يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
أكد وجوها من التأكيد منها تصدير الجملة بـ “ إنما" ، ومنها [ ص: 289 ] أنه قرنهما بعبادة الأصنام ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام تحريم الخمر والميسر ومنها أنه جعلهما رجسا ، كما قال تعالى : "شارب الخمر كعابد الوثن" فاجتنبوا الرجس من الأوثان [ ص: 290 ] [الحج : 30] ومنها أنه جعلهما من عمل الشيطان ، والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحت ، ومنها أنه أمر بالاجتناب ، ومنها أنه جعل الاجتناب من الفلاح ، وإذا كان الاجتناب فلاحا ، كان الارتكاب خيبة ومحقة ، ومنها أنه ذكر ما ينتج منهما من الوبال ، وهو وقوع التعادي والتباغض من أصحاب الخمر والقمر ، وما يؤديان إليه من الصد عن ذكر الله ، وعن مراعاة أوقات الصلاة ، وقوله : فهل أنتم منتهون من أبلغ ما ينهى به ، كأنه قيل : قد تلى عليكم ما فيهما من أنواع الصوارف والموانع ، فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون . أم أنتم على ما كنتم عليه ، كأن لم توعظوا ولم تزجروا؟ فإن قلت : إلام يرجع الضمير في قوله : فاجتنبوه ؟ قلت : إلى المضاف المحذوف ، كأنه قيل : إنما شأن الخمر والميسر أو [ ص: 291 ] تعاطيهما أو ما أشبه ذلك ، ولذلك قال : رجس من عمل الشيطان : فإن قلت : لم جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخرا؟ قلت : لأن الخطاب مع المؤمنين ، وإنما نهاهم عما كانوا يتعاطونه من شرب الخمر واللعب بالميسر ، وذكر الأنصاب والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر ، وإظهار أن ذلك جميعا من أعمال الجاهلية وأهل الشرك ، فوجب اجتنابه بأسره ، وكأنه لا مباينة بين من عبد صنما وأشرك بالله في علم الغيب ، وبين من شرب خمرا أو قامر ، ثم أفردهما بالذكر ليرى أن المقصود بالذكر الخمر والميسر ، وقوله : وعن الصلاة اختصاص للصلاة من بين الذكر كأنه قيل : وعن الصلاة خصوصا .