قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون [ ص: 112 ] هاد يهود: إذا تهود أولياء لله كانوا يقولون. نحن أبناء الله وأحباؤه، أي: إن كان قولكم حقا وكنتم على ثقة "فتمنوا" على الله أن يميتكم وينقلكم سريعا إلى دار كرامته التي أعدها لأوليائه، ثم قال: ولا يتمنونه أبدا بسبب ما قدموا من الكفر، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه " فلولا أنهم كانوا موقنين بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتمنوا، ولكنهم علموا أنهم لو تمنوا لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد، فما تمالك أحد منهم أن يتمنى; وهي إحدى المعجزات. وقرئ: "فتمنوا الموت" بكسر الواو، تشبيها بلو استطعنا. ولا فرق بين "لا" و "لن" في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل، إلا أن في "لن" تأكيدا وتشديدا ليس في "لا" فأتى مرة بلفظ التأكيد ولن يتمنوه [البقرة: 95]. ومرة بغير لفظه ولا يتمنونه [الجمعة: 7]. ثم قيل لهم: إن الموت الذي تفرون منه ولا تجسرون أن تتمنوه خيفة أن تؤخذوا بوبال كفركم; لا تفوتونه وهو ملاقيكم لا محالة "ثم تردون" إلى الله فيجازيكم بما أنتم أهله من العقاب. وقرأ - رضي الله عنه -: إنه ملاقيكم. وفي قراءة زيد بن علي : تفرون منه ملاقيكم، وهي ظاهرة. وأما التي بالفاء، فلتضمن الذي معنى الشرط، وقد جعل ابن مسعود إن الموت الذي تفرون منه كلاما برأسه في قراءة زيد ، أي: أن الموت هو الشيء الذي تفرون منه، ثم استؤنف: إنه ملاقيكم.