قرئ: (ليجزي) و (يجزى)، بالياء والنون فيهما. ومعناه: أن الله -عز وجل- إنما خلق العالم وسوى هذا الملكوت لهذا الغرض: وهو أن يجازي المحسن من المكلفين والمسيء منهم. ويجوز أن يتعلق بقوله: هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ; لأن نتيجة العلم بالضال والمهتدي جزاؤهما بما عملوا بعقاب ما عملوا من السوء. و "بالحسنى" بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، أو بسبب ما عملوا من السوء وبسبب الأعمال الحسنى كبائر الإثم أي: الكبائر من الإثم; لأن الإثم جنس يشتمل على كبائر وصغائر، والكبائر: الذنوب التي لا يسقط عقابها إلا بالتوبة. وقيل: التي يكبر عقابها بالإضافة إلى ثواب صاحبها "والفواحش" ما فحش من الكبائر، كأنه قال: والفواحش منها خاصة. وقرئ: (كبير الإثم) أي: النوع الكبير منه وقيل: هو الشرك بالله. واللمم: ما قل وصغر. ومنه: اللمم المس من الجنون، واللوثة منه. وألم بالمكان إذا قل فيه لبثه. وألم بالطعام: قل منه أكله; ومنه [من الطويل]:
لقاء أخلاء الصفا لمام
والمراد الصغائر من الذنوب، ولا يخلو قوله تعالى: إلا اللمم من أن يكون استثناء منقطعا أو صفة، كقوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله [الأنبياء: 22] كأنه قيل: كبائر الإثم غير اللمم، وآلهة غير الله، وعن : اللمم هي النظرة، والغمزة، [ ص: 646 ] والقبلة، وعند أبي سعيد الخدري : الخطرة من الذنب، وعن السدي : كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عذابا، وعن الكلبي : عادة النفس الحين بعد الحين. عطاء إن ربك واسع المغفرة حيث يكفر الصغائر باجتناب الكبائر، والكبائر بالتوبة فلا تزكوا أنفسكم فلا تنسبوها إلى زكاء العمل وزيادة الخير وعمل الطاعات، أو إلى الزكاء والطهارة من المعاصي، ولا تثنوا عليها واهضموها، فقد علم الله الزكي منكم والتقي أولا وآخرا قبل أن يخرجكم من صلب آدم، وقبل أن تخرجوا من بطون أمهاتكم. وقيل: كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون: صلاتنا وصيامنا وحجنا، فنزلت. وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء: فأما من اعتقد أن ما عمله من العمل الصالح من الله وبتوفيقه وتأييده ولم يقصد به التمدح، لم يكن من المزكين أنفسهم; لأن المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر.