لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم
لن تنالوا البر لن تبلغوا حقيقة البر، ولن تكونوا أبرارا، وقيل: لن تنالوا بر الله وهو ثوابه حتى تنفقوا مما تحبون : حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها، وتؤثرونها كقوله: أنفقوا من طيبات ما كسبتم [البقرة: 267] وكان السلف رحمهم الله إذا أحبوا شيئا جعلوه لله.
وروي: فقال: يا رسول الله، إن أحب أموالي إلي أبو طلحة بيرحاء فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بخ بخ ذاك مال رابح أو مال رائح وإني أرى أن تجعلها في الأقربين" فقال : أفعل يا رسول الله فقسمها في أقاربه. أبو طلحة أنها لما نزلت جاء
وجاء بفرس له كان يحبها فقال: هذه [ ص: 582 ] في سبيل الله، فحمل عليها رسول الله زيد بن حارثة ، فكأن زيدا وجد في نفسه وقال: إنما أردت أن أتصدق به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إن الله تعالى قد قبلها منك". أسامة بن زيد
وكتب - رضي الله عنه - إلى عمر أن يبتاع له جارية من سبي أبي موسى الأشعري جلولاء يوم فتحت مدائن كسرى ، فلما جاءت أعجبته فقال: إن الله تعالى يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون : فأعتقها.
ونزل ضيف فقال للراعي: ائتني بخير إبلي فجاء بناقة مهزولة، فقال خنتني، قال: وجدت خير الإبل فحلها، فذكرت يوم حاجتكم إليه فقال: إن يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي. بأبي ذر
وقرأ عبد الله : (حتى تنفقوا بعض ما تحبون) وهذا دليل على أن "من" في مما تحبون : للتبعيض، ونحوه: أخذت من المال، و"من" في من شيء لتبيين ما تنفقوا، أي: من أي شيء كان طيبا تحبونه أو خبيثا تكرهونه، فإن الله : عليم بكل شيء تنفقونه فمجازيكم بحسبه.