مسألة فيجب القطع بكذبهم العدد الكامل إذا أخبروا ولم يحصل العلم بصدقهم
لأنه لا يشترط في حصول العلم إلا شرطان أحدهما كمال العدد ، والثاني : أن يخبروا عن يقين ومشاهدة . فإذا كان العدد كاملا كان امتناع العلم لفوات الشرط الثاني فنعلم أنهم بجملتهم كذبوا أو كذب بعضهم في قوله إني شاهدت ذلك ، بل بناه على توهم وظن أو كذب متعمدا ، لأنهم لو صدقوا وقد كمل عددهم حصل العلم ضرورة وهذا أيضا أحد الأدلة على أن الأربعة ليسوا عدد التواتر ; إذ القاضي لم يحصل له العلم بصدقهم وجاز له القضاء بغلبة الظن بالإجماع ، ولو تم عددهم لكان انتفاء العلم بصدقهم دليلا قاطعا على كذب جميعهم أو كذب واحد منهم ، ولقطعنا بأن فيهم كاذبا أو متوهما ، ولا يقبل شهادة أربعة يعلم أن فيهم كاذبا أو متوهما .
فإن قيل : فإن لم يحصل العلم بقولهم وقد كثروا كثرة يستحيل بحكم العادة توافقهم على الكذب على اتفاق ويستحيل دخولهم تحت ضابط وتساعدهم على الكذب بحيث ينكتم ذلك على جميعهم ولا يتحدث به واحد منهم ، فعلى ماذا يجمل كذبهم وكيف يتصور ذلك ؟ قلنا : إنما يمكن ذلك بأن يكونوا منقسمين إلى صادقين وكاذبين ، أما الصادقون فعددهم ناقص عن المبلغ الذي يستقل بإفادة العلم ، وأما الكاذبون فيحتمل أن يقع منهم التواطؤ لنقصان عددهم عن مبلغ يستحيل عليهم التواطؤ مع الانكتام ، فإن كانوا مبلغا لا يستحيل التواطؤ عليهم مع الانكتام فلا يستحيل الانكتام في الحال إلى أن يتحدث به في ثاني الحال .
ونقل الشيعة نص الإمامة مع كثرتها إنما لم يفد العلم لأنهم لم يخبروا عن المشاهدة والسماع ، بل لو سمعوا عن سلف فهم صادقون ، لكن السلف الواضعون لهذا الكذب يكون عددهم ناقصا عن مبلغ يستحيل منهم التواطؤ مع [ ص: 111 ] الانكتام ، وربما ظن الخلف أن عددهم كامل لا يستحيل عليهم التواطؤ فيخطئون في الظن فيقطعون بالحكم ويكون هذا منشأ غلطهم .