( 7081 ) فصل : وإذا ، فلا يخلو من ثلاثة أصناف ; أحدهم : أهل الحرب ، فإذا استعانوا بهم ، أو آمنوهم ، أو عقدوا لهم ذمة ، لم يصح واحد منها ; لأن الأمان من شرط صحته إلزام كفهم عن المسلمين ، وهؤلاء يشترطون عليهم قتال المسلمين ، فلا يصح . ولأهل العدل قتالهم ، كمن لم يؤمنوه سواء . استعان أهل البغي بالكفار حكم أسير سائر أهل الحرب قبل الاستعانة بهم ، فأما أهل البغي ، فلا يجوز لهم قتلهم ; لأنهم آمنوهم ، فلا يجوز لهم الغدر بهم . وحكم أسيرهم
الصنف الثاني : المستأمنون ، فمتى استعانوا بهم فأعانوهم ، نقضوا عهدهم ، وصاروا كأهل الحرب ; لأنهم تركوا الشرط ، وهو كفهم عن المسلمين ، فإن فعلوا ذلك مكرهين ، لم ينتقض عهدهم ; لأن لهم عذرا ، وإن ادعوا الإكراه ، لم يقبل قولهم إلا ببينة ; لأن الأصل عدمه . الصنف الثالث : أهل الذمة ، فإذا أعانوهم ، وقاتلوا معهم ، ففيهم وجهان ، ذكرهما أبو بكر ; أحدهما ، ينتقض عهدهم ; لأنهم قاتلوا أهل الحق ، فينتقض عهدهم ، كما لو انفردوا بقتالهم . والثاني : لا ينتقض ; لأن أهل الذمة لا يعرفون المحق من المبطل ، فيكون ذلك شبهة لهم . قولان ، كالوجهين . فإن قلنا : ينتقض عهدهم . صاروا كأهل الحرب فيما ذكرنا . وإن قلنا : لا ينتقض عهدهم . فحكمهم حكم أهل البغي ، في قتل مقبلهم ، والكف عن أسيرهم ، ومدبرهم وجريحهم ، إلا أنهم يضمنون ما أتلفوا على أهل العدل حال القتال وغيره ، بخلاف أهل البغي ، فإنهم لا يضمنون ما أتلفوا حال الحرب ; لأنهم أتلفوه بتأويل سائغ ، وهؤلاء لا تأويل لهم ، ولأنه سقط الضمان عن المسلمين كي لا يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة ، وللشافعي وأهل الذمة لا حاجة بنا إلى ذلك فيهم .
وإن أكرههم البغاة على معونتهم ، لم ينتقض عهدهم ، وإن ادعوا ذلك ، قبل قولهم ; لأنهم تحت أيديهم وقدرتهم . وإن قالوا ظننا أن من استعان بنا من المسلمين لزمتنا معونته . لم ينتقض عهدهم . وإن فعل ذلك المستأمنون ، انتقض عهدهم . والفرق بينهما أن أهل الذمة أقوى حكما ; لأن عهدهم مؤبد ، ولا يجوز نقضه لخوف الخيانة منهم ، ويلزم الإمام الدفع عنهم ، والمستأمنون بخلاف ذلك .