المسألة الخامسة : التقديس التطهير ، ومنه الأرض المقدسة ثم اختلفوا على وجوه :
أحدها : نطهرك أي نصفك بما يليق بك من العلو والعزة .
وثانيها : قول : نطهر أنفسنا من ذنوبنا وخطايانا ابتغاء لمرضاتك . مجاهد
وثالثها : قول أبي مسلم نطهر أفعالنا من ذنوبنا حتى تكون خالصة لك .
ورابعها : نطهر قلوبنا عن الالتفات إلى غيرك حتى تصير مستغرقة في أنوار معرفتك .
قالت المعتزلة : هذه الآية تدل على العدل من وجوه :
أحدها : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) أضافوا هذه الأفعال إلى أنفسهم فلو كانت أفعالا لله تعالى لما حسن التمدح بذلك ، ولا فضل لذلك على سفك الدماء ؛ إذ كل ذلك من فعل الله تعالى . قولهم : (
وثانيها : لو كان الفساد والقتل فعلا لله تعالى لكان يجب أن يكون الجواب أن يقول : إني مالك أفعل ما أشاء .
وثالثها : أن أعلم ما لا تعلمون ) يقتضي التبري من الفساد والقتل ، لكن التبري من فعل نفسه محال . قوله : (
ورابعها : إذا كان لا فاحشة ولا قبح ولا جور ولا ظلم ولا فساد إلا بصنعه وخلقه ومشيئته ، فكيف يصح التنزيه والتقديس ؟
وخامسها : أن قوله : ( أعلم ما لا تعلمون ) يدل على مذهب العدل ؛ لأنه لو كان خالقا للكفر لكان خلقهم لذلك الكفر ، فكان ينبغي أن يكون الجواب نعم خلقهم ليفسدوا وليقتلوا ، فلما لم يرض بهذا الجواب سقط هذا المذهب .
وسادسها : لو كان الفساد والقتل من فعل الله تعالى لكان ذلك جاريا مجرى ألوانهم وأجسامهم ، وكما لا يصح التعجب من هذه الأشياء فكذا من الفساد والقتل ، والجواب عن هذه الوجوه المعارضة بمسألة الداعي والعلم ، والله أعلم .