قالت : فذهبت فأخذته ، فلما أخذته ووضعته في حجري أقبل عليه ثدياي مما شاء من لبن ، فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما ، وما كان ابني ينام قبل ذلك ، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا إنها حافل ، فحلب منها ثم شرب حتى روي ، ثم سقاني فشربت حتى شبعنا . قالت : يقول لي صاحبي : تعلمين والله يا
حليمة لقد أخذت نسمة مباركة ! قلت : والله لأرجو ذلك . قالت : ثم خرجنا ، فركبت أتاني وحملته عليها فلم يلحقني شيء من حمرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي : يا ابنة
أبي ذؤيب اربعي علينا ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟ فأقول : بلى والله لهي هي ، فيقلن : إن لها شأنا ، ثم
[ ص: 419 ] قدمنا منازلنا من
بني سعد ، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة ولا يجدها في ضرع ، حتى إن كان الحاضر من قومنا ليقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي ابنة
أبي ذؤيب ! فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة من لبن ، وتروح غنمي شباعا لبنا .
فلم نزل نتعرف البركة من الله والزيادة في الخير حتى مضت سنتان وفصلته ، وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ، فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه عندنا لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه في تركه عندنا ، فأجابت .
قالت : فرجعنا به ، فوالله إنه بعد مقدمنا به بأشهر مر مع أخيه في بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه : ذلك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه وهما يسوطانه ! قالت : فخرجنا نشتد فوجدناه قائما منتقعا وجهه . قالت : فالتزمته أنا وأبوه وقلنا له : مالك يا بني ؟ قال : جاءني رجلان فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا به شيئا لا أدري ما هو . قالت : فرجعنا إلى خبائنا ، وقال لي أبوه : والله لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك .
قالت : فاحتملناه فقدمنا به على أمه . فقالت : ما أقدمك يا ظئر به وقد كنت حريصة على مكثه عندك ؟ قالت : قلت : قد بلغ الله بابني ، وقضيت الذي علي ، وتخوفت عليه الأحداث فأديته إليك كما تحبين . قالت : ما هذا بشأنك فاصدقيني ! ولم تدعني حتى أخبرتها . قالت : فتخوفت عليه الشيطان ؟ قلت : نعم . قالت : كلا والله ما للشيطان عليه سبيل ، وإن لابني لشأنا ، أفلا أخبرك ؟ قلت : بلى . قالت : رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور
بصرى من
الشام ، ثم حملت به فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف منه ولا أيسر ، ثم وقع حين وضعته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء . دعيه عنك وانطلقي راشدة .
وكانت
nindex.php?page=treesubj&link=29262مدة رضاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنتين ، وردته
حليمة إلى أمه وجده
[ ص: 420 ] عبد المطلب وهو ابن خمس سنين في قول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس :
بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل شيخ من بني عامر ، وهو ملك قومه وسيدهم شيخ كبير ، متوكئا على عصا فمثل قائما وقال : يا ابن عبد المطلب إني أنبئت أنك تزعم أنك رسول الله أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ، ألا وإنك فهت بعظيم ، ألا وقد كانت الأنبياء من بني إسرائيل وأنت ممن يعبد هذه الحجارة والأوثان وما لك وللنبوة ، وإن لكل قول حقيقة ، فما حقيقة قولك وبدء شأنك ؟
فأعجب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بمساءلته ثم قال : يا أخا بني عامر اجلس . فجلس ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : إن حقيقة قولي وبدء شأني أني دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى أخي عيسى ، وكنت بكر أمي ، وحملتني كأثقل ما تحمل النساء ، ثم رأت في منامها أن الذي في بطنها نور ، قالت : فجعلت أتبع بصري النور وهو يسبق بصري حتى أضاءت لي مشارق الأرض ومغاربها ، ثم إنها ولدتني فنشأت ، فلما نشأت بغضت إلي الأوثان والشعر ، فكنت مسترضعا في بني سعد بن بكر ، فبينا أنا ذات يوم منتبذا من أهلي مع أتراب من الصبيان إذ أتانا ثلاثة رهط معهم طست من ذهب مملوء ثلجا فأخذوني من بين أصحابي ، فخرج أصحابي هرابا حتى انتهوا إلى شفير الوادي ثم أقبلوا على الرهط فقالوا : ما أربكم إلى هذا الغلام فإنه ليس له أب وما يرد عليكم قتله ؟ فلما رأى الصبيان الرهط لا يردون جوابا انطلقوا مسرعين إلى الحي يؤذنونهم بي ويستصرخونهم على القوم ، فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعا لطيفا ، ثم شق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي ، فأنا أنظر إليه لم أجد لذلك مسا ، ثم أخرج أحشاء بطني فغسلها بالثلج فأنعم غسلها ، ثم أخرج قلبي فصدعه ، ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ، قال بيده يمنة منه كأنه يتناول شيئا ، فإذا أنا بخاتم في يده من نور يحار الناظرون دونه ، فختم به قلبي ، فامتلأ نورا ، وذلك نور النبوة والحكمة ، ثم أعاده مكانه ، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا ، ثم قال الثالث لصاحبه : تنح ، فتنحى عني ، فأمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي فالتأم ذلك الشق بإذن الله تعالى ، ثم أخذ بيدي فأنهضني إنهاضا لطيفا ثم قال للأول الذي شق بطني : زنه بعشرة من أمته . فوزنوني بهم فرجحتهم ، ثم قال : زنه بمائة من أمته . فوزنوني بهم فرجحتهم . ثم قال : زنه بألف من [ ص: 421 ] أمته . فوزنوني بهم فرجحتهم . فقال : دعوه فلو وزنته بأمته كلهم لرجح بهم . ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا : يا حبيب ، لم ترع ، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك .
قال : فبينا نحن كذلك إذ أنا بالحي قد جاءوا بحذافيرهم ، وإذا ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وهي تقول : يا ضعيفاه ! قال : فانكبوا علي وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا : حبذا أنت من ضعيف ! ثم قالت ظئري : يا وحيداه ! فانكبوا علي فضموني إلى صدورهم وقبلوا ما بين عيني وقالوا حبذا أنت من وحيد ، وما أنت بوحيد ! إن الله معك ! ثم قالت ظئري : يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك ! فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا ما بين عيني وقالوا : حبذا أنت من يتيم ! ما أكرمك على الله ! لو تعلم ما يراد بك من الخير ! قال : فوصلوا بي إلى شفير الوادي . فلما بصرت بي ظئري قالت : يا بني ألا أراك حيا بعد ! فجاءت حتى انكبت علي وضمتني إلى صدرها ، فوالذي نفسي بيده إني لفي حجرها وقد ضمتني إليها ، وإن يدي في يد بعضهم ، فجعلت ألتفت إليهم ، وظننت أن القوم يبصرونهم ، يقول بعض القوم : إن هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن ، انطلقوا به إلى كاهننا حتى ينظر إليه ويداويه . فقلت : ما هذا ! ليس بي شيء مما يذكر ، إن إرادتي سليمة ، وفؤادي صحيح ليس في قلبة . فقال أبي من الرضاع : ألا ترون كلامه صحيحا ؟ إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس . فاتفقوا على أن يذهبوا بي إلى الكاهن ، فذهبوا بي إليه . فلما قصوا عليه قصتي قال : اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمره منكم . فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره ، فلما سمع قولي وثب إلي وضمني إلى صدره ، ثم نادى بأعلى صوته : يا للعرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه ! فواللات والعزى لئن تركتموه فأدرك ليبدلن دينكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثله قط .
فانتزعتني ظئري وقالت : لأنت أجن وأعته من ابني هذا فاطلب لنفسك من يقتلك ، فإنا غير قاتليه !
[ ص: 422 ] ثم ردوني إلى أهلي ، فأصبحت مفزعا مما فعل بي ، وأثر الشق ما بين صدري إلى عانتي كأنه الشراك ، فذلك حقيقة قولي وبدء شأني يا أخا بني عامر .
فقال العامري : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن أمرك حق ، فأنبئني بأشياء أسألك عنها . قال : سل . قال : أخبرني ما يزيد في العلم ؟ . قال : التعلم . قال : فما يدل على العلم ؟ . قال النبي - صلى الله عليه وسلم : السؤال . قال : فأخبرني ماذا يزيد في الشيء ؟ . قال : التمادي . قال : فأخبرني هل ينفع البر مع الفجور ؟ . قال : نعم ، التوبة تغسل الحوبة ، والحسنات يذهبن السيئات ، وإذا ذكر العبد الله عند الرخاء أعانه عند البلاء . فقال العامري : فكيف ذلك ؟ . قال : ذلك بأن الله - عز وجل - يقول : وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا أجمع له خوفين ، إن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي في حظيرة القدس ، فيدوم له أمنه ، ولا أمحقه فيمن أمحق ، وإن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع عبادي لميقات يوم معلوم فيدوم له خوفه .
قال : يا ابن عبد المطلب أخبرني إلام تدعو ؟ . قال : أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن تخلع الأنداد ، وتكفر باللات والعزى ، وتقر بما جاء من عند الله من كتاب ورسول ، وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهن ، وتصوم شهرا من السنة ، وتؤدي زكاة مالك يطهرك الله تعالى بها ويطيب لك مالك ، وتحج البيت إذا وجدت إليه سبيلا ، وتغتسل من الجنابة ، وتؤمن بالموت والبعث بعد الموت ، وبالجنة والنار . قال : يا ابن عبد المطلب فإذا فعلت ذلك فما لي ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى .
فقال : هل مع هذا من الدنيا شيء ؟ فإنه يعجبني الوطأة من العيش . [ ص: 423 ] قال النبي - صلى الله عليه وسلم : النصر والتمكن في البلاد . فأجاب وأناب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : هلك
عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة حامل به .
قال
هشام بن محمد : توفي
عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله بعدما أتى على رسول الله ثمانية وعشرون يوما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : الثبت عندنا أن
عبد الله بن عبد المطلب أقبل من
الشام في عير
لقريش ، ونزل
بالمدينة وهو مريض فأقام بها حتى توفي ودفن بدار
النابغة ، الدار الصغرى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وتوفيت أمه
آمنة وله ست سنين بالأبواء بين
مكة والمدينة ، كانت قدمت به
المدينة على أخواله من
بني النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة ، وقيل : إنها أتت
المدينة تزور قبر زوجها
عبد الله ، ومعها رسول الله
nindex.php?page=showalam&ids=11406وأم أيمن حاضنة رسول الله ، فلما عادت ماتت
بالأبواء .
وقيل : إن
عبد المطلب زار أخواله من
بني النجار ، وحمل معه
آمنة ورسول الله ، فلما رجع توفيت
بمكة ، ودفنت في
شعب أبي ذر ، والأول أصح .
ولما سارت
قريش إلى
أحد هموا باستخراجها من قبرها ، فقال بعضهم : إن النساء عورة وربما أصاب
محمد من نسائكم ، فكفهم الله بهذا القول إكراما لأم النبي - صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وتوفي
عبد المطلب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن ثماني سنين ، وقيل : ابن عشر سنين .
[ ص: 424 ] ولما مات
عبد المطلب صار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجر عمه
أبي طالب بوصية من
عبد المطلب إليه بذلك لما كان يرى من بره به وشفقته وحنوه عليه ، فيصبح ولد
أبي طالب غمصا رمصا ، ويصبح رسول الله صقيلا دهينا .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29261مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 416 ] قَالَ
قَيْسُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَقُبَاثُ بْنُ أَشْيَمَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025805إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابْنُ الْكَلْبِيِّ : وُلِدَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مَضَتْ مِنْ سُلْطَانِ
كِسْرَى أَنُوشِرْوَانَ ، وَوُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِنْ سُلْطَانِهِ ، وَأَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُضِيِّ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مِنْ مُلْكِ
كِسْرَى أَبْرَوِيزَ بْنِ كِسْرَى هُرْمُزَ بْنِ كِسْرَى أَنُوشِرْوَانَ ، فَهَاجَرَ لِثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً مَضَتْ مِنْ مُلْكِ أَبْرَوِيزَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025806وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِالدَّارِ الَّتِي تُعْرَفُ بِدَارِ ابْنِ يُوسُفَ . قِيلَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَبَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=222عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ ، فَبَاعَهَا وَلَدُهُ مِنْ
مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ ، فَبَنَى دَارَهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ
ابْنِ يُوسُفَ ، وَأَدْخَلَ ذَلِكَ الْبَيْتَ فِي الدَّارِ ، حَتَّى أَخْرَجَتْهُ الْخَيْزُرَانُ فَجَعَلَتْهُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ . وَقِيلَ : وُلِدَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْهُ ، وَقِيلَ : لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْهُ .
[ ص: 417 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : إِنَّ
آمِنَةَ ابْنَةَ وَهْبٍ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا لَمَّا حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهَا : إِنَّكِ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، فَإِذَا وَقَعَ بِالْأَرْضِ قُولِي أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ ، ثُمَّ سَمِّيهِ
مُحَمَّدًا . وَرَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ رَأَتْ بِهِ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ
الشَّامِ .
فَلَمَّا وَضَعَتْهُ أَرْسَلَتْ إِلَى جَدِّهِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : إِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَكَ غُلَامٌ فَأْتِهِ فَانْظُرْ إِلَيْهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ، وَحَدَّثَتْهُ بِمَا رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ ، وَمَا قِيلَ لَهَا فِيهِ وَمَا أُمِرَتْ أَنْ تُسَمِّيَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=61عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ : حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا شَهِدَتْ وِلَادَةَ
آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا شَيْءٌ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا نُورٌ ، وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدْنُو حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ لَتَقَعَنَّ عَلَيَّ .
nindex.php?page=treesubj&link=29262وَأَوَّلُ مَنْ أَرْضَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ بِلَبَنِ ابْنٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ مَسْرُوحٌ ، وَكَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ قَبْلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَرْضَعَتْ بَعْدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=233أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ ، فَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ تَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ فَيُكْرِمَهَا وَتُكْرِمُهَا
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى
أَبِي لَهَبٍ أَنْ يَبِيعَهَا إِيَّاهَا لِتُعْتِقَهَا ، فَأَبَى ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
الْمَدِينَةِ أَعْتَقَهَا
أَبُو لَهَبٍ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ إِلَيْهَا بِالصِّلَةِ ، إِلَى أَنْ بَلَغَهُ خَبَرُ وَفَاتِهَا مُنْصَرَفَهُ مِنْ
خَيْبَرَ ، فَسَأَلَ عَنِ ابْنِهَا
مَسْرُوحٍ ، فَقِيلَ : تُوُفِّيَ قَبْلَهَا ، فَسَأَلَ : هَلْ لَهَا مِنْ قَرَابَةٍ ؟ فَقِيلَ : لَمْ يَبْقَ لَهَا أَحَدٌ .
ثُمَّ أَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ
ثُوَيْبَةَ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ مِنْ
بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هُوزَانَ ، وَاسْمُ زَوْجِهَا الَّذِي أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ
الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَاسْمُ إِخْوَتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ :
عَبْدُ اللَّهِ ،
وَأُنَيْسَةُ ،
وَجُذَامَةُ ، وَهِيَ الشَّيْمَاءُ ، عُرِفَتْ بِذَلِكَ ، وَكَانَتِ
الشَّيْمَاءُ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمِّهَا
حَلِيمَةَ .
[ ص: 418 ] وَقَدِمَتْ
حَلِيمَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ ، فَأَكْرَمَهَا وَوَصَلَهَا ، وَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ فَتْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَكَّةَ ، فَلَمَّا فَتَحَ
مَكَّةَ ، قَدِمَتْ عَلَيْهِ أُخْتٌ لَهَا فَسَأَلَهَا عَنْهَا ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَوْتِهَا ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ، فَسَأَلَهَا عَمَّنْ خَلَّفَتْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَسَأَلَتْهُ نِحْلَةً وَحَاجَةً فَوَصَلَهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=166عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : كَانَتْ
حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ تُحَدِّثُ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ بَلَدِهَا مَعَ نِسْوَةٍ يَلْتَمِسْنَ الرُّضَعَاءَ ، وَذَلِكَ فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ لَمْ تُبْقِ شَيْئًا . قَالَتْ : فَخَرَجْتُ عَلَى أَتَانٍ لَنَا قَمْرَاءَ ، مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا ، وَاللَّهِ مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ ، وَمَا نَنَامُ لَيْلَتَنَا أَجْمَعَ مِنْ صَبِيِّنَا الَّذِي مَعِي مِنْ بُكَائِهِ مِنَ الْجُوعِ ، وَمَا فِي ثَدْيِي مَا يُغْنِيهِ ، وَمَا فِي شَارِفِنَا مَا يَغْذُوهُ ، وَلَكِنَّا نَرْجُو الْغَيْثَ وَالْفَرَجَ ، فَلَقَدْ أَذَمَّتْ أَتَانِي بِالرَّكْبِ حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِمْ ضَعْفًا وَعَجَفًا ، حَتَّى قَدِمْنَا
مَكَّةَ فَمَا مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأْبَاهُ إِذَا قِيلَ لَهَا إِنَّهُ يَتِيمٌ ، وَذَلِكَ أَنَّا إِنَّمَا نَرْجُو الْمَعْرُوفَ مِنْ أَبِي الصَّبِيِّ . فَكُنَّا نَقُولُ : يَتِيمٌ فَمَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمُّهُ وَجَدُّهُ ! فَمَا بَقِيَتِ امْرَأَةٌ مَعِي إِلَّا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي ، فَلَمَّا أَجْمَعْنَا الِانْطِلَاقَ قُلْتُ لِصَاحِبِي ، وَكَانَ مَعِي : إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَمْ آخُذْ رَضِيعًا ، وَاللَّهِ لَأَذْهَبَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلْآخُذَنَّهُ ! قَالَ : افْعَلِي فَعَسَى أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَنَا فِيهِ بَرَكَةً . قَالَتْ : فَذَهَبْتُ فَأَخَذْتُهُ ، فَلَمَّا أَخَذْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ مِمَّا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ ، فَشَرِبَ حَتَّى رُوِيَ وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتَّى رُوِيَ ثُمَّ نَامَا ، وَمَا كَانَ ابْنِي يَنَامُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ فَإِذَا إِنَّهَا حَافِلٌ ، فَحَلَبَ مِنْهَا ثُمَّ شَرِبَ حَتَّى رُوِيَ ، ثُمَّ سَقَانِي فَشَرِبْتُ حَتَّى شَبِعْنَا . قَالَتْ : يَقُولُ لِي صَاحِبِي : تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ يَا
حَلِيمَةُ لَقَدْ أَخَذْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً ! قُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْجُو ذَلِكَ . قَالَتْ : ثُمَّ خَرَجْنَا ، فَرَكِبْتُ أَتَانِي وَحَمَلْتُهُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْحَقْنِي شَيْءٌ مِنْ حُمُرِهِمْ حَتَّى إِنَّ صَوَاحِبِي لَيَقُلْنَ لِي : يَا ابْنَةَ
أَبِي ذُؤَيْبٍ ارْبِعِي عَلَيْنَا ، أَلَيْسَتْ هَذِهِ أَتَانَكِ الَّتِي كُنْتِ خَرَجْتِ عَلَيْهَا ؟ فَأَقُولُ : بَلَى وَاللَّهِ لَهِيَ هِيَ ، فَيَقُلْنَ : إِنَّ لَهَا شَأْنًا ، ثُمَّ
[ ص: 419 ] قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ
بَنِي سَعِدٍ ، وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ أَجْدَبَ مِنْهَا ، فَكَانَتْ غَنَمِي تَرُوحُ عَلَيَّ حِينَ قَدِمْنَا شِبَاعًا لُبَّنًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ وَمَا يَحْلِبُ إِنْسَانٌ قَطْرَةً وَلَا يَجِدُهَا فِي ضَرْعٍ ، حَتَّى إِنْ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ قَوْمِنَا لَيَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ : وَيْلَكُمُ اسْرَحُوا حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي ابْنَةِ
أَبِي ذُؤَيْبٍ ! فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا لُبَّنًا .
فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ الْبَرَكَةَ مِنَ اللَّهِ وَالزِّيَادَةَ فِي الْخَيْرِ حَتَّى مَضَتْ سَنَتَانِ وَفَصَلْتُهُ ، وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لَا يَشِبُّهُ الْغِلْمَانُ ، فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا ، فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَنَا لِمَا كُنَّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ ، فَكَلَّمْنَا أُمَّهُ فِي تَرْكِهِ عِنْدَنَا ، فَأَجَابَتْ .
قَالَتْ : فَرَجَعْنَا بِهِ ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا بِهِ بِأَشْهُرٍ مَرَّ مَعَ أَخِيهِ فِي بُهْمٍ لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا إِذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ : ذَلِكَ أَخِي الْقُرَشِيُّ قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَاهُ وَشَقَّا بَطْنَهُ وَهُمَا يَسُوطَانِهِ ! قَالَتْ : فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا مُنْتَقِعًا وَجْهُهُ . قَالَتْ : فَالْتَزَمْتُهُ أَنَا وَأَبُوهُ وَقُلْنَا لَهُ : مَالَكَ يَا بُنَيَّ ؟ قَالَ : جَاءَنِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِي فَالْتَمَسَا بِهِ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ . قَالَتْ : فَرَجَعْنَا إِلَى خِبَائِنَا ، وَقَالَ لِي أَبُوهُ : وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أُصِيبَ فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ .
قَالَتْ : فَاحْتَمَلْنَاهُ فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ . فَقَالَتْ : مَا أَقْدَمَكِ يَا ظِئْرُ بِهِ وَقَدْ كُنْتِ حَرِيصَةً عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَكَ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : قَدْ بَلَّغَ اللَّهُ بِابْنِي ، وَقَضَيْتُ الَّذِي عَلَيَّ ، وَتَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ فَأَدَّيْتُهُ إِلَيْكِ كَمَا تُحِبِّينَ . قَالَتْ : مَا هَذَا بِشَأْنِكِ فَاصْدُقِينِي ! وَلَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَخْبَرْتُهَا . قَالَتْ : فَتَخَوَّفْتِ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَتْ : كَلَّا وَاللَّهِ مَا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَإِنَّ لِابْنِي لَشَأْنًا ، أَفَلَا أُخْبِرُكِ ؟ قُلْتُ : بَلَى . قَالَتْ : رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لِي قُصُورَ
بُصْرَى مِنَ
الشَّامِ ، ثُمَّ حَمَلْتُ بِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ حَمْلٍ قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَيْسَرَ ، ثُمَّ وَقَعَ حِينَ وَضَعْتُهُ وَإِنَّهُ لَوَاضِعٌ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ . دَعِيهِ عَنْكِ وَانْطَلِقِي رَاشِدَةً .
وَكَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=29262مُدَّةُ رَضَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَتَيْنِ ، وَرَدَّتْهُ
حَلِيمَةُ إِلَى أُمِّهِ وَجَدِّهِ
[ ص: 420 ] عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ فِي قَوْلٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=75شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ :
بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، وَهُوَ مَلِكُ قَوْمِهِ وَسَيِّدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا فَمَثُلَ قَائِمًا وَقَالَ : يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَكَ بِمَا أَرْسَلَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، أَلَا وَإِنَّكَ فُهْتَ بِعَظِيمٍ ، أَلَا وَقَدْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْتَ مِمَّنْ يَعْبُدُ هَذِهِ الْحِجَارَةَ وَالْأَوْثَانَ وَمَا لَكَ وَلِلنُّبُوَّةِ ، وَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكَ وَبَدْءُ شَأْنِكَ ؟
فَأُعْجِبَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِمُسَاءَلَتِهِ ثُمَّ قَالَ : يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ اجْلِسْ . فَجَلَسَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِي وَبَدْءَ شَأْنِي أَنِّي دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبُشْرَى أَخِي عِيسَى ، وَكُنْتُ بِكْرَ أُمِّي ، وَحَمَلَتْنِي كَأَثْقَلِ مَا تَحْمِلُ النِّسَاءُ ، ثُمَّ رَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِهَا نُورٌ ، قَالَتْ : فَجَعَلْتُ أُتْبِعُ بَصَرِي النُّورَ وَهُوَ يَسْبِقُ بَصَرِي حَتَّى أَضَاءَتْ لِي مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا ، ثُمَّ إِنَّهَا وَلَدَتْنِي فَنَشَأْتُ ، فَلَمَّا نَشَأْتُ بُغِّضَتْ إِلَيَّ الْأَوْثَانُ وَالشِّعْرُ ، فَكُنْتُ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مُنْتَبِذًا مِنْ أَهْلِي مَعَ أَتْرَابٍ مِنَ الصِّبْيَانِ إِذْ أَتَانَا ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مَعَهُمْ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ ثَلْجًا فَأَخَذُونِي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي ، فَخَرَجَ أَصْحَابِي هُرَّابًا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَى الرَّهْطِ فَقَالُوا : مَا أَرَبُكُمْ إِلَى هَذَا الْغُلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَبٌ وَمَا يَرُدُّ عَلَيْكُمْ قَتْلُهُ ؟ فَلَمَّا رَأَى الصِّبْيَانُ الرَّهْطَ لَا يَرُدُّونَ جَوَابًا انْطَلَقُوا مُسْرِعِينَ إِلَى الْحَيِّ يُؤْذِنُونَهُمْ بِي وَيَسْتَصْرِخُونَهُمْ عَلَى الْقَوْمِ ، فَعَمَدَ أَحَدُهُمْ فَأَضْجَعَنِي عَلَى الْأَرْضِ إِضْجَاعًا لَطِيفًا ، ثُمَّ شَقَّ مَا بَيْنَ مَفْرِقِ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي ، فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ لَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ مَسًّا ، ثُمَّ أَخْرَجَ أَحْشَاءَ بَطْنِي فَغَسَلَهَا بِالثَّلْجِ فَأَنْعَمَ غَسْلَهَا ، ثُمَّ أَخْرَجَ قَلْبِي فَصَدَعَهُ ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ فَرَمَى بِهَا ، قَالَ بِيَدِهِ يُمْنَةً مِنْهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا ، فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي يَدِهِ مِنْ نُورٍ يَحَارُ النَّاظِرُونَ دُونَهُ ، فَخَتَمَ بِهِ قَلْبِي ، فَامْتَلَأَ نُورًا ، وَذَلِكَ نُورُ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ ، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ ، فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الْخَاتَمِ فِي قَلْبِي دَهْرًا ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثُ لِصَاحِبِهِ : تَنَحَّ ، فَتَنَحَّى عَنِّي ، فَأَمَرَّ يَدَهُ مَا بَيْنَ مَفْرِقِ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي فَالْتَأَمَ ذَلِكَ الشَّقُّ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَنْهَضَنِي إِنْهَاضًا لَطِيفًا ثُمَّ قَالَ لِلْأَوَّلِ الَّذِي شَقَّ بَطْنِي : زِنْهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ . فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَرَجَحْتُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ . فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَرَجَحْتُهُمْ . ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِأَلْفٍ مِنْ [ ص: 421 ] أُمَّتِهِ . فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَرَجَحْتُهُمْ . فَقَالَ : دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُهُ بِأُمَّتِهِ كُلِّهِمْ لَرَجَحَ بِهِمْ . ثُمَّ ضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ ثُمَّ قَالُوا : يَا حَبِيبُ ، لَمْ تُرَعْ ، إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ .
قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَنَا بِالْحَيِّ قَدْ جَاءُوا بِحَذَافِيرِهِمْ ، وَإِذَا ظِئْرِي أَمَامَ الْحَيِّ تَهْتِفُ بِأَعْلَى صَوْتِهَا وَهِيَ تَقُولُ : يَا ضَعِيفَاهُ ! قَالَ : فَانْكَبُّوا عَلَيَّ وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ وَقَالُوا : حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ ضَعِيفٍ ! ثُمَّ قَالَتْ ظِئْرِي : يَا وَحِيدَاهُ ! فَانْكَبُّوا عَلَيَّ فَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ وَقَبَّلُوا مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ وَقَالُوا حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ وَحِيدٍ ، وَمَا أَنْتَ بِوَحِيدٍ ! إِنَّ اللَّهَ مَعَكَ ! ثُمَّ قَالَتْ ظِئْرِي : يَا يَتِيمَاهُ اسْتُضْعِفْتَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِكَ فَقُتِلْتَ لِضَعْفِكَ ! فَانْكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ وَقَبَّلُوا مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ وَقَالُوا : حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ يَتِيمٍ ! مَا أَكْرَمَكَ عَلَى اللَّهِ ! لَوْ تَعْلَمُ مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ ! قَالَ : فَوَصَلُوا بِي إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي . فَلَمَّا بَصُرَتْ بِي ظِئْرِي قَالَتْ : يَا بُنَيَّ أَلَا أَرَاكَ حَيًّا بَعْدُ ! فَجَاءَتْ حَتَّى انْكَبَّتْ عَلَيَّ وَضَمَّتْنِي إِلَى صَدْرِهَا ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَفِي حِجْرِهَا وَقَدْ ضَمَّتْنِي إِلَيْهَا ، وَإِنَّ يَدِي فِي يَدِ بَعْضِهِمْ ، فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ ، وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ يُبْصِرُونَهُمْ ، يَقُولُ بَعْضُ الْقَوْمِ : إِنَّ هَذَا الْغُلَامَ أَصَابَهُ لَمَمٌ أَوْ طَائِفٌ مِنَ الْجِنِّ ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى كَاهِنِنَا حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَيُدَاوِيَهُ . فَقُلْتُ : مَا هَذَا ! لَيْسَ بِي شَيْءٌ مِمَّا يُذْكَرُ ، إِنَّ إِرَادَتِي سَلِيمَةٌ ، وَفُؤَادِي صَحِيحٌ لَيْسَ فِيَّ قَلَبَةٌ . فَقَالَ أَبِي مِنَ الرَّضَاعِ : أَلَا تَرَوْنَ كَلَامَهُ صَحِيحًا ؟ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِابْنِي بَأْسٌ . فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَذْهَبُوا بِي إِلَى الْكَاهِنِ ، فَذَهَبُوا بِي إِلَيْهِ . فَلَمَّا قَصُّوا عَلَيْهِ قِصَّتِي قَالَ : اسْكُتُوا حَتَّى أَسْمَعَ مِنَ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَمْرِهِ مِنْكُمْ . فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِي مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ ، فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلِي وَثَبَ إِلَيَّ وَضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا لِلْعَرَبِ اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَاقْتُلُونِي مَعَهُ ! فَوَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ فَأَدْرَكَ لَيُبَدِّلَنَّ دِينَكُمْ وَلَيُخَالِفَنَّ أَمْرَكُمْ وَلِيَأْتِينَّكُمْ بِدِينٍ لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهِ قَطُّ .
فَانْتَزَعَتْنِي ظِئْرِي وَقَالَتْ : لَأَنْتَ أَجَنُّ وَأَعْتَهُ مِنِ ابْنِي هَذَا فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ مَنْ يَقْتُلُكَ ، فَإِنَّا غَيْرُ قَاتِلِيهِ !
[ ص: 422 ] ثُمَّ رَدُّونِي إِلَى أَهْلِي ، فَأَصْبَحْتُ مُفْزَعًا مِمَّا فُعِلَ بِي ، وَأَثَرُ الشَّقِّ مَا بَيْنَ صَدْرِي إِلَى عَانَتِي كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ ، فَذَلِكَ حَقِيقَةُ قَوْلِي وَبَدْءُ شَأْنِي يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ .
فَقَالَ الْعَامِرِيُّ : أَشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّ أَمْرَكَ حَقٌّ ، فَأَنْبِئْنِي بِأَشْيَاءَ أَسْأَلُكَ عَنْهَا . قَالَ : سَلْ . قَالَ : أَخْبِرْنِي مَا يَزِيدُ فِي الْعِلْمِ ؟ . قَالَ : التَّعَلُّمُ . قَالَ : فَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ ؟ . قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السُّؤَالُ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي مَاذَا يَزِيدُ فِي الشَّيْءِ ؟ . قَالَ : التَّمَادِي . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي هَلْ يَنْفَعُ الْبِرُّ مَعَ الْفُجُورِ ؟ . قَالَ : نَعَمْ ، التَّوْبَةُ تَغْسِلُ الْحَوْبَةَ ، وَالْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، وَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ اللَّهَ عِنْدَ الرَّخَاءِ أَعَانَهُ عِنْدَ الْبَلَاءِ . فَقَالَ الْعَامِرِيُّ : فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ . قَالَ : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَيْنَ وَلَا أَجْمَعُ لَهُ خَوْفَيْنِ ، إِنْ خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ ، فَيَدُومُ لَهُ أَمْنُهُ ، وَلَا أَمْحَقُهُ فِيمَنْ أَمَحَقُ ، وَإِنْ هُوَ أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا خَافَنِي يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَيَدُومُ لَهُ خَوْفُهُ .
قَالَ : يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخْبِرْنِي إِلَامَ تَدْعُو ؟ . قَالَ : أَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنْ تَخْلَعَ الْأَنْدَادَ ، وَتَكْفُرَ بِاللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَتُقِرَّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ كِتَابٍ وَرَسُولٍ ، وَتُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِحَقَائِقِهِنَّ ، وَتَصُومَ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ ، وَتُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِكَ يُطَهِّرُكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَيُطَيِّبُ لَكَ مَالَكَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ إِذَا وَجَدْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَبِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ . قَالَ : يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَمَا لِي ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى .
فَقَالَ : هَلْ مَعَ هَذَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ ؟ فَإِنَّهُ يُعْجِبُنِي الْوَطْأَةُ مِنَ الْعَيْشِ . [ ص: 423 ] قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : النَّصْرُ وَالتَّمَكُّنُ فِي الْبِلَادِ . فَأَجَابَ وَأَنَابَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : هَلَكَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ حَامِلٌ بِهِ .
قَالَ
هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ : تُوُفِّيَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيُّ : الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَقْبَلَ مِنَ
الشَّامِ فِي عِيرٍ
لِقُرَيْشٍ ، وَنَزَلَ
بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ وَدُفِنَ بِدَارِ
النَّابِغَةِ ، الدَّارِ الصُّغْرَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : وَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُ
آمِنَةُ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ بِالْأَبْوَاءِ بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، كَانَتْ قَدِمَتْ بِهِ
الْمَدِينَةَ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنْ
بَنِي النَّجَّارِ تُزِيرُهُ إِيَّاهُمْ فَمَاتَتْ وَهِيَ رَاجِعَةٌ ، وَقِيلَ : إِنَّهَا أَتَتِ
الْمَدِينَةَ تَزُورُ قَبْرَ زَوْجِهَا
عَبْدِ اللَّهِ ، وَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11406وَأُمُّ أَيْمَنَ حَاضِنَةُ رَسُولِ اللَّهِ ، فَلَمَّا عَادَتْ مَاتَتْ
بِالْأَبْوَاءِ .
وَقِيلَ : إِنَّ
عَبْدَ الْمُطَّلِبِ زَارَ أَخْوَالَهُ مِنْ
بَنِي النَّجَّارِ ، وَحَمَلَ مَعَهُ
آمِنَةَ وَرَسُولَ اللَّهِ ، فَلَمَّا رَجَعَ تُوُفِّيَتْ
بِمَكَّةَ ، وَدُفِنَتْ فِي
شِعْبِ أَبِي ذَرٍّ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .
وَلَمَّا سَارَتْ
قُرَيْشٌ إِلَى
أُحُدٍ هَمُّوا بِاسْتِخْرَاجِهَا مِنْ قَبْرِهَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ النِّسَاءَ عَوْرَةٌ وَرُبَّمَا أَصَابَ
مُحَمَّدٌ مِنْ نِسَائِكُمْ ، فَكَفَّهُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِكْرَامًا لِأُمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : وَتُوُفِّيَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ ثَمَانِي سِنِينَ ، وَقِيلَ : ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ .
[ ص: 424 ] وَلَمَّا مَاتَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ صَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِ عَمِّهِ
أَبِي طَالِبٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ بِرِّهِ بِهِ وَشَفَقَتِهِ وَحُنُوِّهَ عَلَيْهِ ، فَيُصْبِحُ وَلَدُ
أَبِي طَالِبٍ غُمْصًا رُمْصًا ، وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَقِيلًا دَهِينًا .