الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : في أن السماء أفضل أم الأرض ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قال بعضهم : السماء أفضل ؛ لوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن السماء متعبد الملائكة ، وما فيها بقعة عصى الله فيها أحد .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : لما أتى آدم - عليه السلام - في الجنة بتلك المعصية قيل له : اهبط من الجنة ، وقال الله تعالى : لا يسكن في جواري من عصاني .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله تعالى : ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) [ الأنبياء : 32 ] ، وقوله : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) [ الفرقان : 61 ] ، ولم يذكر في الأرض مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : أن في أكثر الأمر ورد ذكر السماء مقدما على الأرض في الذكر .

                                                                                                                                                                                                                                            وقال آخرون : بل الأرض أفضل ؛ لوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            " أ " أنه تعالى وصف بقاعا من الأرض بالبركة بقوله : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ) [ آل عمران : 96 ] ، " ب " ( في البقعة المباركة من الشجرة ) [ القصص : 30 ] ، " ج " ( إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) [ الإسراء : 1 ] ، " د " وصف أرض الشام بالبركة فقال : ( مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) [ الأعراف : 137 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وخامسها : وصف جملة الأرض بالبركة فقال : ( قل أئنكم لتكفرون ) [ فصلت : 9 ] ، إلى قوله : ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها ) [ فصلت : 10 ] . فإن قيل : وأي بركة في الفلوات الخالية والمفاوز المهلكة ؟ قلنا : إنها مساكن للوحوش ومرعاها ، ثم إنها مساكن للناس إذا احتاجوا إليها ، فلهذه البركات قال تعالى : ( وفي الأرض آيات للموقنين ) [ الذاريات : 20 ] ، وهذه الآيات وإن كانت حاصلة لغير الموقنين لكن لما لم ينتفع بها إلا الموقنون جعلها آيات للموقنين تشريفا لهم [ ص: 98 ] كما قال : ( هدى للمتقين ) [ البقرة : 2 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وسادسها : أنه سبحانه وتعالى خلق الأنبياء المكرمين من الأرض على ما قال : ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ) [ طه : 55 ] ، ولم يخلق من السماوات شيئا لأنه قال : ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) [ الأنبياء : 32 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وسابعها : أن الله تعالى أكرم نبيه بها فجعل الأرض كلها مساجد له وجعل ترابها طهورا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية