[ ص: 338 ]
484
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وأربعمائة
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800عزل الوزير أبي شجاع ووزارة عميد الدولة بن جهير
في هذه السنة ، في ربيع الأول ، عزل
الوزير أبو شجاع من وزارة الخليفة .
وكان سبب عزله أن إنسانا يهوديا
ببغداذ يقال له
أبو سعد بن سمحا كان وكيل السلطان
ونظام الملك ، فلقيه إنسان يبيع الحصر ، فصفعه صفعة أزالت عمامته ، ( عن رأسه ) فأخذ الرجل ، وحمل إلى الديوان ، وسئل عن السبب في فعله ، فقال : هو وضعني على نفسه ، فسار
كوهرائين ومعه
ابن سمحا اليهودي إلى العسكر يشكوان ، وكانا متفقين على الشكاية من
الوزير أبي شجاع .
فلما سارا خرج توقيع الخليفة بإلزام أهل الذمة بالغيار ، ولبس ما شرط عليهم أمير
nindex.php?page=showalam&ids=2المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فهربوا كل مهرب ، أسلم بعضهم ، فممن أسلم
أبو العلاء بن الحسن بن وهب بن موصلايا الكاتب ، وابن أخيه
أبو نصر هبة الله بن الحسن بن علي صاحب الخبر ، أسلما على يدي الخليفة .
ونقل أيضا عنه إلى السلطان
ونظام الملك أنه يكسر أغراضهم ويقبح أفعالهم ، حتى إنه لما ورد الخبر بفتح السلطان
سمرقند قال : وما هذا مما يبشر به ، كأنه قد فتح
[ ص: 339 ] بلاد
الروم ، هل أتى إلا إلى قوم مسلمين موحدين ، فاستباح منهم ما لا يستباح من المشركين !
فلما وصل
كوهرائين وابن سمحا إلى العسكر وشكوا من الوزير إلى السلطان
ونظام الملك ، وأخبراهما بجميع ما يقول عنهما ، ويكسر من أغراضهما ، أرسلا إلى الخليفة في عزله ، فعزله ، وأمره بلزوم بيته ، وكان عزله يوم الخميس ، فلما أمر بذلك أنشد :
تولاها وليس له عدو وفارقها وليس له صديق
فلما كان الغد ، يوم الجمعة ، خرج من داره إلى الجامع راجلا ، واجتمع الخلق العظيم عليه ، فأمر أن لا يخرج من بيته ، ولما عزل استنيب في الوزارة
أبو سعد بن موصلايا ، كاتب الإنشاء ، وأرسل الخليفة إلى السلطان
ونظام الملك يستدعي
عميد الدولة بن جهير ليستوزره ، فسير إليه ، فاستوزره في ذي الحجة من هذه السنة ، وركب إليه
نظام الملك ، فهنأه بالوزارة في داره ، وأكثر الشعراء تهنئته بالعود إلى الوزارة .
[ ص: 338 ]
484
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800عَزْلِ الْوَزِيرِ أَبِي شُجَاعٍ وَوِزَارَةِ عَمِيدِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، عُزِلَ
الْوَزِيرُ أَبُو شُجَاعٍ مِنْ وِزَارَةِ الْخَلِيفَةِ .
وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ أَنَّ إِنْسَانًا يَهُودِيًّا
بِبَغْدَاذَ يُقَالُ لَهُ
أَبُو سَعْدِ بْنِ سَمْحَا كَانَ وَكِيلَ السُّلْطَانِ
وَنِظَامَ الْمُلْكِ ، فَلَقِيَهُ إِنْسَانٌ يَبِيعُ الْحُصْرَ ، فَصَفَعَهُ صَفْعَةً أَزَالَتْ عِمَامَتَهُ ، ( عَنْ رَأْسِهِ ) فَأُخِذَ الرَّجُلُ ، وَحُمِلَ إِلَى الدِّيوَانِ ، وَسُئِلَ عَنِ السَّبَبِ فِي فِعْلِهِ ، فَقَالَ : هُوَ وَضَعَنِي عَلَى نَفْسِهِ ، فَسَارَ
كُوهَرَائِينُ وَمَعَهُ
ابْنُ سَمْحَا الْيَهُودِيُّ إِلَى الْعَسْكَرِ يَشْكُوَانِ ، وَكَانَا مُتَّفِقَيْنِ عَلَى الشِّكَايَةِ مِنَ
الْوَزِيرِ أَبِي شُجَاعٍ .
فَلَمَّا سَارَا خَرَجَ تَوْقِيعُ الْخَلِيفَةِ بِإِلْزَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْغِيَارِ ، وَلُبْسِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَمِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=2الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَهَرَبُوا كُلَّ مَهْرَبٍ ، أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ ، فَمِمَّنْ أَسْلَمَ
أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ وَهَبِ بْنِ مُوصِلَايَا الْكَاتِبُ ، وَابْنُ أَخِيهِ
أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ صَاحِبُ الْخَبَرِ ، أَسْلَمَا عَلَى يَدَيِ الْخَلِيفَةِ .
وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْهُ إِلَى السُّلْطَانِ
وَنِظَامِ الْمُلْكِ أَنَّهُ يَكْسِرُ أَغْرَاضَهُمْ وَيُقَبِّحُ أَفْعَالَهُمْ ، حَتَّى إِنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الْخَبَرُ بِفَتْحِ السُّلْطَانِ
سَمَرْقَنْدَ قَالَ : وَمَا هَذَا مِمَّا يُبَشَّرُ بِهِ ، كَأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ
[ ص: 339 ] بِلَادَ
الرُّومِ ، هَلْ أَتَى إِلَّا إِلَى قَوْمٍ مُسْلِمِينَ مُوَحِّدِينَ ، فَاسْتَبَاحَ مِنْهُمْ مَا لَا يُسْتَبَاحُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ !
فَلَمَّا وَصَلَ
كُوهَرَائِينُ وَابْنُ سَمْحَا إِلَى الْعَسْكَرِ وَشَكَوَا مِنَ الْوَزِيرِ إِلَى السُّلْطَانِ
وَنِظَامِ الْمُلْكِ ، وَأَخْبَرَاهُمَا بِجَمِيعِ مَا يَقُولُ عَنْهُمَا ، وَيَكْسِرُ مِنْ أَغْرَاضِهِمَا ، أَرْسَلَا إِلَى الْخَلِيفَةِ فِي عَزْلِهِ ، فَعَزَلَهُ ، وَأَمَرَهُ بِلُزُومِ بَيْتِهِ ، وَكَانَ عَزْلُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَلَمَّا أُمِرَ بِذَلِكَ أَنْشَدَ :
تَوَلَّاهَا وَلَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ وَفَارَقَهَا وَلَيْسَ لَهُ صَدِيقُ
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ، يَوْمُ الْجُمْعَةِ ، خَرَجَ مِنْ دَارِهِ إِلَى الْجَامِعِ رَاجِلًا ، وَاجْتَمَعَ الْخَلْقُ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ ، فَأُمِرَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ ، وَلَمَّا عُزِلَ اسْتُنِيبَ فِي الْوِزَارَةِ
أَبُو سَعِدِ بْنُ مُوصِلَايَا ، كَاتِبُ الْإِنْشَاءِ ، وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى السُّلْطَانِ
وَنِظَامِ الْمُلْكِ يَسْتَدْعِي
عَمِيدَ الدَّوْلَةِ بْنَ جَهِيرٍ لِيَسْتَوْزِرَهُ ، فَسُيِّرَ إِلَيْهِ ، فَاسْتَوْزَرَهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ، وَرَكِبَ إِلَيْهِ
نِظَامُ الْمُلْكِ ، فَهَنَّأَهُ بِالْوِزَارَةِ فِي دَارِهِ ، وَأَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ تَهْنِئَتَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى الْوِزَارَةِ .