ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنـزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون
ولو أن أهل الكتاب مع ما عددنا من سيآتهم ، "آمنوا " برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، وقرنوا إيمانهم بالتقوى التي هي الشريطة في الفوز بالإيمان لكفرنا عنهم تلك السيئات ولم نؤاخذهم بها ولأدخلناهم مع المسلمين الجنة ، وفيه إعلام بعظم معاصي اليهود والنصارى وكثرة سيئاتهم ، ودلالة على وإن عظمت معاصيه وبلغت مبالغ سيئات اليهود والنصارى ، وأن سعة رحمة الله تعالى وفتحه باب التوبة على كل عاص ، كما قال الإيمان لا ينجي ولا يسعد إلا مشفوعا بالتقوى هذا العمود فأين الإطناب الحسن : ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل : أقاموا أحكامهما وحدودهما وما فيهما من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليهم : من سائر كتب الله ، لأنهم مكلفون الإيمان بجميعها ، فكأنها أنزلت إليهم; وقيل : هو القرآن . لوسع الله عليهم الرزق وكانوا قد قحطوا ، وقوله : لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم عبارة عن التوسعة ، وفيه ثلاثة أوجه : أن يفيض عليهم بركات السماء وبركات الأرض وأن يكثر الأشجار المثمرة والزروع المغلة وأن [ ص: 269 ] يرزقهم الجنان اليانعة الثمار يجتنون ما تهدل منها من رءوس الشجر ، ويلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة : طائفة حالها أمم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : هي الطائفة المؤمنة وأصحابه وثمانية وأربعون من النصارى ، و عبد الله بن سلام ساء ما يعملون فيه معنى التعجب ، كأنه قيل : وكثير منهم ما أسوأ عملهم ، وقيل : هم كعب بن الأشرف وأصحابه والروم .