يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون
ولا تولوا : قرئ بطرح إحدى التاءين وإدغامها ، والضمير في : "عنه" ، لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن المعنى : وأطيعوا رسول الله ; كقوله : "الله ورسوله أحق أن يرضوه" ، ولأن طاعة الرسول وطاعة الله شيء واحد من يطع الرسول فقد أطاع الله : فكأن رجوع الضمير إلى أحدهما كرجوعه إليهما ، كقولك : الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان ، ويجوز أن يرجع إلى الأمر بالطاعة ، أي : ولا تولوا عن هذا الأمر وامتثاله وأنتم تسمعونه ، أو ولا تتولوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تخالفوه وأنتم تسمعون أي : تصدقون ; لأنكم مؤمنون لستم كالصم المكذبين من الكفرة ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا أي : ادعوا السماء وهم لا يسمعون ; لأنهم ليسوا بمصدقين فكأنهم غير سامعين ، والمعنى : أنكم تصدقون بالقرآن والنبوة ، فإذا توليتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور من قسمة الغنائم وغيرها ; كان تصديقكم كلا تصديق ، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن ، ثم قال : إن شر الدواب أي : إن شر من يدب على وجه الأرض ، وإن شر البهائم الذين هم صم عن الحق لا يعقلونه ، جعلهم من جنس البهائم ، ثم جعلهم شرها ولو علم الله : في هؤلاء الصم البكم ، "خيرا" أي : انتفاعا باللطف لأسمعهم : للطف بهم ، حتى يسمعوا [ ص: 569 ] سماع المصدقين ، ثم قال : ولو أسمعهم لتولوا ، عنه ، يعني : ولو لطف بهم لما نفع فيهم اللطف ; فلذلك منعهم ألطافه ، أو : ولو لطف بهم فصدقوا لارتدوا بعد ذلك ، وكذبوا ولم يستقيموا ، وقيل : هم بنو عبد الدار بن قصي لم يسلم منهم إلا رجلان : مصعب بن عمير ، وسويد بن حرملة : كانوا يقولون : نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد ، لا نسمعه ولا نجيبه ، فقتلوا جميعا بأحد ، وكانوا أصحاب اللواء ، وعن هم المنافقون ، وعن ابن جريج : أهل الكتاب . الحسن :