إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
عقب النهي عن موالاة من تجب معاداتهم ذكر من تجب موالاتهم بقوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ومعنى "إنما" وجوب اختصاصهم بالموالاة . فإن قلت : قد ذكرت جماعة فهلا قيل : إنما أولياؤكم؟ قلت : أصل الكلام : إنما وليكم الله ، فجعلت الولاية لله على طريق الأصالة ، ثم نظم في سلك إثباتها له إثباتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على سبيل التبع ، ولو قيل : إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا ، لم يكن في الكلام أصل وتبع وفي قراءة عبد الله : "إنما مولاكم" . فإن قلت : الذين يقيمون ما محله؟ قلت : الرفع على البدل من "الذين آمنوا" أو على : هم الذين يقيمون . أو النصب على المدح ، وفيه تمييز للخلص من الذين آمنوا نفاقا ، أو واطأت قلوبهم ألسنتهم إلا أنهم مفرطون في العمل وهم راكعون : الواو فيه للحال ، أي : يعلمون ذلك في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله إذا صلوا وإذا زكوا ، وقيل : هو حال من "يؤتون الزكاة" ، بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة ، وأنها نزلت في كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه . كأنه كان مرجا في خنصره ، فلم يتكلف [ ص: 259 ] لخلعه كثير عما تفسد بمثله صلاته ، فإن قلت : كيف صح أن يكون علي - رضي الله عنه - واللفظ لفظ جماعة؟ قلت : جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ، ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وتفقد الفقراء ، حتى إن لزهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة ، لم يؤخروه إلى الفراغ منها . لعلي