[ ص: 244 ] وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الظالمون
في مصحف "وأنزل الله على بني إسرائيل فيها" وفيه : "وأن الجروح قصاص" والمعطوفات كلها قرئت منصوبة ومرفوعة ، والرفع للعطف على محل "أن النفس" ، لأن المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس ، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا ، وإما لأن معنى الجملة التي هي قولك النفس بالنفس مما يقع عليه الكتاب كما تقع عليه القراءة . تقول : كتبت الحمد لله ، وقرأت سورة أنزلناها ، ولذلك قال أبي : لو قرئ : إن النفس بالنفس ، بالكسر; لكان صحيحا . أو للاستئناف ، والمعنى : فرضنا عليهم فيها الزجاج : أن النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلتها بغير حق " و " كذلك العين مفقوءة ، [ ص: 245 ] بالعين والأنف مجدوع بالأنف والأذن مصلومة بالأذن والسن مقلوعة بالسن والجروح قصاص : ذات قصاص ، وهو المقاصة ، ومعناه : ما يمكن فيه القصاص وتعرف المساواة ، وعن - رضي الله عنهما - : كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت . ابن عباس فمن تصدق من أصحاب الحق ، " به " : بالقصاص وعفا عنه فهو كفارة له فالتصدق به كفارة للمتصدق يكفر الله من سيئاته ما تقتضيه الموازنة كسائر طاعاته ، وعن يهدم عنه من ذنوبه بقدر ما تصدق به ، وقيل : فهو كفارة للجاني ، إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه ، وفي قراءة عبد الله بن عمرو "فهو كفارة له" . يعني فالمتصدق كفارته له أي : الكفارة التي يستحقها له لا ينقص منها ، وهو تعظيم لما فعل ، كقوله تعالى أبي : فأجره على الله [الشورى : 40] وترغيب في العفو .