[ ص: 124 - 125 ] كتاب الصلاة لغة الدعاء ، قال تعالى : { وصل عليهم } أي ادع لهم ، وعدي بعلى لتضمنه معنى الإنزال ، أي أنزل رحمتك عليهم . وقال صلى الله عليه وسلم : { } . وشرعا ( أقوال ) ولو مقدرة ، كمن أخرس ( وأفعال ) معلومة ( مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم ) للخبر ، سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء ، مشتقة من الصلوين تثنية صلا كعصا . وهما عرقان من جانبي الذنب ، أو عظمان ينحنيان في الركوع والسجود ; لأن رأس المأموم عند صلوى إمامه . وقال إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل ابن فارس : إنها من صليت العود ، إذا لينته ، لأن المصلي يلين ويخشع .
وفرضها بالكتاب والسنة والإجماع وكان ليلة الإسراء بعد بعثته صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين ، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ( على كل مسلم ) ذكر أو أنثى أو خنثى ، حر أو عبد أو مبعض ( مكلف ) أي بالغ عاقل ( غير حائض ونفساء ) فلا تجب عليهما . ( وتجب ) الصلاة ( الخمس ) في اليوم والليلة
كما تقدم وإلا لأمرتا بقضائها ( ولو لم يبلغه ) أي المسلم المذكور ( الشرع ) كمن أسلم بدار حرب ولم يبلغه أحكام الصلاة فيقضيها إذا علم ، كالنائم ( أو ) كان ( نائما ) أو ساهيا لحديث { } رواه من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ( أو ) كان ( مغطى عقله بإغماء ) لما روي " أن مسلم أغمي عليه ثلاثا ، ثم أفاق فقال : هل صليت ؟ قالوا : ما صليت منذ ثلاث ، ثم توضأ وصلى تلك الثلاث " وعن عمارا عمران بن حصين نحوه . وسمرة بن جندب
ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع ; ولأن الإغماء لا تطول مدته غالبا . ولا تثبت الولاية على من تلبس به . ويجوز على الأنبياء ، ولا يسقط الصوم . فكذا [ ص: 126 ] الصلاة ، كالنوم ( أو ) كان مغطى عقله ( بشرب ) دواء فيقضي كالمغمى عليه ، وأولى أو كان مغطى عقله بشرب ( محرم ) اختيارا ، لأنه معصية .
فلا يناسبها إسقاط الواجب ، أو كرها ، إلحاقا له بما تقدم ( فيقضي ) السكران زمن سكره ( حتى زمن جنون طرأ ) على السكر ( متصلا به ) تغليظا عليه وقياسه . الصوم وغيره ( ويلزم ) متيقظا ( إعلام نائم بدخول وقتها ) أي الصلاة ( مع ضيقه ) أي الوقت .
وظاهره : ولو نام قبل دخوله ; لأنه من الأمر بالمعروف المأمور به ، في قوله تعالى : { وأمر بالمعروف } وعلم مما تقدم : أن الصلاة لا تجب على كافر ، بمعنى : أنه لا يؤمر بها حال كفره ولا بقضائها إذا أسلم ، لما فيه من التنفير عن الإسلام . وإلا فهم مخاطبون بفروع الإسلام كالتوحيد ( ولا تصح من مجنون ) لعدم النية ، ولا تجب عليه ; لأنه ليس من أهل التكليف أشبه الطفل ، حتى لو ضرب رأسه فجن لم يجب عليه القضاء ، ولا على الأبله الذي لا يفيق .
( وإذا صلى ) كافر يصح إسلامه . حكم به ، لحديث مرفوعا { أبي هريرة } رواه نهيت عن قتل المصلين أبو داود . فظاهره : أن العصمة تثبت بالصلاة ، وهي لا تكون بدون الإسلام ولقول " من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا ، وصلى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا فهو المسلم . له ما للمسلم وعليه ما على المسلم " رواه أنس موقوفا . البخاري
والظاهر من قوله " وصلى صلاتنا " أنه لا يحكم بإسلامه حتى يصلي ركعة ; لأنه لا يسمى مصليا بدونها ، ولأن الصلاة على الهيئة المشروعة تختص بشرعنا أشبهت الأذان ، وسواء كانت بدار إسلام أو حرب جماعة أو منفردا ، بمسجد أو غيره ( أو أذن ولو في غير وقته ) أي الأذان ( كافر يصح إسلامه ) وهو المميز الذي يعقله ( حكم به ) أي إسلامه ، لإتيانه بالشهادتين . ومعنى الحكم به : أنه لو مات عقب ذلك غسل وكفن وصلي عليه ودفن بمقابرنا ، وورثه أقاربه المسلمون ، دون الكفار .
ولو أراد البقاء على الكفر ، وقال : صليت مستهزئا ونحوه . لم يقبل منه كما لو كان أتى بالشهادتين ( ولا تصح صلاته ) أي الكافر ( ظاهرا ) فيؤمر بإعادتها : لفقد شرطها ، وهو الإسلام ، وإن علم أنه كان قد أسلم واغتسل وصلى بنية صحيحة فهي صحيحة ( ولا يعتد بأذانه ) لفقد شرطه ، وهو الإسلام ، فلا يسقط به الفرض . ولا يعتمد عليه في صلاة وفطر ولا يحكم بإسلامه بإخراج زكاة ماله ، ولا [ ص: 127 ] حجه ، ولا صومه قاصدا رمضان