الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : التقديس التطهير ، ومنه الأرض المقدسة ثم اختلفوا على وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : نطهرك أي نصفك بما يليق بك من العلو والعزة .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قول مجاهد : نطهر أنفسنا من ذنوبنا وخطايانا ابتغاء لمرضاتك .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قول أبي مسلم نطهر أفعالنا من ذنوبنا حتى تكون خالصة لك .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : نطهر قلوبنا عن الالتفات إلى غيرك حتى تصير مستغرقة في أنوار معرفتك .

                                                                                                                                                                                                                                            قالت المعتزلة : هذه الآية تدل على العدل من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قولهم : ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) أضافوا هذه الأفعال إلى أنفسهم فلو كانت أفعالا لله تعالى لما حسن التمدح بذلك ، ولا فضل لذلك على سفك الدماء ؛ إذ كل ذلك من فعل الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : لو كان الفساد والقتل فعلا لله تعالى لكان يجب أن يكون الجواب أن يقول : إني مالك أفعل ما أشاء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن قوله : ( أعلم ما لا تعلمون ) يقتضي التبري من الفساد والقتل ، لكن التبري من فعل نفسه محال .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : إذا كان لا فاحشة ولا قبح ولا جور ولا ظلم ولا فساد إلا بصنعه وخلقه ومشيئته ، فكيف يصح التنزيه والتقديس ؟

                                                                                                                                                                                                                                            وخامسها : أن قوله : ( أعلم ما لا تعلمون ) يدل على مذهب العدل ؛ لأنه لو كان خالقا للكفر لكان خلقهم لذلك الكفر ، فكان ينبغي أن يكون الجواب نعم خلقهم ليفسدوا وليقتلوا ، فلما لم يرض بهذا الجواب سقط هذا المذهب .

                                                                                                                                                                                                                                            وسادسها : لو كان الفساد والقتل من فعل الله تعالى لكان ذلك جاريا مجرى ألوانهم وأجسامهم ، وكما لا يصح التعجب من هذه الأشياء فكذا من الفساد والقتل ، والجواب عن هذه الوجوه المعارضة بمسألة الداعي والعلم ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية