ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29301_30669هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم
لما تتابع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة أقام هو
بمكة ينتظر ما يؤمر به من ذلك ، وتخلف معه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر الصديق . فلما رأت
قريش ذلك حذروا خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمعوا في
دار الندوة ، وهي دار
قصي بن كلاب ، وتشاوروا فيها فدخل معهم إبليس في صورة شيخ وقال : أنا من
أهل نجد سمعت بخبركم فحضرت ، وعسى أن لا تعدموا مني رأيا .
وكانوا :
عتبة ،
وشيبة ،
وأبا سفيان ،
وطعيمة بن عدي ،
وحبيب بن مطعم ،
والحارث بن عامر ،
والنضر بن الحارث ،
وأبا البختري بن هشام ،
وربيعة بن الأسود ،
nindex.php?page=showalam&ids=137وحكيم بن حزام ،
وأبا جهل ،
ونبيها ومنبها ابني الحجاج ،
وأمية بن خلف ، وغيرهم .
فقال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد كان من أمره ما كان ، وما نأمنه على الوثوب علينا بمن اتبعه ، فأجمعوا فيه رأيا فقال بعضهم : احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب الشعراء قبله . فقال النجدي : ما هذا لكم برأي ، لو حبستموه يخرج أمره من وراء الباب إلى أصحابه ، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم ، فينتزعوه من أيديكم . فقال آخر : نخرجه وننفيه من بلدنا ولا نبالي أين وقع إذا غاب عنا . فقال
[ ص: 695 ] النجدي : ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه ؟ لو فعلتم ذلك لحل على حي من أحياء العرب فيغلب عليهم بحلاوة منطقه ، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم ويأخذ أمركم من أيديكم . فقال
أبو جهل : أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى نسيبا ، ونعطي كل فتى منهم سيفا ، ثم يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه ، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها ، فلم يقدر
بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ، ورضوا منا بالعقل . فقال النجدي : القول ما قال الرجل ، هذا الرأي ! فتفرقوا على ذلك .
فأتى
جبرائيل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تبت الليلة على فراشك . فلما كان العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه ، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي واتشح ببردي الأخضر ، فنم فيه فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه ، وأمره أن يؤدي ما عنده من وديعة وأمانة وغير ذلك .
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب فجعله على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات من (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس والقرآن الحكيم ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فهم لا يبصرون ) . ثم انصرف فلم يروه ، فأتاهم آت فقال : ما تنتظرون ؟ فقالوا :
محمدا . قال : خيبكم الله ، خرج عليكم ولم يترك أحدا منكم إلا جعل على رأسه التراب وانطلق لحاجته ! فوضعوا أيديهم على رءوسهم فرأوا التراب ، وجعلوا ينظرون فيرون عليا نائما وعليه برد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون : إن
محمدا لنائم ، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا . فقام علي عن الفراش ، فعرفوه ، وأنزل الله في ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ) الآية .
وسأل أولئك الرهط
عليا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا أدري ، أمرتموه بالخروج فخرج . فضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ثم تركوه ، ونجى الله رسوله من مكرهم وأمره بالهجرة ، وقام
علي يؤدي أمانة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويفعل ما أمره .
وقالت
عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025839كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخطئه أحد طرفي النهار أن يأتي بيت أبي بكر إما بكرة أو عشية ، حتى كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله بالهجرة فأتانا بالهاجرة ، فلما رآه أبو بكر قال : ما جاء هذه الساعة إلا لأمر حدث . فلما دخل جلس [ ص: 696 ] على السرير وقال : أخرج من عندك . قال : يا رسول الله إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ قال : إن الله قد أذن لي في الخروج . فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله ؟ ! قال : الصحبة ، فبكى أبو بكر من الفرح ، فاستأجرا عبد الله بن أرقد ، من بني الديل بن بكر ، وكان مشركا ، يدلهما على الطريق ، ولم يعلم بخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أبي بكر وعلي وآل أبي بكر ، فأما علي فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخلف عنه حتى يؤدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الودائع التي كانت عنده ثم يلحقه .
وخرجا من خوخة في بيت أبي بكر في ظهر بيته ، ثم عمدا إلى غار بثور فدخلاه ، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلا ، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يأتيهما بها ليلا ، وكانت nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بطعامهما مساء ، فأقاما في الغار ثلاثا .
وجعلت قريش مائة ناقة لمن رده عليهم .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر إذا غدا من عندهما اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه . فلما مضت الثلاث وسكن الناس أتاهما دليلهما ببعيريهما ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدهما بالثمن فركبه ، وأتتهما nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما ونسيت أن تجعل لها عصاما فحلت نطاقها فجعلته عصاما وعلقت السفرة به ، وكان يقال nindex.php?page=showalam&ids=64لأسماء : ذات النطاقين لذلك .
ثم ركبا وسارا ، وأردف أبو بكر مولاه عامر بن فهيرة يخدمهما في الطريق ، فساروا ليلتهم ومن الغد إلى الظهر ، ورأوا صخرة طويلة ، فسوى أبو بكر عندها مكانا ليقيل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليستظل بظلها ، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرسه أبو بكر حتى رحلوا بعدما زالت الشمس .
وكانت قريش قد جعلت لمن يأتي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - دية ، فتبعهم سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي فلحقهم وهم في أرض صلبة ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أدركنا الطلب ! فقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تحزن إن الله معنا ) ودعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه [ ص: 697 ] إلى بطنها وثار من تحتها مثل الدخان . فقال : ادع لي محمد ليخلصني الله ، ولك علي أن أرد عنك الطلب ، فدعا له فتخلص ، فعاد يتبعهم ، فدعا عليه الثانية فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى ، فقال : يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك علي ، فادع لي ولك عهد الله أن أرد عنك الطلب . فدعا له فخلص وقرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له : يا رسول الله خذ سهما من كنانتي ، وإن إبلي بمكان كذا فخذ منها ما أحببت . فقال : لا حاجة لي في إبلك .
فلما أراد أن يعود عنه قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : كيف بك يا سراقة إذا سورت بسواري nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ؟ قال : كسرىبن هرمز ؟ قال : نعم . فعاد
سراقة فكان لا يلقاه أحد يريد الطلب إلا قال : كفيتم ما هاهنا ، ولا يلقى أحدا إلا رده .
قالت
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر :
لما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل فوقفوا على باب أبي بكر فقالوا : أين أبوك ؟ قلت : لا أدري ، فرفع أبو جهل يده فلطم خدي لطمة طرح قرطي ، وكان فاحشا خبيثا . ومكثنا مليا لا ندري أين توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى رجل من الجن من أسفل مكة ، والناس يتبعونه يسمعون صوته ولا يرون شخصه وهو يقول :
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالهدي واغتديا به
فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهنئ بني كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
[ ص: 698 ] قالت : فلما سمعنا قوله عرفنا أن وجهه كان إلى المدينة .
وقدم بهما دليلهما
قباء فنزل على
بني عمرو بن عوف لاثني عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين حين كادت الشمس تعتدل ، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
nindex.php?page=showalam&ids=7483كلثوم بن الهدم ، أخي
بني عمرو بن عوف ، وقيل : نزل على
nindex.php?page=showalam&ids=3397سعد بن خيثمة ، وكان عزبا ، وكان ينزل عنده العزاب من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقال لبيته بيت العزاب ، والله أعلم .
ونزل
أبو بكر على
nindex.php?page=showalam&ids=2516خبيب بن إساف بالسنح ، وقيل : نزل على
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد أخي بني الحارث بن الخزرج .
وأما
علي فإنه لما فرغ من الذي أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هاجر إلى
المدينة ، فكان يسير الليل ويكمن النهار ، حتى قدم
المدينة وقد تفطرت قدماه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " ادعوا لي
عليا " . قيل : لا يقدر أن يمشي . فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتنقه ، وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ، وتفل في يديه وأمرهما على قدميه ، فلم يشتكهما بعد حتى قتل . ونزل
بالمدينة على امرأة لا زوج لها ، فرأى إنسانا يأتيها كل ليلة ويعطيها شيئا فاستراب بها ، فسألها عنه فقالت : هو
nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف ، قد علم أني امرأة لا زوج لي فهو يكسر أصنام قومه ويحملها إلي ويقول : احتطبي بهذه . فكان
علي يذكر ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف بعد موته .
وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج يوم الجمعة ، وقيل : أقام عندهم أكثر من ذلك . والله أعلم . وأدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمعة في
بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي
ببطن الوادي ، فكانت أول جمعة صلاها
بالمدينة .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025841قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، واستنبئ يوم الاثنين ، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين ، وهاجر يوم الاثنين ، وقبض يوم الاثنين .
[ ص: 699 ] واختلف العلماء في مقامه
بمكة بعد أن أوحي إليه ، فقال
أنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهما - من رواية أبي سلمة عنه -
وعائشة : إنه أقام
بمكة عشر سنين . ومثلهم قال من التابعين :
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب والحسن وعمر بن دينار . وقيل : أقام ثلاث عشرة سنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11969أبي جمرة وعكرمة أيضا عنه ، ولعل الذي قال أقام عشر سنين أراد بعد إظهار الدعوة ، فإنه بقي سنين يسيرة ، ومما يقوي هذا القول قول
صرمة بن أبي أنس الأنصاري ، شعر :
ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مواتيا
فهذا يدل على مقامه ثلاث عشرة سنة لأنه قد زاد على عشرة سنين ، فلو كان خمس عشرة لصح الوزن ، وكذلك ست عشرة وسبع عشرة ، وحيث لم يستقم الوزن بأن يقول ثلاث عشرة قال : بضع عشرة ، ولم ينقل في مقامه زيادة على عشر سنين إلا ثلاث عشرة وخمس عشرة .
وقد روي عن
قتادة قول غريب جدا ، وذلك أنه قال : نزل القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -
بمكة ثماني سنين ، ولم يوافقه غيره .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29301_30669هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمَّا تَتَابَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْهِجْرَةِ أَقَامَ هُوَ
بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَتَخَلَّفَ مَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ . فَلَمَّا رَأَتْ
قُرَيْشٌ ذَلِكَ حَذِرُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاجْتَمَعُوا فِي
دَارِ النَّدْوَةِ ، وَهِيَ دَارُ
قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ ، وَتَشَاوَرُوا فِيهَا فَدَخَلَ مَعَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ وَقَالَ : أَنَا مِنْ
أَهْلِ نَجْدٍ سَمِعْتُ بِخَبَرِكُمْ فَحَضَرْتُ ، وَعَسَى أَنْ لَا تُعْدَمُوا مِنِّي رَأْيًا .
وَكَانُوا :
عُتْبَةَ ،
وَشَيْبَةَ ،
وَأَبَا سُفْيَانَ ،
وَطُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ ،
وَحَبِيبَ بْنَ مُطْعِمٍ ،
وَالْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ ،
وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ ،
وَأَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هِشَامٍ ،
وَرَبِيعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=137وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ،
وَأَبَا جَهْلٍ ،
وَنُبَيْهًا وَمُنَبِّهًا ابْنَيِ الْحَجَّاجِ ،
وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ، وَغَيْرَهُمْ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ ، وَمَا نَأْمَنُهُ عَلَى الْوُثُوبِ عَلَيْنَا بِمَنِ اتَّبَعَهُ ، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ الشُّعَرَاءَ قَبْلَهُ . فَقَالَ النَّجْدِيُّ : مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ ، لَوْ حَبَسْتُمُوهُ يَخْرُجُ أَمْرُهُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَلَأَوْشَكُوا أَنْ يَثِبُوا عَلَيْكُمْ ، فَيَنْتَزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ . فَقَالَ آخَرُ : نُخْرِجُهُ وَنَنْفِيهِ مِنْ بَلَدِنَا وَلَا نُبَالِي أَيْنَ وَقَعَ إِذَا غَابَ عَنَّا . فَقَالَ
[ ص: 695 ] النَّجْدِيُّ : أَلَمْ تَرَوْا حُسْنَ حَدِيثِهِ وَحَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ ؟ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَحَلَّ عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِمْ بِحَلَاوَةِ مَنْطِقِهِ ، ثُمَّ يَسِيرُ بِهِمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى يَطَأَكُمْ وَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ . فَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ : أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى نَسِيبًا ، وَنُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا ، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُونَهُ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ كُلِّهَا ، فَلَمْ يَقْدِرْ
بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ جَمِيعًا ، وَرَضُوا مِنَّا بِالْعَقْلِ . فَقَالَ النَّجْدِيُّ : الْقَوْلُ مَا قَالَ الرَّجُلُ ، هَذَا الرَّأْيُ ! فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ .
فَأَتَى
جِبْرَائِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : لَا تَبِتِ اللَّيْلَةَ عَلَى فِرَاشِكَ . فَلَمَّا كَانَ الْعَتَمَةُ اجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ يَرْصُدُونَهُ مَتَى يَنَامُ فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : نَمْ عَلَى فِرَاشِي وَاتَّشِحْ بِبُرْدِي الْأَخْضَرِ ، فَنَمْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُصُ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عِنْدَهُ مِنْ وَدِيعَةٍ وَأَمَانَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَجَعَلَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) . ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَرَوْهُ ، فَأَتَاهُمْ آتٍ فَقَالَ : مَا تَنْتَظِرُونَ ؟ فَقَالُوا :
مُحَمَّدًا . قَالَ : خَيَّبَكُمُ اللَّهُ ، خَرَجَ عَلَيْكُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا مِنْكُمْ إِلَّا جَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ! فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَرَأَوُا التُّرَابَ ، وَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ فَيَرَوْنَ عَلِيًّا نَائِمًا وَعَلَيْهِ بُرْدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُونَ : إِنَّ
مُحَمَّدًا لَنَائِمٌ ، فَلَمْ يَبْرَحُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا . فَقَامَ عَلِيٌّ عَنِ الْفِرَاشِ ، فَعَرَفُوهُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الْآيَةَ .
وَسَأَلَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ
عَلِيًّا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : لَا أَدْرِي ، أَمَرْتُمُوهُ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَ . فَضَرَبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَحَبَسُوهُ سَاعَةً ثُمَّ تَرَكُوهُ ، وَنَجَّى اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ مَكْرِهِمْ وَأَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ ، وَقَامَ
عَلِيٌّ يُؤَدِّي أَمَانَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ .
وَقَالَتْ
عَائِشَةُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025839كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُخْطِئُهُ أَحَدٌ طَرَفَيِ النَّهَارِ أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ إِمَّا بُكْرَةً أَوْ عَشِيَّةً ، حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ لِرَسُولِهِ بِالْهِجْرَةِ فَأَتَانَا بِالْهَاجِرَةِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : مَا جَاءَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِأَمْرِ حَدَثَ . فَلَمَّا دَخَلَ جَلَسَ [ ص: 696 ] عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ ، وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ! قَالَ : الصُّحْبَةَ ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْفَرَحِ ، فَاسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَرْقَدَ ، مِنْ بَنِي الدَّيْلِ بْنِ بَكْرٍ ، وَكَانَ مُشْرِكًا ، يَدُلُّهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَآلِ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَمَّا عَلِيٌّ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ يَلْحَقَهُ .
وَخَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي ظَهْرِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ عَمَدَا إِلَى غَارٍ بِثَوْرٍ فَدَخَلَاهُ ، وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَمِعَ لَهُمَا بِمَكَّةَ نَهَارَهُ ثُمَّ يَأْتِيهِمَا لَيْلًا ، وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَاهُ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ نَهَارَهُ ثُمَّ يَأْتِيَهُمَا بِهَا لَيْلًا ، وَكَانَتْ nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ تَأْتِيهِمَا بِطَعَامِهِمَا مَسَاءً ، فَأَقَامَا فِي الْغَارِ ثَلَاثًا .
وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ مِائَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ .
وَكَانَ nindex.php?page=showalam&ids=16397عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِذَا غَدَا مِنْ عِنْدِهِمَا اتَّبَعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ أَثَرَهُ بِالْغَنَمِ حَتَّى يُعْفِيَ عَلَيْهِ . فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ وَسَكَنَ النَّاسُ أَتَاهُمَا دَلِيلُهُمَا بِبَعِيرَيْهِمَا ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدَهُمَا بِالثَّمَنِ فَرَكِبَهُ ، وَأَتَتْهُمَا nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ بِسُفْرَتِهِمَا وَنَسِيَتْ أَنْ تَجْعَلَ لَهَا عِصَامًا فَحَلَّتْ نِطَاقَهَا فَجَعَلَتْهُ عِصَامًا وَعَلَّقَتِ السُّفْرَةَ بِهِ ، وَكَانَ يُقَالُ nindex.php?page=showalam&ids=64لِأَسْمَاءَ : ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ لِذَلِكَ .
ثُمَّ رَكِبَا وَسَارَا ، وَأَرْدَفَ أَبُو بَكْرٍ مَوْلَاهُ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ يَخْدِمُهُمَا فِي الطَّرِيقِ ، فَسَارُوا لَيْلَتَهُمْ وَمِنَ الْغَدِ إِلَى الظُّهْرِ ، وَرَأَوْا صَخْرَةً طَوِيلَةً ، فَسَوَّى أَبُو بَكْرٍ عِنْدَهَا مَكَانًا لِيُقِيلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَرَسَهُ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى رَحَلُوا بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ .
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَعَلَتْ لِمَنْ يَأْتِي بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَةً ، فَتَبِعَهُمْ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ فَلَحِقَهُمْ وَهُمْ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَدْرَكَنَا الطَّلَبُ ! فَقَالَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ [ ص: 697 ] إِلَى بَطْنِهَا وَثَارَ مِنْ تَحْتِهَا مِثْلَ الدُّخَانِ . فَقَالَ : ادْعُ لِي مُحَمَّدُ لِيُخَلِّصَنِي اللَّهُ ، وَلَكَ عَلَيَّ أَنْ أَرُدَّ عَنْكَ الطَّلَبَ ، فَدَعَا لَهُ فَتَخَلَّصَ ، فَعَادَ يَتْبَعُهُمْ ، فَدَعَا عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ أَشَدَّ مِنَ الْأُولَى ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا مِنْ دُعَائِكَ عَلَيَّ ، فَادْعُ لِي وَلَكَ عَهْدُ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ عَنْكَ الطَّلَبَ . فَدَعَا لَهُ فَخَلُصَ وَقَرُبَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ، وَإِنَّ إِبِلِي بِمَكَانِ كَذَا فَخُذْ مِنْهَا مَا أَحْبَبْتَ . فَقَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِي إِبِلِكَ .
فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ عَنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ بِكَ يَا سُرَاقَةُ إِذَا سُوِّرْتَ بِسِوَارَيْ nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ؟ قَالَ : كِسْرَىبْنُ هُرْمُزَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَعَادَ
سُرَاقَةُ فَكَانَ لَا يَلْقَاهُ أَحَدٌ يُرِيدُ الطَّلَبَ إِلَّا قَالَ : كُفِيتُمْ مَا هَاهُنَا ، وَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ .
قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ :
لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا : أَيْنَ أَبُوكِ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي ، فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ فَلَطَمَ خَدِّي لَطْمَةً طَرَحَ قُرْطِي ، وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا . وَمَكَثْنَا مَلِيًّا لَا نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، وَالنَّاسُ يَتَّبِعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ وَهُوَ يَقُولُ :
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَا بِالْهَدْيِ وَاغْتَدَيَا بِهِ
فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ لِيَهْنِئْ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ
وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
[ ص: 698 ] قَالَتْ : فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا أَنَّ وَجْهَهُ كَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ .
وَقَدِمَ بِهِمَا دَلِيلُهُمَا
قُبَاءً فَنَزَلَ عَلَى
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِاثْنَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ كَادَتِ الشَّمْسُ تَعْتَدِلُ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7483كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ ، أَخِي
بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَقِيلَ : نَزَلَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=3397سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ ، وَكَانَ عَزَبًا ، وَكَانَ يُنْزِلُ عِنْدَهُ الْعُزَّابَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُقَالُ لِبَيْتِهِ بَيْتُ الْعُزَّابِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَنَزَلَ
أَبُو بَكْرٍ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2516خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ بِالسُّنْحِ ، وَقِيلَ : نَزَلَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15786خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ .
وَأَمَّا
عَلِيٌّ فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَاجَرَ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، فَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ ، حَتَّى قَدِمَ
الْمَدِينَةَ وَقَدْ تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ادْعُوَا لِي
عَلِيًّا " . قِيلَ : لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ . فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتَنَقَهُ ، وَبَكَى رَحْمَةً لِمَا بِقَدَمَيْهِ مِنَ الْوَرَمِ ، وَتَفَلَ فِي يَدَيْهِ وَأَمَرَّهُمَا عَلَى قَدَمَيْهِ ، فَلَمْ يَشْتَكِهِمَا بَعْدُ حَتَّى قُتِلَ . وَنَزَلَ
بِالْمَدِينَةِ عَلَى امْرَأَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا ، فَرَأَى إِنْسَانًا يَأْتِيهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَيُعْطِيهَا شَيْئًا فَاسْتَرَابَ بِهَا ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ : هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=3753سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، قَدْ عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لِي فَهُوَ يَكْسِرُ أَصْنَامَ قَوْمِهِ وَيَحْمِلُهَا إِلَيَّ وَيَقُولُ : احْتَطِبِي بِهَذِهِ . فَكَانَ
عَلِيٌّ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3753سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بَعْدَ مَوْتِهِ .
وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِقُبَاءٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَقِيلَ : أَقَامَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَأَدْرَكَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةُ فِي
بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي
بِبَطْنِ الْوَادِي ، فَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا
بِالْمَدِينَةِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025841قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وُلِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَاسْتُنْبِئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَرَفَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَقُبِضَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ .
[ ص: 699 ] وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَقَامِهِ
بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ
أَنَسٌ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ -
وَعَائِشَةَ : إِنَّهُ أَقَامَ
بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ . وَمِثْلُهُمْ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعُمَرُ بْنُ دِينَارٍ . وَقِيلَ : أَقَامَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11969أَبِي جَمْرَةَ وَعِكْرِمَةَ أَيْضًا عَنْهُ ، وَلَعَلَّ الَّذِي قَالَ أَقَامَ عَشْرَ سِنِينَ أَرَادَ بَعْدَ إِظْهَارِ الدَّعْوَةِ ، فَإِنَّهُ بَقِيَ سِنِينَ يَسِيرَةً ، وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ
صِرْمَةَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ الْأَنْصَارِيٍّ ، شِعْرٌ :
ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً يُذَكِّرُ لَوْ يَلْقَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَقَامِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَى عَشَرَةِ سِنِينَ ، فَلَوْ كَانَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَصَحَّ الْوَزْنُ ، وَكَذَلِكَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ ، وَحَيْثُ لَمْ يَسْتَقِمِ الْوَزْنُ بِأَنْ يَقُولَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَالَ : بِضْعَ عَشْرَةَ ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِي مَقَامِهِ زِيَادَةٌ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ إِلَّا ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلٌ غَرِيبٌ جِدًّا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَكَّةَ ثَمَانِي سِنِينَ ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ .