ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=34037استلحاق معاوية زيادا
وفي هذه السنة استلحق
معاوية nindex.php?page=showalam&ids=15935زياد بن سمية فزعموا أن رجلا من
عبد القيس كان مع
زياد لما وفد على
معاوية ، فقال
لزياد : إن
لابن عامر عندي يدا فإذا أذنت لي أتيته . قال : على أن تحدثني بما يجري بينك وبينه . قال : نعم . فأذن له فأتاه ، فقال له
ابن عامر : هيه هيه !
وابن سمية يقبح آثاري ويعرض بعمالي ! لقد هممت أن آتي بقسامة من
قريش ( يحلفون بالله ) أن
أبا سفيان لم ير
سمية .
فلما رجع سأله زياد فلم يخبره ، فألح عليه حتى أخبره ، فأخبر
زياد بذلك
معاوية . فقال
معاوية لحاجبه : إذا جاء
ابن عامر فاضرب وجه دابته عن أقصى الأبواب . ففعل ذلك به . فأتى
ابن عامر يزيد فشكا ذلك إليه ، فركب معه حتى أدخله ، فلما نظر إليه
معاوية قام فدخل ، فقال
يزيد لابن عامر : اجلس ، فكم عسى أن تقعد في البيت عن مجلسه ! فلما أطالا خرج
معاوية وهو يتمثل :
لنا سباق ولكم سباق قد علمت ذلكم الرفاق
[ ص: 40 ] ثم قعد فقال يا
ابن عامر أنت القائل في
زياد ما قلت ؟ أما والله لقد علمت العرب أني كنت أعزها في الجاهلية وأن الإسلام لم يزدني إلا عزا ، وأني لم أتكثر
بزياد من قلة ولم أتعزز به من ذلة ، ولكن عرفت حقا له فوضعته موضعه . فقال : يا أمير المؤمنين نرجع إلى ما يحب
زياد . قال : إذا نرجع إلى ما تحب . فخرج
ابن عامر إلى
زياد فترضاه .
فلما قدم
زياد الكوفة قال : قد جئتكم في أمر ما طلبته إلا لكم . قالوا : ما تشاء ؟ قال : تلحقون نسبي
بمعاوية :
قالوا : أما بشهادة الزور فلا . فأتى
البصرة فشهد له رجل .
هذا جميع ما ذكره
أبو جعفر في استلحاق
معاوية نسب
زياد ، ولم يذكر حقيقة الحال في ذلك ، إنما ذكر حكاية جرت بعد استلحاقه ، وأنا أذكر سبب ذلك وكيفيته ، فإنه من الأمور المشهورة في الإسلام لا ينبغي إهمالها .
وكان ابتداء حاله أن
سمية أم زياد كانت لدهقان زندورد بكسكر ، فمرض الدهقان ، فدعا
الحارث بن كلدة الطبيب الثقفي ، فعالجه فبرأ ، فوهبه
سمية ، فولدت عند
الحارث أبا بكرة ، واسمه
نفيع ، فلم يقر به ، ثم ولدت
نافعا ، فلم يقر به أيضا ، فلما نزل
أبو بكرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حصر
الطائف ، قال
الحارث لنافع : أنت ولدي . وكان قد زوج
سمية من غلام له اسمه
عبيد ، وهو رومي ، فولدت له
زيادا .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب سار في الجاهلية إلى
الطائف فنزل على خمار يقال له
أبو مريم السلولي ، وأسلم
أبو مريم بعد ذلك وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال
أبو سفيان لأبي مريم : قد اشتهيت النساء فالتمس لي بغيا . فقال له : هل لك في
سمية ؟ فقال : هاتها على طول ثدييها وذفر بطنها ، فأتاه بها ، فوقع عليها ، فعلقت
بزياد ، ثم وضعته في السنة الأولى من الهجرة فلما كبر ونشأ استكتبه
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري لما ولي
البصرة ، ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب استكفى
زيادا أمرا فقام فيه مقاما مرضيا ، فلما عاد إليه حضر ، وعند
عمر المهاجرون والأنصار ، فخطب خطبة لم يسمعوا بمثلها . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : لله هذا الغلام لو كان أبوه من
قريش لساق العرب بعصاه ! فقال
أبو سفيان ، وهو حاضر : والله إني لأعرف أباه ومن وضعه في رحم أمه . فقال
علي : يا
أبا سفيان اسكت فإنك لتعلم أن
عمر لو سمع هذا القول منك لكان إليك سريعا .
[ ص: 41 ] فلما ولي
علي الخلافة استعمل
زيادا على
فارس ، فضبطها وحمى قلاعها ، واتصل الخبر
بمعاوية ، فساءه ذلك وكتب إلى
زياد يتهدده ويعرض له بولادة
أبي سفيان إياه ، فلما قرأ
زياد كتابه قام في الناس وقال : العجب كل العجب من ابن آكلة الأكباد ، ورأس النفاق ! يخوفني بقصده إياي وبيني وبينه ابنا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
المهاجرين والأنصار ؟ أما والله لو أذن لي في لقائه لوجدني أحمز مخشيا ضرابا بالسيف .
وبلغ ذلك
عليا فكتب إليه : إني وليتك ما وليتك وأنا أراك له أهلا ، وقد كانت من
أبي سفيان فلتة من أماني الباطل وكذب النفس لا توجب له ميراثا ولا تحل ( له نسبا ) ، وإن
معاوية يأتي الإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، فاحذر ثم احذر ، والسلام .
فلما قتل
علي ، وكان من أمر
زياد ومصالحته
معاوية ما ذكرناه ، واضع
زياد مصقلة بن هبيرة الشيباني ، وضمن له عشرين ألف درهم ليقول
لمعاوية : إن
زيادا قد أكل
فارس برا وبحرا وصالحك على ألفي ألف درهم ، والله ما أرى الذي يقال إلا حقا ، فإذا قال لك : وما يقال ؟ فقل : يقال إنه
ابن أبي سفيان . ففعل مصقلة ذلك ، ورأى
معاوية أن يستميل
زيادا ، واستصفى مودته باستلحاقه ، فاتفقا على ذلك ، وأحضر الناس وحضر من يشهد
لزياد ، وكان فيمن حضر
أبو مريم السلولي ، فقال له
معاوية : ( بم ) تشهد يا
أبا مريم ؟ فقال : أنا أشهد أن
أبا سفيان حضر عندي وطلب مني بغيا فقلت له : ليس عندي إلا
سمية ، فقال : ائتني بها على قذرها ووضرها ، فأتيته بها ، فخلا معها ثم خرجت من عنده وإن إسكتيها لتقطران منيا . فقال له
زياد : مهلا
أبا مريم ! إنما بعثت شاهدا ولم تبعث شاتما .
فاستلحقه
معاوية ، وكان استلحاقه أول ما ردت أحكام الشريعة علانية ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026003فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالولد للفراش وللعاهر الحجر .
وكتب
زياد إلى
عائشة : ( من
nindex.php?page=showalam&ids=15935زياد بن أبي سفيان ، وهو يريد أن تكتب له : إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15935زياد بن أبي سفيان ، فيحتج بذلك ، فكتبت : من
عائشة ) أم المؤمنين إلى ابنها
زياد :
[ ص: 42 ] وعظم ذلك على المسلمين عامة وعلى
بني أمية خاصة ، وجرى ( أقاصيص يطول بذكرها الكتاب فأضربنا عنها . ومن اعتذر
لمعاوية قال : إنما ) استلحق
معاوية زيادا لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30578_10801أنكحة الجاهلية كانت أنواعا ، لا حاجة إلى ذكر جميعها ، وكان منها أن الجماعة يجامعون البغي فإذا حملت وولدت ألحقت الولد لمن شاءت منهم فيلحقه ، فلما جاء الإسلام حرم هذا النكاح ، إلا أنه أقر كل ولد كان ينسب إلى أب من أي نكاح كان من أنكحتهم على نسبه ولم يفرق بين شيء منها ، فتوهم
معاوية أن ذلك جائز له ولم يفرق بين استلحاق في الجاهلية والإسلام ، ( وهذا مردود لاتفاق المسلمين على إنكاره ولأنه لم يستلحق أحد في الإسلام مثله ليكون به حجة ) .
قيل : أراد
زياد أن يحج بعد أن استلحقه
معاوية ، فسمع أخوه
أبو بكرة ، وكان مهاجرا له من حين خالفه في الشهادة ( بالزنا ) على
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، فلما سمع بحجه جاء إلى بيته وأخذ ابنا له وقال له : يا بني قل لأبيك إنني سمعت أنك تريد الحج ولا بد من قدومك إلى المدينة ولا شك أن تطلب الاجتماع
nindex.php?page=showalam&ids=10583بأم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أذنت لك فأعظم به خزيا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن منعتك فأعظم به فضيحة في الدنيا وتكذيبا لأعدائك .
فترك
زياد الحج وقال : جزاك الله خيرا فقد أبلغت في النصح .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34037اسْتِلْحَاقِ مُعَاوِيَةَ زِيَادًا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَلْحَقَ
مُعَاوِيَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15935زِيَادَ بْنَ سُمَيَّةَ فَزَعَمُوا أَنَّ رَجُلًا مِنْ
عَبْدِ الْقَيْسِ كَانَ مَعَ
زِيَادٍ لَمَّا وَفَدَ عَلَى
مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ
لِزِيَادٍ : إِنَّ
لِابْنِ عَامِرٍ عِنْدِي يَدًا فَإِذَا أَذِنْتَ لِي أَتَيْتُهُ . قَالَ : عَلَى أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَجْرِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ . قَالَ : نَعَمْ . فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهُ ، فَقَالَ لَهُ
ابْنُ عَامِرٍ : هِيهْ هِيهْ !
وَابْنُ سُمَيَّةَ يُقَبِّحُ آثَارِي وَيُعَرِّضُ بِعُمَّالِي ! لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آتِيَ بِقَسَامَةٍ مِنْ
قُرَيْشٍ ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ) أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَرَ
سُمَيَّةَ .
فَلَمَّا رَجَعَ سَأَلَهُ زِيَادٌ فَلَمْ يُخْبِرْهُ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ ، فَأَخْبَرَ
زِيَادٌ بِذَلِكَ
مُعَاوِيَةَ . فَقَالَ
مُعَاوِيَةُ لِحَاجِبِهِ : إِذَا جَاءَ
ابْنُ عَامِرٍ فَاضْرِبْ وَجْهَ دَابَّتِهِ عَنْ أَقْصَى الْأَبْوَابِ . فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ . فَأَتَى
ابْنُ عَامِرٍ يَزِيدَ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَرَكِبَ مَعَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ
مُعَاوِيَةُ قَامَ فَدَخَلَ ، فَقَالَ
يَزِيدُ لِابْنِ عَامِرٍ : اجْلِسْ ، فَكَمْ عَسَى أَنْ تَقْعُدَ فِي الْبَيْتِ عَنْ مَجْلِسِهِ ! فَلَمَّا أَطَالَا خَرَجَ
مُعَاوِيَةُ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ :
لَنَا سِبَاقٌ وَلَكُمْ سِبَاقُ قَدْ عَلِمَتْ ذَلِكُمُ الرِّفَاقُ
[ ص: 40 ] ثُمَّ قَعَدَ فَقَالَ يَا
ابْنَ عَامِرٍ أَنْتَ الْقَائِلُ فِي
زِيَادٍ مَا قُلْتَ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْعَرَبُ أَنِّي كُنْتُ أَعَزَّهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْنِي إِلَّا عِزًّا ، وَأَنِّي لَمْ أَتَكَثَّرْ
بِزِيَادٍ مِنْ قِلَّةٍ وَلَمْ أَتَعَزَّزْ بِهِ مِنْ ذِلَّةٍ ، وَلَكِنْ عَرَفْتُ حَقًّا لَهُ فَوَضَعْتُهُ مَوْضِعَهُ . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَرْجِعُ إِلَى مَا يُحِبُّ
زِيَادٌ . قَالَ : إِذًا نَرْجِعُ إِلَى مَا تُحِبُّ . فَخَرَجَ
ابْنُ عَامِرٍ إِلَى
زِيَادٍ فَتَرَضَّاهُ .
فَلَمَّا قَدِمَ
زِيَادٌ الْكُوفَةَ قَالَ : قَدْ جِئْتُكُمْ فِي أَمْرٍ مَا طَلَبْتُهُ إِلَّا لَكُمْ . قَالُوا : مَا تَشَاءُ ؟ قَالَ : تُلْحِقُونَ نَسَبِي
بِمُعَاوِيَةَ :
قَالُوا : أَمَّا بِشَهَادَةِ الزُّورِ فَلَا . فَأَتَى
الْبَصْرَةَ فَشَهِدَ لَهُ رَجُلٌ .
هَذَا جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ فِي اسْتِلْحَاقِ
مُعَاوِيَةَ نَسَبَ
زِيَادٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَقِيقَةَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ ، إِنَّمَا ذَكَرَ حِكَايَةً جَرَتْ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ ، وَأَنَا أَذْكُرُ سَبَبَ ذَلِكَ وَكَيْفِيَّتَهُ ، فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي إِهْمَالُهَا .
وَكَانَ ابْتِدَاءُ حَالِهِ أَنَّ
سُمَيَّةَ أُمَّ زِيَادٍ كَانَتْ لِدِهْقَانَ زَنْدَوَرْدَ بِكَسْكَرَ ، فَمَرِضَ الدِّهْقَانُ ، فَدَعَا
الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ الطَّبِيبَ الثَّقَفِيَّ ، فَعَالَجَهُ فَبَرَأَ ، فَوَهَبَهُ
سُمَيَّةَ ، فَوَلَدَتْ عِنْدَ
الْحَارِثِ أَبَا بَكْرَةَ ، وَاسْمُهُ
نُفَيْعٌ ، فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ ، ثُمَّ وَلَدَتْ
نَافِعًا ، فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ أَيْضًا ، فَلَمَّا نَزَلَ
أَبُو بَكْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ حَصَرَ
الطَّائِفَ ، قَالَ
الْحَارِثُ لِنَافِعٍ : أَنْتَ وَلَدِي . وَكَانَ قَدْ زَوَّجَ
سُمَيَّةَ مِنْ غُلَامٍ لَهُ اسْمُهُ
عُبَيْدٌ ، وَهُوَ رُومِيٌّ ، فَوَلَدَتْ لَهُ
زِيَادًا .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ سَارَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى
الطَّائِفِ فَنَزَلَ عَلَى خَمَّارٍ يُقَالُ لَهُ
أَبُو مَرْيَمَ السَّلُولِيُّ ، وَأَسْلَمَ
أَبُو مَرْيَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ لِأَبِي مَرْيَمَ : قَدِ اشْتَهَيْتُ النِّسَاءَ فَالْتَمِسْ لِي بَغِيًّا . فَقَالَ لَهُ : هَلْ لَكَ فِي
سُمَيَّةَ ؟ فَقَالَ : هَاتِهَا عَلَى طُولِ ثَدْيَيْهَا وَذَفَرِ بَطْنِهَا ، فَأَتَاهُ بِهَا ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَعَلِقَتْ
بِزِيَادٍ ، ثُمَّ وَضَعَتْهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ فَلَمَّا كَبِرَ وَنَشَأَ اسْتَكْتَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَمَّا وَلِيَ
الْبَصْرَةَ ، ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَكْفَى
زِيَادًا أَمْرًا فَقَامَ فِيهِ مَقَامًا مَرْضِيًا ، فَلَمَّا عَادَ إِلَيْهِ حَضَرَ ، وَعِنْدَ
عُمَرَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، فَخَطَبَ خُطْبَةً لَمْ يَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا . فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : لِلَّهِ هَذَا الْغُلَامُ لَوْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ
قُرَيْشٍ لَسَاقَ الْعَرَبَ بِعَصَاهُ ! فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ ، وَهُوَ حَاضِرٌ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَمَنْ وَضَعَهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ . فَقَالَ
عَلِيٌّ : يَا
أَبَا سُفْيَانَ اسْكُتْ فَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ
عُمَرَ لَوْ سَمِعَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكَ لَكَانَ إِلَيْكَ سَرِيعًا .
[ ص: 41 ] فَلَمَّا وَلِيَ
عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ اسْتَعْمَلَ
زِيَادًا عَلَى
فَارِسَ ، فَضَبَطَهَا وَحَمَى قِلَاعَهَا ، وَاتَّصَلَ الْخَبَرُ
بِمُعَاوِيَةَ ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَكَتَبَ إِلَى
زِيَادٍ يَتَهَدَّدُهُ وَيُعَرِّضُ لَهُ بِوِلَادَةِ
أَبِي سُفْيَانَ إِيَّاهُ ، فَلَمَّا قَرَأَ
زِيَادٌ كِتَابَهُ قَامَ فِي النَّاسِ وَقَالَ : الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنِ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ ، وَرَأْسِ النِّفَاقِ ! يُخَوِّفُنِي بِقَصْدِهِ إِيَّايَ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ابْنَا عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَذِنَ لِي فِي لِقَائِهِ لَوَجَدَنِي أَحَمْزَ مَخْشِيًّا ضَرَّابًا بِالسَّيْفِ .
وَبَلَغَ ذَلِكَ
عَلِيًّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنِّي وَلَّيْتُكَ مَا وَلَّيْتُكَ وَأَنَا أَرَاكَ لَهُ أَهْلًا ، وَقَدْ كَانَتْ مِنْ
أَبِي سُفْيَانَ فَلْتَةٌ مِنْ أَمَانِيِّ الْبَاطِلِ وَكَذِبِ النَّفْسِ لَا تُوجِبُ لَهُ مِيرَاثًا وَلَا تُحِلُّ ( لَهُ نَسَبًا ) ، وَإِنَّ
مُعَاوِيَةَ يَأْتِي الْإِنْسَانَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، فَاحْذَرْ ثُمَّ احْذَرْ ، وَالسَّلَامُ .
فَلَمَّا قُتِلَ
عَلِيٌّ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ
زِيَادٍ وَمُصَالَحَتِهِ
مُعَاوِيَةَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاضَعَ
زِيَادٌ مَصْقَلَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيَّ ، وَضَمِنَ لَهُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَقُولَ
لِمُعَاوِيَةَ : إِنَّ
زِيَادًا قَدْ أَكَلَ
فَارِسَ بَرًّا وَبَحْرًا وَصَالَحَكَ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَاللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي يُقَالُ إِلَّا حَقًّا ، فَإِذَا قَالَ لَكَ : وَمَا يُقَالُ ؟ فَقُلْ : يُقَالُ إِنَّهُ
ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ . فَفَعَلَ مَصْقَلَةُ ذَلِكَ ، وَرَأَى
مُعَاوِيَةُ أَنْ يَسْتَمِيلَ
زِيَادًا ، وَاسْتَصْفَى مَوَدَّتَهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ ، فَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ ، وَأَحْضَرَ النَّاسُ وَحَضَرَ مَنْ يَشْهَدُ
لِزِيَادٍ ، وَكَانَ فِيمَنْ حَضَرَ
أَبُو مَرْيَمَ السَّلُولِيُّ ، فَقَالَ لَهُ
مُعَاوِيَةُ : ( بِمَ ) تَشْهَدُ يَا
أَبَا مَرْيَمَ ؟ فَقَالَ : أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ حَضَرَ عِنْدِي وَطَلَبَ مِنِّي بَغِيًّا فَقُلْتُ لَهُ : لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا
سُمَيَّةُ ، فَقَالَ : ائْتِنِي بِهَا عَلَى قَذَرِهَا وَوَضَرِهَا ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَخَلَا مَعَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَإِنَّ إِسْكَتَيْهَا لَتَقْطُرَانِ مَنِيًّا . فَقَالَ لَهُ
زِيَادٌ : مَهْلَا
أَبَا مَرْيَمَ ! إِنَّمَا بُعِثْتَ شَاهِدًا وَلَمْ تُبْعَثْ شَاتِمًا .
فَاسْتَلْحَقَهُ
مُعَاوِيَةُ ، وَكَانَ اسْتِلْحَاقُهُ أَوَّلَ مَا رُدَّتْ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ عَلَانِيَةً ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026003فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرَ .
وَكَتَبَ
زِيَادٌ إِلَى
عَائِشَةَ : ( مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15935زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ تَكْتُبَ لَهُ : إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15935زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، فَيَحْتَجُّ بِذَلِكَ ، فَكَتَبَتْ : مِنْ
عَائِشَةَ ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ابْنِهَا
زِيَادٍ :
[ ص: 42 ] وَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَعَلَى
بَنِي أُمَيَّةَ خَاصَّةً ، وَجَرَى ( أَقَاصِيصُ يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْكِتَابُ فَأَضْرَبْنَا عَنْهَا . وَمَنِ اعْتَذَرَ
لِمُعَاوِيَةَ قَالَ : إِنَّمَا ) اسْتَلْحَقَ
مُعَاوِيَةُ زِيَادًا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30578_10801أَنْكِحَةَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ أَنْوَاعًا ، لَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِ جَمِيعِهَا ، وَكَانَ مِنْهَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُجَامِعُونَ الْبَغِيَّ فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ أَلْحَقَتِ الْوَلَدَ لِمَنْ شَاءَتْ مِنْهُمْ فَيَلْحَقُهُ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَرَّمَ هَذَا النِّكَاحَ ، إِلَّا أَنَّهُ أَقَرَّ كُلَّ وَلَدٍ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى أَبٍ مِنْ أَيِّ نِكَاحٍ كَانَ مِنْ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى نَسَبِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا ، فَتَوَهَّمَ
مُعَاوِيَةُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اسْتِلْحَاقٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، ( وَهَذَا مَرْدُودٌ لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِنْكَارِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَلْحَقْ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهُ لِيَكُونَ بِهِ حُجَّةً ) .
قِيلَ : أَرَادَ
زِيَادٌ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ أَنِ اسْتَلْحَقَهُ
مُعَاوِيَةُ ، فَسَمِعَ أَخُوهُ
أَبُو بَكْرَةَ ، وَكَانَ مُهَاجِرًا لَهُ مِنْ حِينِ خَالَفَهُ فِي الشَّهَادَةِ ( بِالزِّنَا ) عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِحَجِّهِ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَأَخَذَ ابْنًا لَهُ وَقَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ قُلْ لِأَبِيكَ إِنَّنِي سَمِعْتُ أَنَّكَ تُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا بُدَّ مِنْ قُدُومِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا شَكَّ أَنْ تَطْلُبَ الِاجْتِمَاعَ
nindex.php?page=showalam&ids=10583بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَذِنَتْ لَكَ فَأَعْظِمْ بِهِ خِزْيًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ مَنَعَتْكَ فَأَعْظِمْ بِهِ فَضِيحَةً فِي الدُّنْيَا وَتَكْذِيبًا لِأَعْدَائِكَ .
فَتَرَكَ
زِيَادٌ الْحَجَّ وَقَالَ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغْتَ فِي النُّصْحِ .